ما يثير الإنتباه، ويثوّر الوجدان، هو أن تجد الكثير من «المسلمين» يرون أنّ الإسلام كدين هو هو، لوحده لا شريك له، وأنّ المسلمين لهم حقّ الإستعلاء بإسلامهم على خلق الله، فهم في الجنّة وباقي الناس في أسفل درك من الجحيم، ولعلّ ذلك يوحي بأنه أضحى بديهياً عند العامّة والغالبية العظمى من أمّيي المسلمين!.
فالإسلام الذي يضمّ في ثنايا تشريعاته ما لا يمكن أن يجد مكاناً في الواقع، إمّا بسبب مرحلية هذه التشريعات وأنّها لم تعد اليوم قابلة للتطبيق فتبقى تراثاً مركوناً على الرفوف، وإمّا بتفسيرات المفسرين لها وكأنّك تعيش مع الموتى والمقبورين، أو في كهف من كهوف التاريخ! لم تعد طروحاتهم تلك قادرة على أن تأخذ مكانها في العقول ناهيك عن الدعوة لها بغية تفعيلها في حياة الأمم والشعوب!.
فليس كلّ التشريعات قابلة للتطبيق، وليست هي فوق النقد، وإذا خلصنا بربعها صالحاً للتطبيق فتلك نعمة نحمد الله عليها، وعلينا أن نعرضها عرضاً حضارياً، بعيداً عن روح الإستعلاء على أنّها من الله، فليس بالضرورة من تدعوه لقراءتها أن يكون مؤمناً بالله!.
وأنا متأكّد من أنّ التشريعات التي لها قابلية الإمتداد مع الزمن ستحظى بالقبول، بشرط أن تبعدها عن تشدد المفسرين، وأرباب المذاهب والمتطرفين.
وليكن معلوماً بعد أن تكشّفت كلّ مافي أيدي الناس ممّا أفادته التجربة البشربة الهائلة، والحراكات الحضارية الواسعة، لم يعد أمامنا إلاّ الإستجابة الواعية لكلّ هذا الجهد الذي وفّر للإنسانية نظاماً مدنياً قد يفوق إنجازات التشريع الذي قلنا عنه أنّه تشريع مرحلي، ولكنّ البعض منّا مازال يغطّ في نوم عميق ويريد أن يحكم الحياة بتلك التشريعات!!!.
وأمّا المسلمون فأرجو أن لا يكونوا كمّاً مهملاً، ولا غثاءً كغثاء السيل، ولا أدوات تتحرّك بإيعازات جاهلة مقصودة، لترمي بهم في آخر القافلة البشرية، أو خارج إطار التأريخ.
فليس للمسلمين وحدهم بإزاء غيرهم حقّ التقدّم عليهم إلاّ بما يقدّمون للبشرية من عطاء، ولا يتاح لهم ذلك إلاّ بالإنسجام مع الغير، ورائدهم في ذلك خير الناس من نفع الناس!.
Leave a Reply