الجالية مدعوة لدعم أول مؤسسة لرعاية الأطفال المسلمين المنتزَعين من أسرهم
حسن عباس – «صدى الوطن»
تواجه الأسر المهاجرة غالباً، تحديات اجتماعية وثقافية غير مألوفة بالنسبة لها في بلدانها الأصلية، وأحياناً قد تتطور الأمور إلى مواجهة مع القانون تفضي إلى تفكيك الأسرة وحرمان الأبوين من حقوق رعاية أطفالهم.
هذه المعاناة مرت بها عائلة عامر التي تم انتزاع أطفالها الخمسة ظلماً في ثمانينيات القرن الماضي، وبعد نضال استمر لسنوات طويلة، تمكنت من إثبات مظلوميتها… ولكن بعد فوات الأوان.
ولكي لا تتكرر التجربة المريرة مع أسر أخرى، تحولت أوجاع الأم وإحساسها بالقهر والظلم إلى قوة وعزيمة لا تنضبان. فبعد أن نجحت رحاب عامر في إثبات براءتها من التسبب بوفاة طفلها سمير، حملت قضيتها إلى أروقة السياسة في ولاية ميشيغن، وتمكنت في نهاية المطاف من إقرار «قانون عامر» عام 2010، والذي يلزم سلطات الولاية بإبقاء الأطفال المنتزَعين من ذويهم، تحت رعاية الأقارب أو ذوي الثقافة الاجتماعية نفسها.
إذ أن مأساة عامر التي بدأت بوفاة ابنها سمير وانتزاع إخوته محمد علي وسهير وزينب أواسط الثمانينيات، لم تنته بمجرد إثبات براءتها قضائياً حيث إذ وُضع الأطفال الثلاثة في حضانة أبوين من بيئة مختلفة كلياً عن بيئتهم الأصلية (العربية الإسلامية)، ولم يُسمح للأبوين المفجوعين إلا بزيارات محدودة اكتشفا خلالها أن أطفالهما تعرضوا «لسوء معاملة» و«غسل دماغ» من أبويهم بالتبني، وهما مسيحيان متشددان، حسبما أدلت به رحاب عامر لصحيفة «صدى الوطن» التي رافقت القضية إعلامياً على مدى أكثر من ثلاثة عقود.
وفي حين تؤكد عامر انفتاحها على جميع الثقافات والديانات «كورود متنوعة في بستان كبير»، «إلا أن أطفالها لم يتربوا على هذا التفكير في بيتهم بالتبنّي».
ويذكر أن رحاب عامر ولدت طفلها الأصغر (حسين) في كندا وسجلته باسم أخيها كي لا ينتزع منها.
مؤسسة عامر
لم تكتف الأم اللبنانية الأصل بإقرار «قانون عامر» الذي يهدف إلى منع تكرار مأساة أطفالها الذين سلخوا عن بيئتهم الأصلية، بل هي تواصل اليوم نضالها الاجتماعي من خلال مؤسسة غير ربحية جديد باسم «عامر» AMER، وهي اختصار لـ«موارد تمكين المسلمين الأميركيين» بالإنكليزية.
وبحسب موقعها الإلكتروني، ستعمل مؤسسة «عامر» على إبقاء الأسر متحدة ومنع فصل الأطفال ووضعهم في نظام الرعاية حيث يمكن أن يتعرضوا لسوء المعاملة أو الصدمة.
وستقدم المنظمة الوليدة الخدمات والإرشادات الوقائية والدفاع القانوني عن الأسر التي تواجه خطر الفصل، إضافة إلى الحرص على تطبيق «قانون عامر»، وتطوير مبادرات تشريعية جديدة لحماية حقوق الأسر والأطفال.
وقالت عامر لـ«صدى الوطن»: «أنا ممرضة وتركت وظيفتي بعد أن لمست الحاجة الماسة من الجالية وخارجها، لشخص ما يقف إلى جانب الأسر التي تواجه إجراءات فصل الأطفال»، مؤكدة أن عمل المؤسسة يكتسب أهمية إضافية عندما يتعلق الأمر باللاجئين والمهاجرين الجدد، الذين لا يتحدثون الانكليزية. وأضافت. «عندما تأتي أسرة إلى هذا البلد مع سبعة أو ثمانية أطفال وينجر واحد منهم فقط في نظام حماية الأطفال، فإن الولاية تقوم تلقائياً بفصل جميع الأطفال الآخرين عن الأسرة» إلى حين البت في القضية.
ولدى عامر وزملائها في المؤسسة، مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات المتبعة لمنع الفصل المؤقت أو الدائم للأطفال، أولها تحديد العائلات المهاجرة التي قد تواجه مخاطر محتملة من هذا النوع، بسبب إساءة فهم السلطات لبعض التقاليد التي حملتها الأسرة معها من وطنها الأصلي، والتي قد تراها الجهات الحكومية خطراً على سلامة الأطفال.
تحديات
عضو مجلس إدارة مؤسسة «عامر»، حسين سبليني، قال لـ«صدى الوطن»: «هناك حاجز ثقافي عندما يتعلق الأمر بهذه الحالات»، لافتاً إلى أن جهل السلطات لطبيعة بعض الممارسات الأسرية قد تنتج عنه أحكام غير عادلة تؤدي إلى فصل الأطفال.
كذلك تؤكد عامر أنها تولت شخصياً، العديد من هذه القضايا، وقد ساعدت الأسر المتضررة في الحصول على المساعدات الحكومية وحماية حقوقهم في رعاية بقية أطفالهم.
وفي حال تقرر انتزاع الأطفال من قبل نظام رعاية الأطفال في ميشيغن، تحرص مؤسسة «عامر» على أن تؤول الحضانة إلى أقرباء الأسرة أو عائلة مسلمة أخرى، بموجب «قانون عامر».
غير أن المعضلة التي تواجهها عامر في هذا الصدد، هي قلة الأسر المسلمة المرخصة لحضانة الأطفال بعد انتزاعهم من ذويهم، ولهذا خضعت هي نفسها لدورة توجيهية لنيل الرخصة التي تمكنها من رعاية الأطفال مؤقتاً بانتظار تبنيهم من قبل أسر أخرى.
وأكدت عامر على الحاجة الملحة إلى وجود مسلمين آخرين من أبناء الجالية مرخصين للعمل من أجل الأطفال الذين ينتزعون من أهلهم وليس لهم أقارب يمكنهم رعايتهم.
وأضافت «لدي حالياً طفل عمره ست سنوات في رعايتي»، مشيرة إلى أهمية وجود بيئة آمنة ومناسبة للاعتناء بالطفل خلال هذه المرحلة الحساسة التي يمر خلالها الطفل بمرحلة عاطفية صعبة، بانتظار تبنيه من أسرة أخرى بشكل دائم.
ومن المهمات الأخرى التي تتولاها المؤسسة أيضاً، التدخل القانوني لحماية حقوق الأسر والأطفال، حيث لاحظت عامر أن الإجراءات القانونية في العديد من القضايا يتم التعجيل بها على حساب الأسر المتضرّرة.
وأوضحت على سبيل المثال، بأنها تحرص على أن ينقل المترجم الفوري المعلومات بدقة، «وفي بعض الحالات، وجدنا أن المسؤولين عن ملف القضية لم يبلغوا المحكمة بأن الأسرة لديها أقارب على استعداد لرعاية الطفل»، لافتة إلى أنها قامت في إحدى المرات بإحضار أقارب الطفل إلى المحكمة حتى تتضح الصورة بأكملها أمام القاضي.
بُعد وطني
في شباط (فبراير) الماضي، تقدمت النائبة الأميركية ديبي دينغل بمشروع قانون رقم HR 4990، باسم «قانون رحاب وأحمد عامر لتحسين رعاية الأطفال». ويتطلب التشريع من جميع الولايات الأميركية تعديل برامجها لرعاية الأطفال بما يعطي أولوية الحضانة إلى الأقرباء، إضافة إلى اعتماد تعديلات أخرى لجعل عملية اتخاذ القرار فيما يتعلق بحضانة الأطفال «أكثر عدلاً».
وقالت عامر «هذا التشريع يحتاج إلى دعم واسع على المستوى الوطني لتمريره… وأنا أحث الناخبين أينما كانوا على التواصل مع ممثليهم في الكونغرس ومطالبتهم بدعم مشروع القانون الذي تقدمت به النائبة دينغل».
وتتطلع مؤسسة «عامر» حالياً إلى الحصول على ترخيص حكومي لتصبح وكالة معتمدة لرعاية الأطفال في ميشيغن، إضافة إلى توسعها كمنظمة غير ربحية لتنشط على المستوى الوطني».
متحدثة من مكتبها الذي تعلوه لوحة لأولادها الخمسة الذين شتتهم القانون وجمعتهم ريشة فنانة مجهولة الهوية، تقول عامر: «نحن بحاجة إلى مساعدة ودعم مجتمعنا من أجل جعل هذه الرؤية حقيقة واقعة»، داعية جميع الآباء «سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين، أن ينظروا في قلوبهم ويقروا بأن مصلحة الأطفال الفضلى هي إبقاؤهم على مقربة من أحبائهم».
وختمت بالقول «أدعو الجميع إلى المشاركة إما عبر الدفاع القانوني في المحاكم، أو توفير الموارد الضرورية للعائلات اللاجئة، أو حتى التبرع لمؤسسة AMER لتمكين الأسر».
لمزيد من المعلومات والتبرع يرجى زيارة الموقع الإلكتروني التالي: www.amerfostercare.org
Leave a Reply