مريم شهاب
قد تسمع هذا السؤال، عزيزي القارىء، مرات عديدة هذه الأيام من أناس كثيرين. ربما بشكل عابر أو بأسلوب جدّي لمعرفة تصوّرك لما سيحمله العام الجديد. أنت لست مطالباً بتقديم إجابات دقيقة حول أسباب تفاؤلك أو تشاؤمك أو بشأن خططك وأهدافك المستقبلية… فأنت ومن يسألك تعيشون على مسرح كبير اسمه الحياة، والإنسان فيه عاجز عن أن يكون صريحاً مع نفسه، فما بالك مع الآخرين. تراه يفتل ويدور حول شتى الأمور، ويقطع الطريق ويهبّط الحيطان على كل اجتهاد لمعرفة الواقع، ثم ينسب كل فعلٍ إلى غير فاعله، ويلعن الشيطان الرجيم.
هل أنت متفائل مثلاً بترداد أقوال وأفعال تعود بنا كل عام قرناً إلى الوراء؟ هل أن استماعك للحوارات والبرامج السياسية أو الاجتماعية المملة يدفعك للتفاؤل؟ أم أن ما تقرأه من تحليلات للوضع الراهن والسابق بأقلام جهابذة التحليل يجعلك ترى في الزعماء والسياسيين ما يغنيك عن ملل أو جوع؟
يدَّعون تمثيلك والعمل من أجل مصلحتك، يواظبون على المجيء إلى ديربورن لتفقد أحوالنا والاطلاع على أقوالنا والفرجة علينا، فتقام لهم الحفلات والاجتماعات فيأكلون ويشربون وعلينا يضحكون، ثم يصرّحون بالإجماع بأن الاجتماع كان مفيداً ومثمراً وتناول كافة القضايا والهموم والتطورات في المرحلة الراهنة الدقيقة جداً.
سوف يواصلون إطلالاتهم علينا بصورهم التي لا تنتهي ومن كل الزاويا. يمدوننا بالأخبار التي تطمئننا وتسعد خاطرنا. كل ذلك يجعلك تتفاءل… فتتساءل…
هل انخفضت فواتير التأمين والضرائب؟ هل تحسّنت الخدمات العامة في مدينتنا وولايتنا؟ هل التعليم في مدارس أولادك وصل إلى مستوى ما تعلمته قبل سنين طويلة تحت السنديانة؟ أم أن برامج الإعلاميين الجدد لم تعد تعكِّر مزاجك وتلَبّك مصارينك، وأصوات بعض المذيعين والمذيعات ما عادت تستفزّك وتجعلك تضرب الراديو بصرماية وئام وهّاب؟
هل ما سمعته من رشيدة طليب، عضو الكونغرس الجديد، وما وصفت به دونالد ترامب يدعو للتفاؤل؟ وهل أن إصرار ترامب على إنفاق المليارات لبناء سور مع المكسيك يدعو للتفاؤل أصلاً؟
هل الأمطار والسيول التي تعرض لها فقراء لبنان هي بشرى خير تدعو للتفاؤل؟ أم أن تحذير أحد النشطاء في ديربورن من «الدقّ» بزعيمه، لأنه فوق النقد وفوق المساءلة حول كل ما يحدث في لبنان؟
هل يجب أن تتفاءل عندما تسمع موعظات رجال الدين بأن لكل مصيبة سبب، وما مصيبة إلَّا بإذن الله عزَّ وجل، وأنك أنت العبد الفقير السبب الأكبر، فلا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم.
Leave a Reply