رغم نمو الجالية العربية في ديربورن هايتس خلال العقدين الأخيرين، لا تزال دائرة الشرطة في المدينة تفتقد إلى التمثيل الكافي للعرب الأميركيين في صفوفها، رغم الجهود التي تبذلها في هذا الإطار.
وكشف قائد شرطة ديربورن هايتس لي غافين لـ«صدى الوطن» أن أبناء المجتمع المحلي يحجمون تماماً عن التقدم لطلب الانتساب إلى الدائرة، كاشفاً أنه شارك في العديد من الاجتماعات لمناقشة هذا الموضوع، وقد تبين أن هذا الإحجام ليس محصوراً في ديربورن هايتس، حيث تواجه شرطة مدينة ديربورن المجاورة، ذات الكثافة العربية العالية، مشكلة مماثلة، رغم وجود الرغبة بتعزيز صفوفها بالعناصر العرب بما يعكس تنوع المجتمع المحلي.
وأفاد غافين أن العرب الأميركيين المهتمين بالانضمام إلى سلك الشرطة يفضلون الانتساب إلى الوكالات الفدرالية، مثل شرطة الهجرة الجمارك والحدود والأمن الداخلي.
في حين لا يزال تمثيل العرب الأميركيين في شرطة ديربورن دون الحد المقبول قياساً لنسبة العرب الأميركيين المتنامية في المدينة، رغم انضمام شرطي عربي أميركي إلى صفوفها ليصبح إجمالي عدد العناصر العرب في الدائرة أربعة من أصل ٨٣ عنصراً!
أسباب الإحجام
أحد الأسباب التي عزا غافين إليها إحجام الشباب العربي في ديربورن وديربورن هايتس عن التوظف في سلك الشرطة هو عدم رغبتهم بالانخراط والعمل في مجال تطبيق القانون ضد أقاربهم وأصدقائهم، لاسيما وأن المدينتين تضم عائلات عربية كبيرة تربطها علاقات اجتماعية وقرابة، مشيراً إلى أن طبيعة عملهم قد تسبب لهم الإحراج في بيئتهم.
وأشار غافين إلى أنه قد نشأ وترعرع في المدينة وأنه يفهم شعور التعامل مع الأصدقاء والمعارف، مؤكداً في الوقت ذاته «أن العمل في سلك الشرطة هو وظيفة يجب القيام بها بشكل صحيح».
من ناحيته، أكد عضو المجلس البلدي المستقيل، توم بري، أن الضغط العائلي والاجتماعي يجب ألا يردع الشباب العرب الأميركيين في هذا الخصوص، لأن السبب الوحيد الذي سيدفعهم إلى توقيف الأفراد هو ارتكابهم للجنح والمخالفات القانونية.
وفي السياق ذاته، أكد عضو المجلس البلدي وسيم (دايف) عبدالله أنه يجب على الشباب العرب أن يدركوا أن القضية برمتها تتعلق بالسلامة العامة، ولا يجب أن ينظروا إلى سلك الشرطة كأداة قمع وعقاب للمدنيين. وقال «يجب التفكير في المسألة على أنها تهدف إلى حماية المجتمع وليس معاقبته».
مثالاً على قوله، أردف عبدالله «فلنقل أن شرطياً قام بتوقيف شخص يقود سيارته بسرعة 98 ميلاً بالساعة على شارع فورد، ما العيب في ذلك؟».
وأضاف «إن توقيف الشرطي لذلك السائق سيمنعه من إيذاء نفسه وإيذاء الآخرين على الطريق»، مشدداً على أنه يجب على العرب الأميركيين إعادة التفكير في فوائد الانتساب إلى قوى الشرطة وخدمتهم لمجتمعهم وبلدهم الذي يعطيهم الكثير».
واستطرد قائلاً «إن كنت تؤمن بحق من الحقوق وتؤمن بالحرية فعليك حماية ذلك الحق وحماية تلك الحرية في هذه البلاد.. وأنت من خلال الخدمة فقط تقوم بحماية الحقوق والحريات».
وعزا عبدالله ندرة المتقدمين العرب نحو وظائف الشرطة إلى طموحهم بالحصول على وظائف أعلى أجراً.
كما أن العديد من أبناء الجالية العربية لا يرون العمل في سلك الشرطة مهنة تلبي تطلعاتهم، وفقاً لبري الذي أضاف «أعتقد أنهم مضللون في هذا الشأن.. إن العمل في الشرطة هو مهنة ذات مصداقية وإنني أشجع المزيد من العرب الأميركيين -ذكوراً وإناثاً- للتقدم لوظائف شرطة ديربورن هايتس.. نحن جميعاً نساهم في بناء المجتمع على مختلف المستويات ومن المهم أن يكون لدينا أشخاص يمثلوننا في كل مستوى من مستوياته».
شرطي عربي جديد
وقال الشرطي اللبناني الأصل روني خوري (38 عاماً) إنه أراد على الدوام أن يصبح شرطياً اعترافاً بامتنانه للبلد الذي نشأ وترعرع فيه «وقدّم له أكثر من أي بلد في العالم».
وأشار خوري الذي هاجر إلى الولايات المتحدة في سن الـ19 عاماً إلى أنه قرر الانتقال للعمل في دائرة شرطة ديربورن هايتس بعد بضع سنوات من بداية حياته المهنية لدى شرطة مدينة ريفر روج، مؤكداً أنه شعر على الفور بأنه كان محل ترحاب في عمله الجديد.
وأضاف «إن الكثير من العرب الأميركيين يخشون الانضباط والالتزام بقواعد سلك الشرطة، ولكن لا ينبغي عليهم ذلك»، مشدداً أن كل ما عليهم هو اجتياز امتحانات أكاديمية الشرطة «مثل أي شيء آخر في الحياة، يجب التعامل معه واجتيازه».
خوري أيضاً عدد فوائد وإيجابيات العمل في شرطة ديربورن هايتس، ومن بينها أن عناصر الشرطة يعملون 15 يوماً فقط خلال الشهر، ولمدة 12 ساعة يومياً، ويعطلون لمدة 15 يوماً.
ووصف خوري دائرة شرطة ديربورن هايتس بأنها «واحدة من أفضل الدوائر الشرطية» لكونها تقدم معاشات تقاعدية ممتازة، مؤكداً أن «الانتساب إلى دائرة شرطة ديربورن هايتس أمر كبير».
شروط الانتساب
وحدد غافين شروط الانتساب بأن يكون المرشحون في سن الـ18 عاماً على الأقل، وأن يمتلكوا رخصة قيادة سارية المفعول، وأن يحوزوا 60 ساعة تعليم «كريديت» في الدراسة الجنائية.
أما هؤلاء الذين لم يتموا الدراسة الجنائية فعليهم أن يتمتعوا بخبرة عمل في سلك الشرطة لا تقل عن ثلاث سنوات، حيث تعادل كل سنة خدمة في سلك الشرطة 20 كريديت من الدراسة الجنائية.
كما يحتاج المرشحون أن ينالوا شهادة اللياقة البدنية من «لجنة ميشيغن لمعايير إنفاذ القانون» (MCOLES)، أو أن يسجلوا لفحوص أكاديمية الشرطة عند تقدمهم للوظيفة.
وقال غافين إن عناصر الشرطة يجب أن ينالوا ترخيصاً من قبل الولاية، وبالتالي يجب عليهم الدراسة لدى أكاديمية شرطة الولاية، حيث تمتد فترة تعليمهم لمدة أربعة أشهر وتكلف حوالي 6 آلاف دولار.
كما يحتاج المتقدمون إلى شهادة من شركة «إمبكو، إنك» المتخصصة باختبارات عناصر الشرطة في البلديات، أو على الأقل موعد محدد لإجراء الاختبارات عند التقدم بطلب الانتساب لشرطة ديربورن هايتس.
ويجب على المتقدم أن يكون سجله الجنائي نظيفاً وأن يتقدم بطلب التوظيف شخصياً، ويمكن العثور على الطلب عبر موقع الشرطة على شبكة الانترنت.
ويبلغ الراتب السنوي في البداية 36,160 دولاراً ويصل بعد خمس سنوات من الخدمة إلى 60,267 دولاراً.
حل ممكن
رئيس بلدية ديربورن هايتس دان باليتكو، قال إن المدينة تخطط لإطلاق برنامج تدريبي في العام القادم يهدف إلى تشجيع طلاب المرحلة الثانوية على الانتساب لسلك الشرطة، عبر إشراكهم في نشاطات الدائرة بدوام جزئي كمتدربين، لكي يتعرفوا على طبيعة العمل.
وأضاف «إننا نريد من الناس الذين يعملون في البلدية أن يكونوا انعكاساً لسكان المدينة، ولقد قمنا بمحاولات عديدة في هذا السياق وما زلنا بحاجة إلى المزيد من هذه المحاولات».
وأكد باليتكو أن البرنامج سيطلق في الخريف القادم حيث سيتم استقبال خريجي الثانويات للعمل مع الشرطة.
وأعرب عن أمله في أن ينجح البرنامج باجتذاب المرشحين، لاسيما وأن برنامجاً مماثلاً كان قد أطلق قبل 30 عاماً ونجح في أداء المهمة المنشودة، مؤكداً أن البرنامج «سيزيد بشكل كبير، التنوع في دائرة الشرطة».
غافين، بدوره، قال «إن ما هو عظيم حول برنامج التدريب أنه يمنح الطلاب الفرصة لاختبار أنفسهم فيما إذا كانوا مناسبين لكي يصبحوا عناصر شرطة». وأضاف «إذا كانوا مهتمين، فكل ما عليهم هو التقدم من خلال قائمة شروط الانتساب».
بري الذي أبدى إيمانه بالبرنامج قال إنه يأمل أن يساعد في «تعزيز طموحات شبابنا وقدرتهم في الانتساب إلى سلك الشرطة».
Leave a Reply