دمشق – طغى خلال الأسبوع الماضي تنظيم مؤتمر للمعارضة السورية في الداخل في قلب دمشق على الأحداث السورية خاصة مع شن معارضي الخارج لهجوم على المشاركين المؤتمر الذي عقد في فندق سميراميس في العاصمة السورية. كما تعرضت دعوة المعارضة الصريحة لسكان مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية، الى التظاهر يوم الخميس الماضي تحت مسمى »بركان حلب«، الى انتكاسة مع مشاركة خجولة في تظاهرات متفرقة.
ومع تحضير المعارضين ليوم جمعة جديد يحمل يوم »جمعة إرحل«، واصل الجيش السوري عملياته العسكرية في شمال إدلب حيث تحدث ناشطون لوكالات الأنباء العالمية عن سقوط قتلى »بنيران القوات السورية«.
وكانت السلطات السورية أعلنت مطلع الأسبوع الجاري أن أكثر من 160 من عناصر الأمن قتلوا منذ بدء الاحتجاجات في منتصف أذار (مارس) الماضي.
بالمقابل يقول ناشطون في مجال حقوق الانسان إن أكثر من 1300 شخص قتلوا في هذه الأحداث.
عقوبات
من ناحية أخرى أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات ضد أجهزة الأمن السورية لقمعها المحتجين في البلاد. وتقضي العقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية بتجميد أصول هذه الاجهزة التي يمكن ان تكون تملكها في الولايات المتحدة وتحظر على كل شركة أو مواطن اميركي التعامل التجاري معها.
وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما وقع في 18 من أيار الماضي مرسوما يقضي بفرض عقوبات على الرئيس السوري بشار الاسد وستة مسؤولين كبار اخرين.
من جهته أعلن كبير مستشاري الرئيس الاميركي لمكافحة الارهاب جون برينان أن ايران وسوريا تبقيان »الدولتين الرئيسيتين الداعمتين للارهاب«.
وقال برينان خلال استعراض الاستراتيجية الاميركية الجديدة لمكافحة الارهاب »سنواصل استخدام كل ادوات سياستنا الخارجية لمنع هذين النظامين والمنظمات الارهابية من تهديد أمننا القومي«.
زيارة كوسينيتش
ومن جهة أخرى، طالب عضو الكونغرس الأميركي دينس كوسينيتش المجتمع الدولي بمساعدة سوريا على الانتقال »سلمياً إلى دولة ديمقراطية وحرة« عبر »إلغاء العقوبات والحوار (مع الحكومة السورية) ودعم الاقتصاد السوري«.
وفي مؤتمر صحفي عقده النائب اليساري في فندق »فور سيزنز« في دمشق لفت كوسينيتش إلى أن الوضع في سوريا يختلف عما كان عليه الوضع في مصر وتونس، مضيفاً: »إن السوريين يريدون أن يقوم الرئيس بشار الأسد بالإصلاح، والرئيس مهتم بما يحصل، وما لمسته من خلال لقاءاتي بدمشق أن هناك نقاط تقاطع بين ما يريده الرئيس الأسد وما تريده المعارضة« بخصوص عملية الإصلاح في البلاد، وقال »معلوماتي عن أن تغييراً كبيراً سيحصل وعندما يبدأ هذا التغيير فسيأخذ إيقاعه«.
وشددّ على ضرورة أن »يقدم المجتمع الدولي دعمه للخطوات الإيجابية التي بتنا نراها في سوريا، والرئيس الأسد يدرك جدياً المطالب الشرعية للناس وإذا ما استطاعت سورية الانتقال إلى الحرية بالتعاون بين الحكومة والشعب فإن ذلك سيكون مهماً للعالم كله«.
وأشار النائب الأميركي إلى أنه سيكتب تقريراً عن زيارته إلى الإدارة الأميركية، وسيقول فيه إن »ظروف إقامة الحوار الوطني هي أكبر الآن وإن عملية التغيير قد بدأت والشعب يريد الحرية ويريد حرية التعبير والاجتماع«.
وكشف كوسينيتش أن جدول زيارته لم يتضمن فقط اللقاء مع الرئيس بشار الأسد ومسؤولين رسميين، وإنما التقى أيضاً معارضين »يريدون تغيير سياسات للنظام«، موضحاً أنه لاحظ في سوريا وجود »مناقشات حرة ورغبة في إجراء حوار وطني« وهذه أمور »إيجابية«.
وبالتوافق مع هذه المواقف، أعلنت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن بلادها لا تنوي في الوقت الراهن سحب سفيرها من دمشق، وقالت: »إن السفير روبرت فورد يلتقي مسؤولين سوريين وممثلين عن المعارضة وواشنطن تتلقى كل المعلومات حول هذه اللقاءات وهي تساعدها في تقييم الوضع في سوريا« وفق ما نقله موقع »روسيا اليوم« الإلكتروني.
وفي السياق، قال الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية روبرت بير الذي عمل في لبنان وسوريا: إن »التدخل الأميركي والأوروبي في سوريا يهدف إلى حماية إسرائيل وحلفائها في لبنان وإلحاق الضرر بإيران وليس الدفاع عن الشعب السوري«.
وفي سياق مقابلة مع صحيفة »يورو أوبزرفر« الأسبوع الماضي قال بير: »لدينا معلومات حول قدوم مجموعات وهابية متطرفة إلى سوريا قد لا تكون خاضعة لأي دولة لخلق الفوضى هناك، وفي داخل سوريا هناك قناصة يطلقون النار على المتظاهرين وقوات الشرطة معاً«.
مؤتمر المعارضة
وفي سياق آخر خاضت شخصيات معارضة، مطلع الأسبوع الماضي امتحانها الأول في استعراض فكري لما يقارب 200 شخصية مستقلة سياسيا للبحث عن سبل الوصول إلى سوريا »دولة مدنية ديموقراطية«، فتوالى حضور المشاركين الواحد تلو الآخر إلى فندق »سميراميس« وسط دمشق، ليجدوا أن في انتظارهم جيشا من الإعلاميين، بينهم حضور كبير لممثلي الإعلام الرسمي، الذين أرادوا بدورهم خوض التجربة الإعلامية الأولى لمشهد اجتماع رموز المعارضة وسط العاصمة لا خارج البلاد.
وفي ما يزيد على 50 مداخلة ألقيت، لم يشكك أحد في أن هذا اللقاء جاء نتيجة ضغط الشارع، وأنه وإن كان تنازلا من الدولة فهو تنازل ناتج عن الاحتجاجات، وهي احتجاجات قال كثر انهم لا يؤثرون مباشرة فيها، بل تساءلوا كيف السبيل للتواصل مع الشارع، وكيف يمكن تجنب تخييب أمل من فيه؟ ودعا البعض في هذا السياق إلى المشاركة في الحراك الميداني، فيما دعا آخرون إلى إيجاد طريقة لـ»حماية المتظاهرين«، بينما أبدى البعض الآخر قلقه من عدم تجانس الشارع في احتجاجه واختلاف سقوفه السياسية والاجتماعية عن سقوف المعارضة.
أيضا أكثر المداخلون من إعلان »رفض الحوار« مع السلطة. وإن كان بعضهم يذهب إلى حد رفض الحوار بالمطلق، فإن أكثرهم خبرة يميل إلى الاعتراف بأن الحوار مع الدولة يكون عبر تلبية شروط عدة، أبرزها إعلان إنهاء الحل الأمني والسماح بممارسة العمل السياسي والإعلامي من دون معوقات كما السماح بالتظاهر. ويتفق الجميع تقريبا على رفض التدخل الخارجي بأي صيغة كانت، في موقف يختلف اختلافا تاما مع معارضة الخارج التي تبني على هذا الخيار.
وفيما كان يعلو صوت المعارضين في قاعة الفندق، ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن هيئة الإشراف على الحوار حددت 10 تموز (يوليو) المقبل موعدا للقاء التشاوري، الذي يعد للمؤتمر الوطني للحوار، مشيرة في صدر خبرها إلى أن ذلك يأتي استنادا إلى الاقتناع بأنه »لا بديل عن المعالجة السياسية للأزمة في سوريا«.
وفي واشنطن، وصف المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، اجتماع المعارضة في دمشق بأنه »جدير بالاهتمام«، لكنه أشار إلى ان الاجتماع فقد اهميته بسبب مواصلة الحكومة قمع المتظاهرين.
وكانت مفاجئة الانتقادات الحادة التي وجهها معارضو الخارج المنضوون تحت اسم »اتحاد تنسيقيات الثورة«، رغم ان المؤتمر لم يدع تمثيل الحركة الاحتجاجية. وقال منظموه إنهم معنيون بالأزمة السورية، ويريدون التشاور ليحددوا أي دور يرونه للمعارضين المستقلين في »انتقال سلمي وآمن لدولة ديموقراطية مدنية«.
Leave a Reply