إختتم مؤتمر «الحوار بين الأديان من أجل السلام» أعماله مساء الخميس الثالث عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري والذي نظمته هيئة الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية بمشاركة حوالي 50 دولة بإصدار بيان مشترك يعكس تمسك المشاركين بدفع الحوار بين الأديان ودعم التسامح بينها ونبذ العنف والإرهاب.وتعهدت الدول المشاركة في المؤتمر، الذي نظم بمُبادرة سعودية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، باحترام جميع الأديان. وأشار المشاركون إلى أن ذلك من شأنه أن يساعد على حل عدد من الصراعات والنزاعات في عدد من بؤر التوتر في العالم، كما اتفق المشاركون في المؤتمر على رفض استخدام الدين لتبرير الأعمال الإرهابية وقتل المدنيين الأبرياء وأعمال العنف والإكراه، حيث أعربت الدول مشاركة عن شعورها ببالغ القلق إزاء تنامي التعصب وانعدام التسامح والتمييز والعنصرية ضد جميع الأقليات الدينية في مختلف انحاء العالم.التحدي يكمن فـي مصداقية وأهداف المؤتمرإن حجم المعارضة لهذا المؤتمر قبل إنعقاده وبعد صدور بيانه تؤكد عمق الهوة بين المبادرين والداعمين لهذا الحوار وبين المعارضين والمشككين في أهدافه، في الوقت الذي لا يشك أحد من صدق نوايا الملك عبدالله، فإن إعتقاد غالبية المتخوفين من هذا الحوار وما أفرزه من إتاحة الفرصة للكيان الغاصب الذي يتناقض وجوده مع عنوان المؤتمر، وإتاحة الفرصة الذهبية التي كان يتمناها هذا النظام لإعتلاء منبر الأمم المتحدة ويقول للعالم أنه يحب السلام وأنه مظلوم من الدول التي تحيط به، وما يؤكد إعتقاد المعارضين من كل التوجهات الدينية المعتدلة منها والمتطرفة ومن القوى السياسية التي تتفق مع المملكة أو تختلف معها في أجندة الشرق الأوسط ، كل أولئك يتفقون على أن فوائد مؤتمر حوار الأديان معظمها تصب في مصلحة الكيان الغاصب وإدارة بوش المنتهية لتثبيت مشاريعهم التوسعية تحت غطاء حماية الأديان من المتطرفين.ويعتقد المعارضون أن كلمة الرئيس بوش في المؤتمر التي دافع فيها عن حق أي شخص في تغيير دينه، قال فيها «إن حماية الحرية الدينية كانت الدافع وراء الحروب التي خاضتها بلاده في كوسوفو وأفغانستان والعراق وأنها وفرت حماية للمسلمين هناك».. ماذا يعني هذا الكلام بالنسبة لأصحاب الديانات السماوية أن يقرر رجل يملك القوة ويقوم بغزو وإحتلال الأوطان ويبيد الناس في أوطانهم بأسلحته المحرمة ثم يقول أنه أقام الحروب من أجل حماية وحرية الدين، وأما إعتبار أن السبيل الأفضل لصون الحريات الدينية هو السعي لإقامة حكم ديمقراطي، وأن الدولة الديمقراطية هي تلك التي تفسح المجال أمام الناس أياً كانت خلفياتهم الدينية وأيا كان أيمانهم. إذا كان هذا القانون مطبق في بلاده! وأن كان فيه شك لما يعانيه المسلمون من تمييز ومراقبة منذ 11 سبتمبر وحتى الآن، فلماذا يتجنب الحديث عن مواطن الإرهاب الديني ومصدره الحقيقي. ولماذا لم يسلك اقصر الطرق لتحقيق السلام بالديمقراطية وليس بالحرب والتجويع.من جهتها ، أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة على أهمية تعزير لغة الحوار والتفاهم والتسامح بين الناس واحترام مختلف الأديان والثقافات والمُعتقدات، بيد أن المنظمة الدولية حذرت في نفس الوقت من تنامي التطرف وما نتج عنه من نزاعات اجتماعية وحروب. ودعت إلى تشكيل لجنة حوار بين الأديان بهدف تنفيذ التعهدات التي اتفقت عليها الدول المشاركة خلال المؤتمر، ولكن مع الآسف أن الجمعية العامة للأمم المتحدة هي التي ترعى وتحمي أسوأ الأنظمة تطرفاً في الدين والتمييز الديني وتمنحهم الشرعية لقتل من يناضلون عن دينهم ومعتقداتهم، ولم تكن هذه الجمعية صادقة في مواقفها للجرائم التي تحصل في العالم بسبب الدين أو المذهب، بل كانت الجمعية تدافع عن الأنظمة السياسية وتشرع لها قتل الأبرياء إما بسكوتها عن حجم الجرائم التي ترتكب في حق الإنسانية باسم الدين أو بقراراتها المنحازة مع الأقوياء ضدّ الضعفاءمواقف القوى الدينية من حوار الأديانعندما بدأ الملك عبد الله وضع اللبنة الأولى لفكرة حوار الأديان بالإتفاق مع القوى الدينية البارزة ممثلة بالشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة حيث لم تبرز حينها قوة المعارضة على الفكرة بهذا الشكل الذي نشاهده في هذا المؤتمر ،فمنذ البداية كانت الرسالة واضحة من القيادة السياسية للمعارضين للحوار داخل المملكة على أن الحوار سكون حول المبادىء وليس العقائد وأن الطريق للآخر من خلال القيم المشتركة التي دعت إليها الرسالات السماوية. وشدد خادم الحرمين على أهمية هذا الحوار لبيان سماحة الإسلام بعد أن شوهه المتطرفون، ومع الحرص الذي تبذله القيادة السياسية لتحسين صورة الشعب السعودي وأن كان تحت هذه العناوين إلا أن صمت، كبار العلماء من هذا المشروع الكبير يدل على حجم معارضة علماء المؤسسة الدينية بكل توجهاتهم المحافظة والمتطرفه وليس أدل على ذلك من عدم وجود أي تصريح من المفتي أو من رئيس مجلس القضاء الأعلى ولا من وزير الشؤون الأسلامية والدعوة والإرشاد ولا من وزير الأوقاف، إنما كانت المعارضة الصريحة من الجيل الثاني من أمثال الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة الذي رفض المشاركة في مؤتمر مدريد وكذلك الدكتور محسن العواجي كان موقفه صريحاً في مقابلة على فضائية «العالم» الإيرانية، حيث قال أن المؤتمر لا يعدو مؤتمراً سياسياً، أما في داخل المملكة فلم يتحدث خطباء المساجد بنفس إيجابي عن نجاح المؤتمر.المثقفون والموقف الوطنيمعظم الذين كتبوا من داخل المملكة أكدوا على أن حوار الأديان كان خطوة جريئة من القيادة السياسية رغم المعارضة الدينية ولا شك أن إنعقاده تحت مظلة الأمم المتحدة أكسبه زخماً سوف تكون له أنعكاساته على الوضع الداخلي باتجاه الإنفتاح على التنوع الداخلي بعد أن مدت القيادة السياسية يدها للعالم فمن غير المعقول أن يستمر الحال في التحفظ على الاصلاحات بسبب التعقيدات في فهم الدين.
Leave a Reply