فـي وقت سابق من شهر ايار ٠مايو) الماضي، نشرت «صدى الوطن» تقريراً على الانترنت عن محنة أبوين لأحد التلاميذ تناول قلقهما بشأن بلطجة تستهدف ابنتهما البالغة من العمر ١٣ عاماً فـي مدرسة «لوري» المتوسطة.
ليلى جهير، تلميذة الصف السابع فـي «لوري»، تعاني من إعاقة سمعية وتضع سماعتين فـي الأذنين وتتلقى المساعدة من قسم التربية الخاصة للمعوقين فـي المدرسة.
ووفقاً لوالديها، شعرت ليلى بأن لا مكان لها بين أقرانها وتناول التقرير عن تعرض ابنتهما للمعاملة القاسية والبلطجة من قبل زملاء لها، معربين عن احباطهمامن أعضاء هيئة التدريس بالمدرسة.
وكان رد الفعل على نشر التقرير طاغياً من قبل جميع الأطراف المعنية. حيث فـي اليوم التالي، انهال الاهالي القلقون على ادارة المدرسة بالمكالمات الهاتفـية المستفسرة والمستنكرة.
وتلقت «صدى الوطن» نصيباً لا بأس به من ردود الفعل حول التقرير كذلك؛ فقد أشادت منظمة محلية به بسبب تصديه لموضوع عدم التحسس بقضية المعاقين. كما برز طلاب سابقون فـي المدارس العامة بديربورن الى الضوء ليفصحوا عن تجارب مماثلة تعرضوا خلالها للبلطجة عندما كانوا أصغر سنا.
ولكن ردود الفعل الأكثر أهمية كانت تلك التي صدرت تجاه جهير نفسها، ففـي غضون دقائق بعد نشر التقرير فـي صفحة «صدى الوطن» على الفـيسبوك والانترنت، قام والداها باطلاعها على تعليقات القراء الإيجابية المشجعة والملهمة التي كتبوها لها.
وفـي الأيام التي تلت ذلك، عادت ليلى إلى المدرسة حيث رحب بها الطلاب بأذرع مفتوحة. فأنشأ الطلاب على وسائل التواصل الاجتماعي، «هاشتاغاً» بعنوان فريق ليلى “TeamLayla”، خصيصاً لها.
واعرب أولياء الأمور والطلاب من مختلف أنحاء المنطقة عن دعمهم لأسرة ليلى. وقال والداها لـ«صدى الوطن» إن «هذا التقرير رفع الروح المعنوية لليلى وأضفى على حياتها الاجتماعية تأثيراً إيجابياً كبيراً». كما اتصل العديد من المواطنين بأسرة جهير للثناء عليها لمشاركة قصتها مع الآخرين.
لكن لم يكن الجميع راضين عن المقال حيث إنَّ أعضاء هيئة التدريس فـي مدرسة لوري المتوسطة أعلنوا أنّ المقال «رسم صورة سلبية ومضللة حول المدرسة» وقالوا انهم لم تتح لهم الفرصة «للرد على هذه المزاعم». لكن للحقيقة فقط، لاقت اتصالات الجريدة المتعددة بإدارة مدرسة لوري آذاناً صماء.
وبعد فترة وجيزة من نشر التقرير، التقت «صدى الوطن» مع مكتب المشرف التربوي العام لمدارس ديربورن ومدير المدرسة وأعضاء هيئة التدريس بمدرسة «لوري» المتوسطة لمعالجة المخاوف من التعامل الخشن والبلطجة بعد ان اثارت قصة ليلى جهير ردود الفعل الواسعة.
كان من بين مَن حضر الاجتماع، المشرف التربوي العام براين ويستون ومدير الاتصالات ديفـيد موستونين ومساعدة المشرف العام غيل شانكمان ومديرة مدرسة لوري ريما يونس والمدير المساعد للمدرسة مايك العسيلي والعاملة الاجتماعية ليزا كانينغهام ومعلمة التربية الخاصة غنوة شرف الدين والمستشار الأكاديمي حسن دكروب.
ولأسباب قانونية بحتة، لم تصدر ادارة التربية فـي ديربورن تصريحات علنية حول ادعاءات أسرة جهير. غير أنها كشفت عن معلومات حول التدابير الاستباقية التي اتخذتها المدرسة لمكافحة التعامل الخشن والقاسي والبلطجة ودحض الادعاءات بأن الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة يتعرضون لسوء المعاملة من قبل طلاب آخرين.
ووفقا لمديرة المدرسة ريما يونس «يمكن للطلاب والمعلمين أن يبلغوا عن التعامل القاسي والبلطجة بشكل سري من خلال صندوق الإبلاغ السري الخاص «سيف» (SAFE) أو على الموقع الإلكتروني للمدرسة. كما ان المعلمين مزودون بمجموعة من الأدوات لمكافحة أي تصرف خشن وقاسٍ او بلطجة، وهناك تعليمات بشأن الأنشطة الرامية إلى إشراك الفصول الدراسية بذلك».
وأشارت ريما يونس إلى «أن جميع أعضاء هيئة التدريس – من المعلمين إلى الحراس إلى سائقي الحافلات – مدربون على التعامل مع أي تصرف خشن عنيف والإبلاغ عنه بشكل صحيح. ويعقد أعضاء هيئة التدريس أيضاً بعد انتهاء الدوام المدرسي الحلقات الخاصة لتثقيف وتوعية الطلاب حول البلطجة فـي كثير من الأحيان». وتتضمن التدابير المتخذة فـي المدرسة تعهداً بمكافحة العنف، حيث يتم تعليم الطلاب احترام بعضهم البعض والإبلاغ عن أي عنف يشاهدونه. وقالت يونس «ان صداقات كثيرة نمت بين الطلاب نتيجة الكيفـية التي استجاب لها أعضاء هيئة التدريس لقضايا العنف والبلطجة».
وأضافت «لدينا فريق دعم كبير. كل واحد منا يأخذ التنمير على محمل الجد وهدفنا هو عدم تعليق دراسة التلميذ. نحن نحاول بناء العلاقات بين الطرفـين ونحاول بناء تعاطف، حتى يتسنى لنا وأد المشكلة فـي مهدها، وحتى ولو لم تكن عنفاً – ربما صراع مصالح مثلاً – فنقوم بدعوة المتنازعين للجلوس مع بعضهم البعض خلال فترة الغداء ونلتقي مع الطلاب بعد انتهاء دوام المدرسة».
لكن إدارتي التربية والمدرسة تدركان تماماً أن برامجهما ليست محكمة وخططهما ليست واقية مئة بالمئة، لأن السلوك العدواني قد يكون غير متوقع أو قد يمر من دون الإبلاغ عنه.
وهناك بعض الحالات التي تحدث فـيها حالات البلطجة خارج نطاق سيطرة المدرسة. ومثال على ذلك إذا قام الأصدقاء بوضع بطاقة عيد ميلاد على خزانة الطالب الآخر، هنا من الصعب لأعضاء هيئة التدريس رصد ما هو مكتوب فـي هذه البطاقة.
ويبدو أن ذلك كان حال ليلى خلال عيد ميلادها هذا العام. حيث تركت والدتها بطاقة عيد ميلادها ملصقة على خزانتها فـي المدرسة كي يتسنى للمعلمين والأصدقاء بالتوقيع عليها وتهنئتها. إلا أنَّ بعض الطلاب تركوا عليها خربشات وتعليقات مهينة، أدت الى إيذاء مشاعر ليلى واحباطها فـي هذه العملية.
ووفقاً للمدرسة، فإنَّ تعليق بطاقة عيد ميلاد على خزانة الطالب هو نشاط لا يشجع عليه أعضاء هيئة التدريس. لكن والدة ليلى تعتقد بأنه يحق لابنتها ما يحق لباقي الطلاب الذين تلقوا تمنيات وأماني حارة من أقرانهم فـي مناسبة عيد ميلادهم.
فـي السنوات الأخيرة، طغت وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها الطريقة الشائعة أمام الطلاب للتنمير على بعضهم البعض بعد دوام المدرسة. وأشارت ادارة التربية الى أنه مطلوب التدخل عند وقوع تأثير فـي هذه الوسائل خلال ساعات الدوام المدرسي. وأضاف ويستون ان «الموقف الذي اتخذناه من أننا إذا كنا نعتقد أنها (البلطجة) ستؤثر على اليوم الدراسي، فإننا نقوم بالتدخل» وأردف «نحن ندعو الآباء ونطلب منهم أن يعالجوا الأمور. من وجهة نظر قانونية صارمة افادت المحاكم أن هذا التدخُّل لا يجب ان يحدث خلال الدوام الدراسي، ولكن إذا كنا نعتقد أنه سوف يؤثر علينا فسوف نتخذ الإجراءات اللازمة».
ولاحظت إدارة المدرسة «ان الوضع يتطلب عدة مقاربات للعمل مع أولياء الأمور، ولكن لا يتوقع أن تكون جميعها مرضية لهم».
إذا كان أحد الوالدين لديه مشكلة مع طالب آخر، فإن هيئة التدريس تنظر فـي القضية ولكن قد لا تكون قادرة على الكشف عن مزيد من المعلومات حول الطالب الآخر. وأكدت يونس أنه «فـي معظم الحالات، ينصرف الآباء وهم راضون كلياً عن كيفـية تعامل المدرسة مع وضع أولادهم».
وتابعت «اذا كانوا يغادرون وهم غير سعداء فالسبب يعود الى تركيزهم أكثر على الطالب الآخر. إننا لا يمكننا الكشف عن هذه المعلومات، ولا يمكن تبادل المعلومات حول أي شخص. وقد يخلطون تصوراتهم مع كيفـية التعامل مع هذا الوضع ولكن علينا أن ننظر بشكل واقعي ونشرح لهم الاحتياطات اللازمة المرتبطة بالقضايا التي تهمهم». ولأن مدرسة لوري تتضمن صفوفاً من الحضانة حتى الصف الثامن، فهي واحدة من مدرستين فـي المنطقة حيث يواظب فـيها التلاميذ ليصلوا إلى سن العشر سنوات. وأشار أعضاء هيئة التدريس إلى أنهم يبدأون بالتأكيد على مظاهر الاحترام والنزاهة والإحساس المرهف مع طلابهم فـي سن مبكرة جداً، بحيث يتم تضمين ذلك فـي حياتهم اليومية حتى الوقت الذي يدخلون فـيه المدرسة الإعدادية.
وقال ويستون ان مدرسة لوري عاماً بعد عام هي دائماً إما رقم واحد أو رقم اثنين من حيث تفضيلها من قبل الآباء واختيارها وتفضيلها على مدارس أخرى حسب قانون حرية انتقاء المدرسة (سكول أوف شويس).
ويشجع أعضاء هيئة التدريس فـي «لوري» الطلاب على المشاركة فـي الأعمال الخيرية على مدار السنة. ففـي شهر أيلول (سبتمبر) الماضي جمع الطلاب تبرعات بقيمة ٧٠٠ دولار من خلال حملة «المشي من أجل الإنسانية»، وفـي شهر كانون الأول (أكتوبر) شاركوا فـي «توعية شهر السرطان» فجمعوا ٥٠٠ دولار أيضاً لـ«جمعية الوقاية من السرطان». وفـي شهر تشرين الثاني (نوفمبر) ساهموا فـي برنامج «باستا أوليف غاردن مقابل سنتات» وجمعوا ألف دولار من التبرعات.
أما فـي كانون الأول (ديسمبر) فقد جلب الطلاب أكثر من ٥٠٠٠ من المواد الغذائية المعلبة لحملة الغذاء للفقراء. وفـي كانون الثاني (يناير) جمعوا ألف دولار أخرى لبرنامج «قبعات الجياع». وفـي الشهرين السابقين، جمع الطلاب ٥٠٠ دولار لمركز «بيرنيغتون للمكفوفـين»، و٥٠٠ دولار اخر «للتوعية حول مرض التوحد».
واكدت مديرة المدرسة انَّ طلابها بشكل عام هم حساسون وغالباً مرحبون بالطلاب ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة. وزادت المديرة بالقول إنها لم تر أو تسمع بأي طالب أساء معاملة طالب آخر من ذوي الإعاقة.
وخلصت يونس إلى القول «أنا لم أر قط هذه المسألة فـي مبناي، بل أرى التعاطف واللطف وأجد التواصل والتعاضد بين الطلبة. الضيوف الذين يأتون الى المدرسة يعلقون بالمعنى نفسه فـي كثير من الأحيان. ويختلط «طلاب التعليم الخاص» مع طلاب المدارس الآخرين كما ان الطلاب لا يألون جهداً فـي مساعدة نظرائهم. هذا جزء من ثقافتنا. والوعي هنا هو حقيقة ملموسة».
Leave a Reply