تركيا غاضبة .. وعاجزة بعد إسقاط طائرة عسكرية
خاص لـ”صدى الوطن”
يتصدّر مؤتمر مجموعة العمل الدولية حول سوريا المقرر عقده في جنيف يوم السبت القادم مشهد الخلفية الدولية إزاء أحداث الساحة السورية المتوترة، التي تشهد اتساع أعمال العنف في ظل محاولات دمشق الحثيثة لاحكام السيطرة عبر الحسم العسكري في بعض المناطق، وسط إعلان دمشق عن تشكيل حكومة جديدة تضم شخصيات معارضة يأمل السوريون ان تلبي طموحاتهم في إخراج البلاد من مطبات الازمة الداخلية التي وصفها الرئيس السوري بـ”الحرب الحقيقية”.
وعلى الصعيد الإقليمي أيضاً تصاعد الخلاف مع الجارة تركيا عقب حادثة اسقاط الدفاعات السوريّة الجوية للمقاتلة التركية ما اعاد تصريحات الحكومة التركية الى واجهة التصعيد الدولي ضد سوريا بعد غياب نسبي، دون تمكن أنقرة من الرد على الحادثة عملياً حتى الآن.
تركيا لن تتسامح بعد اسقاط طائرتها
وتزايد خلال الأسبوع الماضي التوتر على الحدود السورية–التركية عقب اسقاط سوريا طائرة تركية دخلت الاجواء السورية، وما تزال ردود افعال تركيا مثار استفهام، فبعد ان استخدمت تركيا لهجة مخففة في البداية عادت لتثير المسألة بين أروقة حلف شمال الاطلسي (الناتو)، وبينما أدان الحلف اسقاط الطائرة بعد عقده لاجتماع طارئ استجابة للدعوة التركية أعلن عدم نيته اتخاذ اي إجراءات عسكرية هجومية ضد سوريا.
وشدد رئيس الوزراء التركي رجب الطيب اردوغان أمام أعضاء الكتلة البرلمانية لـ”حزب الحرية والعدالة” على ان بلاده ستتابع قضية اسقاط الطائرة وفق ما تقتضيه المواثيق الدولية، وأعلن ان مرحلة جديدة قد بدأت عقب هذه الحادثة لن تتسامح فيها تركيا مع أي شكل من أشكال المخاطر الأمنية التي يشكلها النظام السوري على حدودها معه ولن تصمت في مواجهتها. وأعلن أردوغان ان كل عنصر عسكري يقترب من تركيا آتيا من الحدود السورية يمثل خطرا أمنيا سيُعتبر تهديداً عسكرياً وسيعامل كهدف عسكري.
وذكرت وسائل الإعلام التركية، أن أنقرة أرسلت رتلا من الآليات العسكرية وبطارية صواريخ أرض-جو إلى حدودها مع سوريا.
ومن جهتها، أكدت دمشق ان الطائرة التركية انتهكت “بشكل صريح” السيادة السورية مما تحتم على الدفاعات الجوية السورية التعامل على الفور مع الطائرة التركية التي حلقت على ارتفاع 100 متر داخل الأجواء السورية بعد يوم واحد من فرار طيار سوري بطائرته الى الأردن. وجاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي ان “الطائرة تتبع القوات الجوية التركية ومن طراز “فانتوم إف 4″ واسقطت بنيران رشاش ارضي مضاد للطائرات مداه الأقصى 2.5 كيلومتر فقط وليس بواسطة صاروخ موجه بالرادار”، مؤكداً على أن سوريا متمسكة بعلاقات حسن الجوار مع تركيا و”لا تحمل أي عدوانية تجاه الشعب التركي على الرغم من التوتر الذي يحكم العلاقة بين البلدين”.
واستطاعت سوريا ان ترسل رسالة تحذير عبر اسقاط الطائرة مفادها أنها لن تسمح لأي طيران خارجي باختراق مجالها الجوي، في حين تتحدث مصادر عن ان دخول الطائرة التركية كان نتيجة عمل استخباراتي متصل بهروب الطائرة السورية الى الأردن وكان يهدف الى قصف مواقع حساسة تحت عنوان الانشقاقات في سلاح الجو السوري أو أقله اختبار الدفاعات الجوية السورية، لكن حتى الآن ما تزال أسباب دخول الطائرة التركية مبهمة.
ومازالت عمليات البحث عن الطيارين التركيين مستمرة في المياه الاقليمية السورية، وقد عثرت السفن التركية بالتعاون مع السفن السورية على حطام الطائرة مع خوذة الطيارين.
مجموعة العمل الدولية حول سوريا
تستعد كل من الدول الخمس الكبرى الاعضاء في مجلس الأمن إلى جانب العراق و الكويت وقطر وتركيا إلى حضور مؤتمر جنيف يوم السبت القادم لمناقشة الأزمة السورية التي بدأت منذ أكثر من عام، علماً أن إيران والسعودية غير مدعوتين الى الاجتماع الممثل بوزراء الخارجية، لكن بحسب ما أعلن الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة مارتين نيسيرسكي فإن عنان “سيطلع طهران على نتائج اجتماع جنيف” متأملاً مشاركة إيران في محاولات حل الأزمة السورية.
وفي ظل ارتفاع مستوى العنف في سوريا والذي يحول دون استئناف عمل بعثة المراقبين، فإنه سياسياً سيناقش كلّ وزير خارجية خلال مؤتمر العمل حول سوريا تصوّر بلاده حول إمكانية إنهاء العنف في البلاد في محاولة لايجاد أرضية مشتركة لتسوية الاأزمة السورية، وستتطرح مجموعة العمل الخطوات والإجراءات لضمان التنفيذ الكامل لخطة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان وقراري مجلس الأمن رقم 2042 و2043، وايضا الوقف الفوري لكل اشكال العنف.
وفي الوقت الذي يعوّل دوليا على جهود انجاح الاجتماع للوصول الى حلّ توافقي حول سوريا، تصرّ واشنطن على ضرورة مناقشة الانتقال السياسي للسلطة بعد رحيل الاسد، وايدتها في ذلك فرنسا على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو حيث اعلنت ضرورة طرح مبادئ ومراحل انتقال ديمقراطي في سوريا ووقف القمع وحرية وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين. في حين تتفاءل روسيا بمجموعة العمل التي جمعت الدول الخمس الكبرى وتؤكد على حضورها ممثلة بوزير خارجيتها سيرغي لافروف الذي لن يمنعه عدم الحضور الايراني من التواجد في المؤتمر مؤكداً أنه “يجب انتهاز هذه الفرصة ، لكن ذلك يتطلب جمع كل الجهات ذات التأثير في الأوضاع، ولا شك في أن إيران من بينها” معلنا يوم الخميس الماضي ان “استبعاد ايران من محادثات جنيف خطأ”.
ومن ناحيته، استبق الأسد مؤتمر جنيف بالتأكيد على رفض دمشق أي حل يفرض من الخارج، مشدداً على أن واجب الحكومة اجتثاث “الإرهابيين” لإنقاذ آلاف الأرواح.
وقال الأسد، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الإيراني بثت الخميس الماضي، إن حلاً يفرض على سوريا من الخارج غير مقبول، لأن السوريين وحدهم يمكنهم حل أزمة بلدهم. وأضاف، في المقابلة التي استمرت ساعة، “أي نموذج غير سوري غير مقبول، حتى لو كان من دول كبرى او صديقة، لأنه لا أحد غيرنا يعرف كيف تحلّ المشكلة”، مؤكداً أن “الضغوط لم تؤثر على سوريا حتى الآن ولن يكون لها تأثير في المستقبل”.
سفينة الشحن المحملة بمروحيات لسوريا ترفع العلم الروسي
وفي سياق متصل، ذكرت وكالة أنباء “انترفاكس” أن سفينة الشحن التي حاولت تسليم مروحيات عسكرية لسوريا ومنعت من مواصلة طريقها بعد رفع التأمين عنها، عادت الى ميناء مورمانسك بعد اعتراضها من السلطات البريطانية، باتت ترفع العلم الروسي بعد أن كانت ترفع علم جزيرة من جزر الانتيل وأعادت انطلاقها من ميناء مورمانسك الروسي برفقة مدمرة روسية في رسالة من موسكو لا تخلو من الدلالات. وكانت سفينة الشحن “ام في الايد” اضطرت إلى العودة أدراجها قبالة سواحل اسكتلندا من دون أن تتمكن من تسليم المروحيات العسكرية الروسية لدمشق بعد إنكشاف معلومات عن مهمتها.
وكانت شركة تأمين بريطانية أعلنت الأسبوع الماضي أنها ألغت تأمين سفينة الشحن الروسية بسبب هذه المعلومات ما يمنعها من الرسو في أي مرفأ خلال رحلتها. وكانت وقتها ترفع علم جزيرة كوراثاو (الانتيل الهولندية). وأقر وزير لافروف بأن السفينة كانت تنقل مضادات أرضية ومروحيات هجومية مطورة سيحتاجها الجيش السوري في محاربة المجموعات المسلحة لاسيما في المناطق الحدودية مع تركيا. وتؤكد موسكو أنها لا تسلم دمشق أي معدات يمكن أن تستخدم في قمع التظاهرات ولا تنتهك أي قواعد أو حظر دولي.
حكومة حرب
وعلى المستوى السياسي الداخلي، ضمت الحكومة للمرة الأولى ثلاثة أعضاء معارضين، وانضم إليها 23 وزيراً جديداً بينهم ستة وزراء من أحزاب الجبهة الوطنية فيما استحدثت مناصب وزارية جديدة من ضمنها وزارة المصالحة الوطنية، وضمت الوزارة ثلاث نساء فيما جرت تسمية اربعة نواب لرئيس مجلس الوزراء.
وخلال كلمة توجيهية القاها الرئيس بشار الأسد للحكومة الجديدة أكد “أن سوريا تعيش حالة حرب حقيقية بكل جوانبها، وبكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، عندما نكون في حالة حرب فكل سياساتنا وكل توجهاتنا وكل القطاعات تكون موجهة من أجل الانتصار في هذه الحرب”، وقال الأسد ان سوريا تريد بناء علاقات جيدة مع كل دول العالم مع معرفة أين هي مصالح سوريا الدائمة وليس المرحلية، واعتبر الرئيس الاسد “أن الغرب يأخذ ولا يعطي واتخذنا قراراً بالتوجه شرقاً، وهناك بدائل حقيقية مع هذه الدول ويجب أن نساعد القطاع الخاص ليتمكن من بناء علاقة حقيقية مع تلك الدول”.
ارتفاع مستوى العنف
وتصاعدت خلال الأسبوع الماضي الاشتباكات بين الحكومة ومجموعات المعارضة المسلحة في كثير من مناطق البلاد لكنها تركزت في ريف دمشق ودير الزور وريف حلب التي شهدت مجزرة في دارة عزة قتل فيها 26 شخصا من مؤيدي النظام السوري على ايدي مجموعات مسلحة كما خطف عدد آخر، فيما تواصل قوات الجيش السوري عمليات الحسم في مناطق عدة من حمص لتشهد كل من احياء البياضة وجورة الشياح وباب تدمر ودير بعلبة اشتباكات عنيفة مع المسلحين، وفي دمشق اغتيل المسؤول العسكري في “حماس” كمال غناجة في منزله في العاصمة السورية وتجري التحقيقات لمعرفة الجهة التي تقف وراء العملية.
وفي خطوة تهدف الى إسكات الاعلام السوري الرسمي، استتباعاً لعقوبات أوروبية وتوصيات خليجية بحجبه عن الأقمار الصناعية العربية، تعرّض مبنى قناة “الاخبارية” السورية في منطقة دروشة بريف دمشق الى تفجير من قبل مجموعات مسلحة وقتل ثلاثة من العاملين فيه وثلاثة عناصر أمن يحمون البناء كما نكّل بجثثهم وقطّعت أوصالهم. وبحسب شهود عيان فإن المسلحين قاموا بتفجير عبوات ناسفة على الطرق المؤدية الى مبنى القناة لمنع وصول أي نجدة للمساعدة كما قاموا بوضع عبوات ناسفة في أماكن متعددة داخل المبنى، وبعد أن أحرقوا المبنى وقتلوا ستة من العاملين فيه سرقوا محتويات تقنية حديثة من مبنى القناة، وتأتي هذه الخطوة مكملة لما فرضه الاتحاد الاوروبي من عقوبات على الفضائيات الرسمية والتي استكملت بطلب مجلس الجامعة العربية من ادارتي قمر “نايل سات” و”عرب سات” بوقف بث الفضائيات السوريّة، والذي قوبل بالرفض. وقال وزير الاعلام في الحكومة الجديدة عمران الزعبي أن “مجزرة ارتكبت بحق الإعلاميين في قناة الاخبارية وجاء هذا الفعل كترجمة حرفيّة وأمر عمليات من مجلس جامعة الدول العربية لتنفيذ قرار منع البث الفضائي بالقوة”، مؤكداً “أنه صدرت الحزمة 16 من العقوبات على الإعلام السوري وقد نفذت هذه العقوبات فعليا ولكن على حساب أرواح المدنيين والإعلام والصحافة”.
كما شهد ظهر يوم الخميس الماضي انفجار عبوتين ناسفتين في مرآب القصر العدلي في ساحة المرجة بدمشق مما ادى الى اصابة ثلاثة أشخاص وإحراق 20 سيارة فيما وجدت عبوة ناسفة ثالثة بنفس المكان كانت ايضا معدة للإنفجار.
Leave a Reply