يخوض بعض المثقفين والناشطين في الجمعيات المدنية في سوريا معركة حقوقية على هامش العمل لإصدار ”قانون الأحوال الشخصية الجديد”.. وصلت آثارها إلى حد إطلاق حملة وطنية لإلغاء المشروع الجديد، واصفة إياه بـ”قانون الطوائف والعنف والتمييز”.
وكانت رئاسة الحكومة السورية قد كلفت لجنة مختصة لإعداد ”مشروع” القانون الجديد، منذ العام ٢٠٠٧، وانتهت اللجنة من عملها في الأسابيع القليلة الماضية، ويُنتظر أن يتم عرضه على مجلس ”الشعب السوري” لإقراره.
ولكن قانون الأحوال الشخصية بنسخته الجديدة، أثار موجة من السخط والانتقاد في صفوف الكثير من السوريين، مثقفين وحقوقيين، الذين وصفوه بأنه ”يناقض وينتهك الدستور السوري، والاتفاقات الدولية، والأديان نفسها”. وازدادت الحملة ضد المشروع لدرجة وصفه بأنه يؤسس لـ”إمارة” وليس لدولة يتساوى فيها جميع المواطنين.
ووصل الأمر إلى حد تدخل شخصي من الرئيس السوري بشار الأسد، لمنع حصول أية تداعيات سلبية، فأوعز الأسد لعقد اجتماع عاجل مع وزير العدل السوري، دعيت إليه فعاليات دينية. وتتردد شائعات بأن رئاسة مجلس الوزراء أوقفت المشروع، لكن المناهضين لمشروع القانون الجديد يطالبون ”الحكومة” ببيان واضح حول هذه النقطة.
ويقول المعارضون للمشروع الجديد، إن مواد جديدة أضيفت إلى ”قانون الأحوال الشخصية الجديد” تجعله أكثر تخلفاً وقصوراً من القانون القديم الصادر عام ١٩٥٣. وأبرز تلك المواد المضافة السماح برفع دعاوى ”الحسبة” وإعفائها من الرسوم والضرائب والنفقات، وهو ما اعتبر تشجيعاً لإقامو هذا النوع من الدعاوى. و”الحسبة”.. هي دعوة يرفعها صاحبها مطالباً فيها -بدون تفويض- بحق غيره من البشر. ويخشى الحقوقيون أن يساء استخدام ”الحسبة” في بعض القضايا، مثل قضايا التفريق بين الأزواج، كما حصل مع المفكر نصر حامد أبو زيد في مصر على خلفية إصداره لأحد الكتب.
ومن المواد المثيرة للجدل، تلك المادة المتعلقة بالخيانة الزوجية في حال انعدام الشهود، وإنكار نسب الأولاد، حيث تلجأ المحكمة إلى ما يسمى في الشريعة الإسلامية ”اللعان”. ويأخذ المعارضون على ”المشرّعين” الذين أعدوا القانون الجديد اكتفاؤهم بمبدأ ”اللعان” وعدم أخذهم واستنادهم إلى نتائج المختبرات، لاسيما تلك المتعلقة بتحليل (دي. أن أ) وهي موجودة في سوريا.
كما أن القانون الجديد يثبت المادتين ١٩٢، ٥٤٨ من قانون العقوبات السوري، المتعلقتين بما يسمى ”جرائم الشرف” التي لا يعاقب عليها القانون السوري، وكانت مناهضات عدة قد حصلت في السنوات الأخيرة لإيقاف العمل بهاتين المادتين، على خلفية ارتفاع ”جرائم الشرف” في سورية. وكان قد انضم إلى حملات المناهضة تلك مثقفون وحقوقيون وفنانون وغيرهم.
ثمة أسئلة كثيرة تطلق على هامش هذه المعركة، إذ كيف يعقل أن تقوم الحكومة بإعداد القانون بشكل سري، ومن قبل لجنة سرية. وإذا كان صحيحاً أن المشروع سيطرح على ”مجلس الشعب” لإقراره، إلا أن المدة غير كافية، ومن غير المتوقع أن يقوم المجلس بدراسة وافية حول المشروع لكثافة مواده ولضيق الوقت.
المعارضون للقانون الجديد، يطالبون بالمساواة لجميع السوريين على أساس ”المواطنة” وليس على أساس الدين والطائفة والجنس، خاصة وأن شكل الحكم في سورية علماني.
Leave a Reply