تيريزا سيتو امرأة كلدانية تعمل جاهدة لخدمة أبناء جاليتها من خلال موقع للتعارف أطلقته على الإنترنت باسم “ماتش كالديان” MATCHaldean.
ويهدف هذا الموقع بالدرجة الأولى الى تأمين فضاء للتعارف بين العزّاب من الجنسين تمهيدا للزواج، كما أنه يتضمن شهادات لأزواج تعرفوا الى بعضهم عن طريقه يعبرون فيها عن سعادتهم في يوم زفافهم.
تيريزا سيتو |
ومنذ انطلاقه في تموز (يوليو) 2009 اثمرت جهود “ماتش كالديان” سبع زيجات ومولود واحد، حسب سيتو، وهي كلدانية أميركية ولدت في منطقةجنوب شرق ميشيغن التي تحتضن أعداداً كبيرة من أبناء الجالية. وتقول سيتو “الجالية بحاجة الى هذه الخدمة واعتقد أن الكلدان يقدرون القيم الاسرية”، مؤكدة ان هناك اشخاص من 14 ولاية اميركية و من 6 دول مختلفة مسجلين في الموقع ويواظبون على زيارته بشكل دائم.
مؤخراً، تقول سيتو، تعرَّف شخص كلداني في دبي على كلدانية في السويد، كما تم اقامة علاقات بين أبناء الجالية الكلدانية في كاليفورنيا ونظرائهم في ديترويت.
رؤية “ماتش كالديان” هي الحفاظ على حيوية الثقافة والمجتمع الكلداني من خلال التعارف بهدف الزواج. ومعظم الكلدان الأميركيين يقيمون في ميشيغن وكاليفورنيا وأريزونا، إضافة الى أعداد محدودة في إلينوي وأونتاريو الكندية.
وكما هو معروف فإن مواقع خدمات التعارف على شبكة الانترنت تعتبر مشروع تجاري رابح يمكن أن يدر أرباحاً طائلة، لكن سيتو تؤكد أنها تبقي الأسعار في الحدود المقدور عليها لتوفير الخدمة لأكبر عدد ممكن من الكدان فـ”الهدف إتاحة الفرصة لكل شخص للعثور على الحب”.
تبدأ عملية التسجيل في موقع “ماتش كالديان” بتعبئة استبيان مجاني، وبعد مراجعته، تتصل سيتو بالزبون (أو الزبونة) للمقابلة في أحد مكاتب المؤسسة الثلاثة المنتشرة في منطقة ديترويت الكبرى (المركز الرئيسي في بلومفيلد هيلز وفرعان في تروي ونوفاي) وتعمل مع الزبون مباشرة على تحديد الشخص المناسب له. ولا يتوجب على الراغب بالتعارف أي مستحقات مالية لحين موافقته على التسجيل الذي يستوجب رسماً بقيمة مئة دولار، وفي حال إيجاد الشريك المحتمل هناك رسم إضافي بقيمة 35 دولار.
كما توفر سيتو النصائح والتدريب لإنجاح العلاقات وتفعيلها. وتبذل في هذا العمل جهدا ووقتا كبيرين بغض النظر عن الدخل المادي حيث تقول “أركز في هذه المهمة تماماً واقوم بها من كل قلبي”.
ويتمحور يوم العمل العادي عند سيتو حول مقابلة الزبائن والرد على اتصالاتهم ورسائلهم الالكترونية والنصية، وهي تؤكد لـ”صدى الوطن” “إنه عمل كثير وأنا آخذه على محمل الجد.. قد يعتقد البعض انه نوع من التسلية، لكنه في الحقيقة ليس كذلك.. انها مهمة تتطلب العمل الدؤوب”.
وبالإضافة الى استفادة الأجيال الشابة من خدمات الموقع، يعطي “ماتش كالديان” الأمل لأشخاص ظنّوا للحظة أنهم لن يتزوجوا، فهناك شخص عمره 37 سنة تزوج عن طريق الموقع وانجب طفلاً، وآخر عمره 69 عاما تزوج من امرأة في الخمسينات من العمر. كما أن “ماتش كالديان” يضم أشخاصا مطلقين او أرامل، وتترواح قاعدة الزبائن بين أعمار 18 و80 عاماً لكن معظمهم في منتصف الثلاثينات.
سيتو، تقول بثقة أن المحرك الرئيسي لها هو حبها للجالية “أحب كل شيء كلداني” وتستدل على ذلك بأن الموقع يقوم سنوياً بتمويل منح دراسية للطلاب الكلدان الأميركيين يقدمها “الاتحاد الكلداني في اميركا” وتعلق على ذلك بالقول “أنا أحرص على توفير فرص التعليم لأبناء الجالية وهذا شيء أؤمن به لأنني كنت معلمة”. وتضيف “أرغب في رؤية الشبان الكلدان يلتحقون بالجامعات ويحققون النجاحات”.
ما تفعله سيتو، ورغم أنه متصل بعالم التكنولوجيا، يمتد في جذوره الى صلب الثقافة الشرقية التي ينتمي اليها الكلدان، حيث تتذكر سيتو سيدات كن يتصلن بوالدتها يطلبن احدى شقيقاتها للزواج، “كانت هذا الممارسة عملية ومنتشرة جداً لكنها شهدت تراجعاً مع توجه الكلدان أكثر نحو الأمركة.. فأصبحوا الآن يتواعدون عبر مواقع الانترنت رغم أن المحافظين في مجتمعنا يعتبرون ذلك أمراً غير محبب”.
ففي العادات الأكثر شيوعاً حالياً في الجالية، تتم خطبة النساء الكلدانيات بعد مشاهدتهن في اماكن معينة او عن طريق العائلة. فمثلا عندما تصل إحدى الشابات الى سن الزواج يقوم العريس بزيارة عائلتها في المنزل، وفي حال وقوع القبول بين الطرفين يتصل أهل الرجل بأهل الفتاة ويطلبون موافقتهم وموافقتها لتعلن الخطوبة ويبدأ التحضير للزفاف.
سيتو مرت بهذه التجرية في سبعينات القرن الماضي، ولكنها ترى اليوم كيف أن تقاليد التواعد قد بدأت تتغير، فالنساء اصبحن يتمتعن بمزيد من الحرية حين يتعلق الامر بالمواعدة ورؤية الشريك المحتمل، وسط مزيد من أجواء التقبل لدى العائلات لفكرة مواعدة الابنة دون معرفة مسبقة من الاهل.. “لكن فيما سابقا كان هذا نوعا من العيب الذي قد يلطخ سمعة الفتاة وعائلتها ويحجب الطالبين ليد الابنة”.
ورغبة سيتو في توفيق الرؤوس بالحلال بدأت في عام 1972، حين أسست “نادي للشبيبة الاميركي الكلداني” في مبادرة لتعزيز التعارف بين الشباب الكلداني من الجنسين، واستمر النادي لاكثر من عقد، اقترن خلاله العديدون ببعضهم، بمن فيهم سيتو التي تمضي حياة زوجية منذ 29 عاماً ولها منها اربعة ابناء (ولدان وبنتان).
وتجربة “نادي للشبيبة الاميركي الكلداني” عادت الى ذهن سيتو بعد تقاعدها من العمل في التدريس الذي استمر 30 عاماً حيث أعاد طرح الفكرة أحد أبنائها، لتجد أنها “فكرة رائعة لأن “ماتش كالديان” هو أول موقع مخصص للتعارف بين الكلدان”.
ويعود تمسك سيتو، التي تربت وسط عائلة من 14 شخصاً، بهويتها وثقافتها الكلدانية الى حرص والدها الدائم على تعاملها مع الكلدان والزواج من كلداني، فهي حاصلة على درجة الماجسيتر في الدراسات الآرامية من “جامعة وين ستايت” في ديترويت. وهي تؤكد أن “ماتش كالديان” ليس موقعا على الانترنت للتواعد في ليالي السبت و”إنما موقع للتوفيق بين ازواج محتملين”. وتفخر سيتو بالاهتمام الكبير بموقعها الذي يقدم الخدمات لكافة شرائح المجتمع الكلداني ويضم الاطباء والمحامين والمعلمين والممرضين او غيرهم من الذين امضوا سنين عمرهم في الدراسة ولم يجدوا وقتا للتواعد والزواج، إضافة الى شريحة الشباب والطلاب.
وتقول سيتو “دعيت لحضور حفلات زفاف لبعض الزبائن وفي واحدة منها طافت والدة العروس بالحضور توزع عليهم بطاقات ماتش كالديان”.
واختتمت المرأة الخمسينية حديثها بالقول أن مؤسسة “ماتش كالديان” توفر بيئة آمنة للقاء وتعارف الناس، وهي ليست مجرد موقع الكتروني ينشر المعلومات الشخصية، “نحن نقوم بتفحص رخص القيادة ووثائق الطلاق وننصح زبائننا بعدم البوح بأسمائهم ومعلوماتهم الشخصية في المقابلة الاولى”، مؤكدة أنها الشخص الوحيد الذي يقابل الزبائن ويتعامل معهم: “كل يوم أستيقظ من النوم اطلب مساعدة الرب في توفيقي في عملي”.
لزيارة الموقع: www.matchaldean.com
Leave a Reply