في الثالث والعشرين من أيار (مايو) إنطلقت أحداث مؤتمر أمة الرابع في العاصمة الأميركية واشنطن، وقد ذكر المنظمون أن عدد المشاركين تجاوز 1500 شخص من كل الولايات الأميركية، وأضاف المشرفون على المؤتمر إن نسبة النجاح كانت مرضية، ولكن ساد شعور عند النخبة من المشاركين أن المؤتمر كان ضعيفاً هذه السنة ويعزون الأسباب الى ما حواه جدول أعمال المؤتمر من أجندة البحث التي لم ترقى الى مستوى التحديات التي توجه المسلمين في أميركا أو في العالم، فبرغم من إقامة المؤتمر في أهم عاصمة في العالم – واشنطن – حيث الإعلام الواسع الإنتشار، وحيث تركيز أنظار العالم على ما يدورفي هذه العاصمة ويحرك معظم القضايا الساخنة في العالم، يقول المراقبون إن توجه المؤتمرالى معالجة قضايا لا تتناسب وتتناغم مع هموم المؤتمرين من أبناء المسلمين في الولايات المتحدة الأميركية هي سبب إمتعاضهم، فبدل أن يناقش المؤتمر مشكلة التضامن بين المسلمين التي أشعلتها المؤامرات الصهيونية وصنعت منها الحروب بين المسلمين وإستباحة دمائهم وقتل بعضهم البعض على الهوية المذهبية.
ركز المؤتر على الحديث عن مسائل في غاية الخصوصية مثل القراءة الحسينية والعزاء وما شابه ذلك ونسي المنظمون لهذا المؤتمر أن مشكلة أبناء المسلمين في أمريكا ليست النقص في فهم العلاقة بينهم وبين تراثهم المذهبي، وإنما الكارثة هي ثقافة التغريب وفصل المسلمين في الغرب عن قضاياهم وبدل أن يضع المؤتمر في أولوياته دراسة حالة الضعف والتراجع للأمة الاسلامية وحالة التخلف في الكثير من مجالات الحياة وأهمها عدم القدرة على التعايش والعيش المشترك بين بعض المختلفين على المصالح ، كذلك عدم الإستطاعة على التفاهم والتحاور في ابسط أمورهم، إلا بسلاح التكفير ثم القتل وسفك الدماء، حتى صارت الأمة مهزلة المهازل في هذا الزمان، وصار كبير القوم لا علم عنده صغيراً إذا التفّت عليه المحافل، فلا مؤتمر ناجح ولا قمة موفقه فكل ما يكتب على الورق هو حبر لا يتعدى أروقة الفنادق والصالات ، هذا إذا أتفقوا وإلا في معظم القضايا لا يخرج المؤتمرون آلا بفضيحة ثنائية أو ثلاثية سرعان ما تستلمها شعوب الأمة فينتصر هذا الشعب لذاك الطرف وينتقم ذالك الشعب لهذا الطرف، ومع مزيد الأسف إن مؤتمراتنا الأهلية التي تدار وتنظم من مؤسسات مدنية تتمتع بنسبة من الحرية والاستقلالية أصيبت بالوباء نفسه، فما من مجلس أمانة لمركز أو مؤسسة أو منظمة يكون هدفها التبشير بالدين والدفاع عنه تتميز بالأخلاص الكامل لأهدافه السامية للمؤسسة أو المنظمة أو المركز، كما حصل في مؤتمرنا المبجل مؤتمر أمة، وعلى مدا ثلاثة أيام كان الخلاف بين ألأعضاء خرج عن السيطرة وأثر على المحاضرين، بأستثناء النائب المسلم الوحيد في مجلس الشيوخ الأميركي، وللأمانة كانت كلمته غاية في الأهمية لرسالة المؤتمر فقد بعث الأمل في نفوس المسلمين بتجربته في الوصول الى مجلس الشيوخ وقال: لا تفقدوا الثقة للوصول الى أي مركز سياسي في هذا البلد إذا كان الجد والمثابرة وإقناع الجمهور بالإخلاص الى الوطن وضرب مثالاً عن المطرب الذي وصل الى مجلس الشيوخ وهو يفتقر الى اللغة السياسية، وحث الشباب الى السعي للوصل الى مناصب رفيعة.
إن المنظمين للمؤتمر يدركون أن الأمة الإسلامية لم يعد بمقدورها أن تنكر أن الأسباب الكامنة وراء الظروف المزرية التي تعيشها اليوم يجب التصدي لها ومعالجتها معالجة شمولية من خلال بناء القدرات وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام وحضارته ليس بالشعارات وإنما بالكفاءات والقدرات، وذلك بتحقيق طموحات الشباب المسلم الأميركي الذي يشعر بخيبة الأمل من خروج أمته من مآسيها، وتطمح إلى تحقيق ئومكانة لائقة لها على الساحة الدولية، آخذاً في الحسبان التطورات الهائلة في النظام العالمي وضرورة التخطيط الاستراتيجي لمواكبة هذه التطورات بالطرق التي تحفظ للعالم الإسلامي مصالحه العليا، وتمكن الأمة من المحافظة على هويتها وحضارتها وقيمها الإنسانية السامية.
Leave a Reply