لأنه أب حنون وكريم وتقدمي واشتراكي، قرر القائد التاريخي أن يسلم عائلته وأولاده وأحفاده ميزانية الدولة. عندها انتعشت السياحة في أوروبا وازدهرت أسعار الأجنحة الفخمة في الأوتيلات ودبت الحيوية في مخازن الأزياء والألبسة فيها.
تلقى القائد الملهم، رسائل شكر بسبب مساهمته في بث روح الاستهلاك في أسواق أوروبا، فمنح كل فرد من أسرته شهادة معلم محترف في إدارة الأعمال.
الناس في مملكته جياع في سجن كبير من العزلة والاحباط. كل ذلك لا يهم، فقبيلة الرئيس تدير شؤون البلاد والرئيس مشغول في ترجمة كتبه الثورية الى السنسكريتية والأوزبكية وكل اللهجات الإفريقية المحلية، وعائلته مهمومة ومشغول بالها، في ضبط ميزانية الدولة وممارسة هواياتها في السفر وشراء الألبسة المزركشة لإرضاء ذوق القائد النادر وتصميم ملابسه العجيبة الغريبة.
العباد في تلك البلاد أصابهم الترهل وداء التوحد واللامبالاة وفاحت رائحة النتن الجماهيري من أجسامهم وفاضت رائحة النفايات من أحيائهم. يسيرون بلا نشاط في درب طويل الى الثورة. ثورة لا وجود لها الا في كتاب زعيمهم الذهبي المحتار في أي طريق يمشي: طريق الوحدة أو طريق الانفصال، فهو تارة قومي وتارة عربي وتارة افريقي وأخرى اسلامي.
إنه قائد على درجة مهرج مودرن. يتلذذ في التحليل الثوري، والقاء القبض على من يفكر في بلاده. ساهم مساهمة فعالة في اخضرار ايرلندا ودعم ثوارها. تبرع بالملايين لمصاصي دماء العالم ليصفحوا عنه وعن ذنوبه في خطف الطائرات بسبب جموحه الثوري. والمضحك أنه حوّل بلاده الى صحراء يديرها حفنة من جماهيره المتخصصين في السمسرة واللصوصية وتنفيذ أوامر القائد وعائلته الذين يعتبرون أن بلادهم مثل الجريدة بعد قراءتها، يتم رميها في سلة مهملات دون أن يناقشهم أحد.
بعد أربعين سنة من التهريج والنط على حبال السياسة، وفشله في دخول التاريخ كقائد ملهم وزعيم معظم. ومن أجل أن يصفح عنه التاريخ ومعه الجغرافيا، قرر اعلان الجهاد المقدس، ليس لأجل القدس وأقصاه، ولا لرفع الظلم عن غزة والمعذبين فيها، بل أعلن الجهاد ضد دولة أوروبية منعت ولدا من أولاده من الدخول الى أراضيها. قام بهذا الإجراء لأن لديه فائضاً من الجماهير، عجز عن تصديره الى الخارج وعجز عن استهلاكه في الداخل بين الزنازين والعزلة عن العالم. ولأجل التخلص من ذلك الكم البشري الذي لا يعرف أحد في العالم كيف يحيا وفي أي ظرف يعيش.
لاشك أنهم شعب من بكاء أدمن الحزن والشقاء، وكل ذلك يُفرح الزعيم ويدخل البهجة الى قلبه المطاطي، ويرفع من بارومتر نشاطه ليستمر في شرح نظريته الثورية في قيادة الجماهير الشعبية.
من قريب ليس ببعيد، وقف التاريخ وابتسم. منح الزعيم القائد وسام المهرج الأول على كوكب الأرض، عندها بكى الزعيم من الفرح أدت إلى إصابته بلوثة من الكبرياء والعظمة انتظارا لخلوده الأبدي قريبا من نيرون، وهولاكو، وبالتأكيد بعيداً عن العزيز جحا!
Leave a Reply