ديربورن – خاص “صدى الوطن”
افتتحت “جمعية الصحفيين الآسيويين الأميركيين” (آجا) مؤتمرها السنوي الـ22 في مدينة ديربورن، مساء الأربعاء الماضي، بحضور مئات العاملين في مجالي الصحافة والإعلام المحلي والوطني والعالمي، وذلك بمبادرة من صحيفة “صدى الوطن” وبالتعاون مع فعاليات عربية متعددة.
ويضفي هذا الحدث الذي شهدته عاصمة العرب الأميركيين، والذي يعتبر الأضخم من نوعه في تاريخ المدينة، على مؤتمر “آجا” إشارات ورسائل ذات طبيعة سياسية وثقافية متعددة، لاسيما وأنه تم اختيار مدينة ديترويت لتكون حاضنا لمؤتمر الجمعية لهذه الدورة التي تصادف الذكرى العاشرة لهجمات أيلول (سبتمبر) في العام 2001، بعد منافسة حامية الوطيس مع مدينة نيويورك التي كانت مسرحا لتلك الهجمات. وقد عبر الرئيس المساعد للمؤتمر فرانك ويتسل عن هذه المسألة بالقول: “لاشك أن نيويورك هي موطن الفاجعة الكبرى، إلا أن منطقة ديترويت هي موطن الناس الذين يدفعون الأثمان الكثيرة.. ومنها التشكيك في هوية العرب والاتهامات العنصرية بحقهم”.
وقد أقيم الافتتاح، الذي حضره إضافة الى مئات الصحافيين والإعلاميين المئات من فعاليات ونشطاء الجالية العربية، في محيط المتحف العربي في المدينة ومطعم أدونيس، كما نصبت خيمة عملاقة في الباحة الخلفية للمكان.
جولة في المدينة
وكانت بضعة باصات تقل مئات الصحفيين قد انطلقت مساء الأربعاء من ديترويت وجابت شارعي وورن وفورد في ديربورن، وعلى متنها متطوعون ومتطوعات من الشباب العربي قدموا معلومات تعرّف بالمدينة وتاريخ الوجود العربي فيه، وأجابوا على أسئلة واستفسارات الضيوف الذين يزور معظمهم ديربورن للمرة الأولى، وذلك بهدف تبديد الصورة السلبية عن المدينة التي كثيرا ما يتناقلها الإعلام الأميركي بانحياز واضح.
حفل الافتتاح
وبعدها تم افتتاح المؤتمر في مطعم “أدونيس”، حيث قام ناشر “صدى الوطن” الزميل أسامة السبلاني بالترحيب بالصحفيين والإعلاميين الضيوف، وشكر المتطوعين وجميع الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية التي ساهمت في إنجاح تلك الفعالية.
وأشار السبلاني الى أن “صدى الوطن” أصدرت كتيباً خاصاً للمؤتمر يتضمن نبذة عن المدينة والجالية العربية ومؤسساتها.
ومن ناحيته عرج رئيس بلدية ديربورن جون أورايلي على تاريخ مدينة ديربورن الغني وقال إن “علاقتنا المتينة مع مدينة ديترويت.. تجعل من نجاح هذه المدينة في غاية الأهمية بالنسبة لنا”. ووصف منطقة ديترويت بأنها “موطن لمجتمعات متعددة ثقافيا وعرقيا ومقصد لكثير من المهاجرين منذ بدأ رائد صناعة السيارات هنري فورد بإطلاق مشروعه الصناعي الذي استقطب مئات الآلاف من العاملين والتقنيين من جميع أنحاء العالم”.
وعبر أورايلي عن اعتزازه بمجتمع ديربورن المتنوع والمتآخي وقال “إننا فخورون بالعرب، مسلمين وغير مسلمين، وهم أصحاب بصمات واضحة في تاريخ هذه المنطقة عموما، وفي ديربورن خصوصا، ولكن للأسف لقد أسيء على الدوام فهم وجودهم ودورهم الثقافي والحضاري.. وتعرضوا لحملات قاسية ليس آخرها اتهام ديربورن بالمدينة التي تحكمها الشريعة الإسلامية، وإصرار بعض المتحيزين على التظاهر فيها تحت دعوات وتصورات لا أساس لها من الصحة”.
ونوه أورايلي إلى أن “مدينتنا وسكانها من العرب والمسلمين كانوا هدفا لكثير من الاتهامات حتى في الحملات الانتخابية كما هو الحال مع المرشحة الجمهورية للكونغرس الأميركي عن ولاية نيفادا شارون أنغل، ولكني أقول لكم أن مدينتنا تحتفل بالتنوع وليس هنالك مجتمع أكثر قوة وتماسكا من مجتمع مدينتنا”.
ثم تحدث محافظ مقاطعة وين روبرت فيكانو واصفاً المقاطعة التي تحتضن ديربورن وديترويت ومدنا أخرى بـ”أنها أكبر مجتمع متعدد ومتنوع لدرجة يمكن القول معها إنها تمثل العالم”.
ومرحبا بالإعلاميين والصحفيين قال “إن حضوركم وتمثيلكم لوسائل إعلام معروفة ومؤثرة وطنيا وعالميا هو فرصة ثمينة لكم للتعرف على بعض الحقائق التي يتم تجاهلها، وهي فرصة لنا أيضا.. أن تتعرفوا على المنطقة وثقافتها ونسيجها الاجتماعي وأرجو أن تعودوا إلى عملكم لتكتبوا عن مشاهداتكم وعن خبرتكم، وليس عما كنتم تسمعونه”.
وفي كلمتها، قدمت رئيسة “آجا” دوريس سترونغ لمحة عن جمعية الصحفيين الآسيويين وطبيعة أهدافها، كما تطرقت إلى برنامج أعمال المؤتمر للدورة الحالية، وأهمية ومغزى اختيار مدينة ديترويت مكانا لانعقاد هذه الفعالية.
وخاطبت سترونغ المشاركين بالقول: “إنها مناسبة رائعة أن يتم افتتاح أعمال المؤتمر في مدينة ديربورن التي تضم مجتمعا عربيا أميركيا كبيرا، فضلا عن وجود متحف هو الوحيد من نوعه في الولايات المتحدة يوثق لتاريخ العرب الأميركيين وذاكرتهم في البلاد”. أضافت: “هذه فرصة حقيقية أن نقابل أناسا ونتعرف على ثقافة جديدة وأن نسمع قصصا مختلفة، وإنني آمل أن نستفيد من ذلك.. وأن نتعلم ونكتب وننقل الحقائق، فهذه وسائلنا للتغيير”.
وفي ختام الحفل قدم الزميل أسامة السبلاني درعا تكريميا باسم “كونغرس المؤسسات العربية الأميركية في ميشيغن” للرئيس المساعد للمؤتمر ومحرر “موقع ديترويت فري برس” فرانك ويتسل تقديرا لجهوده الكبيرة في التحضير والإعداد.
وشكر ويتسل من جانبه كونغرس المؤسسات على التكريم وقال: “إن هذا الدرع لا يخصني وحدي وإنما يخص فريقا كبيرا من الأشخاص الذين عملوا خلال الأسابيع الأخيرة ليلا ونهارا ليكون هذا المؤتمر بحجم أهميته وبحجم الآمال المعقودة عليه وبما يليق مع تاريخ الجمعية الطويل”.
على هامش الافتتاح
وكانت “صدى الوطن” قد التقت مع بعض الصحفيين والإعلاميين للوقوف على آرائهم بهذه المناسبة، ودور الصحافة والإعلام في إفادة المجتمع.
وقال ناشر صحيفة “ديترويت فري برس” بول أنغر: “إن فكرة المجيء إلى هنا، وخاصة في شهر رمضان، هي فرصة للصحفيين لكي يتعلموا ويتعرفوا على ثقافة العرب الأميركيين وأن يكتسبوا الخبرات، وفي الواقع فإن الوجود المميز للعرب وللمسلمين في هذه المنطقة هو الذي رجح الكفة لناحية اختيار ديترويت مكانا لانعقاد المؤتمر هذا العام، وعلينا أن ندعمهم.. من خلال عكس طبيعة هذا المجتمع وحقيقته وأهمية التنوع فيه”.
من جهته قال ناشر “ديترويت نيوز” جوناثان والمان: “يتواجد هنا في ديربورن، صحفيون من جميع أنحاء الولايات المتحدة، والبعض منهم من خارج أميركا، ومشاركة العرب الأميركيين في هذه الفعالية يتضمن رسائل متعددة وهامة”. وحول مبادرة “صدى الوطن” نوه بالقول: “أنا مواظب على متابعة هذه الصحيفة، ولاسيما أنها تغطي في هذه الفترة ما يحدث في العالم العربي من تغييرات، فضلا عن اهتمامها المتواصل بقضايا العرب الأميركيين، وإن وجودها في هذه الفعالية هو دليل على أهمية وتنامي الصحافة الإثنية”.
وقال ناشر صحيفة “ديترويت نيوز” تشارلز هيل: “في كل مرة يلتقي فيها الناس، فهذا يقود إلى تفهم أفضل، ما يحدث أن الناس يتحدثون إلى بعضهم البعض.. ويتوصلون إلى معارف وخبرات جديدة، وهذا سيكون في فائدة ديترويت بدون شك”.
وعبرت المذيعة التلفزيونية في محطة “غاردن غروف” ليبرتي زابالا عن مفاجأتها من رؤية منطقة ديترويت وقالت “إنها تبدو مناقضة لصورتها في الإعلام.. إن وسط مدينة ديترويت مكان جميل، وكذلك ديربورن مدينة جميلة”. وأضافت “يوجد الكثير من المواضيع التي يمكن الشغل عليها والكتابة عنها.. ابتداء من منطقة الميل الثامن وانتهاء بديربورن.. لو كنت أعيش هنا لوددت أن أكتب عنها جميعا”. ونوهت زابالا المقيمة في ولاية كاليفورنيا “إن ثقافة التحيز والكراهية في كاليفورنيا غير واضحة ربما لعدم وجود الكثير من العرب والمسلمين.. كما هو الحال هنا”.
وأشارت الصحفية في مجلة “بيبول” سينثيا وانغ إلى “أننا نحاول أن نجد أشخاصا في مجتعمات الأقليات لنسرد قصصهم، وبينها مجتمع العرب الأميركيين، وإنني لأحب أن أكتب عن مثل تلك القصص وأنشرها”. وأضافت وانغ الصينية الأصل: “خلال جولتي في شارع وورن ورؤيتي للكتابات العربية على واجهات المحلات ذكرتني بالكتابات الصينية على واجهات المحلات في المجتمعات الأميركية الصينية في أماكن أخرى.. حقا أن الناس جميعهم يتشاركون الشغف ذاته والطرق ذاتها في التعبير”.
وأشاد الرئيس المساعد لقسم “مالتي ميديا” في “ديترويت نيوز” آنكور دولاكيا بدور صحيفة “صدى الوطن” في إنجاح حفل الافتتاح، وقال “ما قامت به “صدى الوطن” كان عظيما ورائعا، والأمر كذلك نفسه بالنسبة لتعاون مجتمع العرب الأميركيين في مدينة ديربورن.. لقد كان الافتتاح ناجحا بكل معنى الكلمة”.
مؤسسات عربية داعمة
وجاء تنظيم الافتتاح بمبادرة من “صدى الوطن” وبدعم من العديد من المنظمات والمؤسسات العربية الأميركية في ميشيغن، وعلى رأسها شركة “غاردن فودز” لرجل الأعمال شاكر عون الذي بذل مجهوداً تنظيميا كبيراً.
وأنجز بمساعدة عشرات المتطوعين من الشابات والشبان العرب لاسيما المنتمين الى اتحاد الطلاب العرب في جامعة “وين ستايت” و”جامعة ميشيغن” وثانوية “فوردسون”. وقدمت حلويات “شاتيلا” ومطعم “الأماني” المأكولات والحلويات الى المشاركين، كما لعبت بلدية ديربورن وشرطتها دورا فعالا في إنجاح الحفل الذي ساهم في دعمه أيضاً كل من النادي اللبناني الأميركي والمجلس العربي الأميركي والكلداني (أي سي سي)، و”أكسس”، واللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي (آيباك)، واللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز (أي دي سي). كما قامت عدة مؤسسات تجارية بالمساهمة في الافتتاح بينها أفران “الياسمين” و”صاج” وشركة “تشايس كاش آند كاري” وصالة “بيبيلوس” وشركة “طراف وشركاه” للمحاسبة، وشركة “لاكجري ليموزين” و”جنا” للصوتيات لصاحبها جعفر الرز وشركة “ساينكو” للفنان أسامة بعلبكي والدكتور حسين عبدالحق.
Leave a Reply