وليد مرمر
(سيناريو محتمل لوقائع لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في جدة، غداة الهجوم على منشآت «أرامكو» النفطية في شرقي المملكة)
– ابن سلمان: سيدي.. لقد رأيتم الأدلة.. المسيرات إيرانية الصنع وصواريخ «يا علي» كذلك، ثم إن المسيرات قد أتت من الشمال.. إنها إيران.. إن العملية كما أعلن خبراؤكم كانت عالية الدقة ومحكمة التنفيذ وتتطلب جهوداً جبارة وقدرات ليست موجودة إلا عند دولة كإيران.. فماذا تريدون بعد، كي تعلنوا الحرب عليها؟
– بومبيو: سمو الأمير.. ليس الأمر بهذه البساطة، فرغم أن الرئيس قد رجح ضلوع إيران فإن وجهة الشمال ليست كافية.. فلربما جاءت المسيّرات من جنوب العراق حيث يتواجد الحشد الشعبي..أو حتى ربما انطلقت من سفن في الخليج…
– ابن سلمان: سيدي.. إن تهديد منشآت النفط في أرامكو ليس تهديداً للسعودية فحسب بل هو تهديد للاقتصاد العالمي ككل.. ولقد رأيتم كيف ارتفعت الأسعار غداة الهجوم، كما إن إصلاح المنشآت النفطية سيتطلب شهوراً وهو ما يحتم استمرار ارتفاع الأسعار.. مع وجود مصدرين أساسيين خارج اللعبة وهما فنزويلا وإيران سيكون من المستحيل على أوبك أن تفي بمتطلبات السوق…إن أمن الطاقة العالمي بخطر…
– بومبيو: لا يمكن للرئيس أن يذهب إلى الحرب إلا بموافقة الكونغرس…
– ابن سلمان (مقاطعاً): ولكن بوش غزا العراق من دون موافقة الكونغرس بحجة أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن موجودة أصلاً… فماذا يمنعكم من ضرب إيران التي تهدد أمن الخليج والآن تعتدي علينا في الداخل… لقد وعدت بأننا سنحارب إيران في أرضها فإذا هي من تحاربني في أرضي..
– بومبيو: سمو الأمير.. أنا من أشد المناصرين للرد العسكري.. ولكن الإيرانيين أعلنوا أكثر من مرة أن الحرب لن تكون نزهة.. كما هددوا بأن ردهم لن يقتصر على مصادر النار.. بل إن كل سفننا وقواعدنا في الخليج ستكون تحت تهديد نيرانهم.. وكذلك قاعدتينا في قطر والإمارات.. حتى أرامكو قد تكون مهددة بالدمار الكلي مما سيعطل الإمدادات النفطية في الخليج إلى أجل غير مسمى.. وهذا سيتسبب بكارثة اقتصادية للعالم أجمع.
– ابن سلمان: إذن هل ستتركون الإيرانيين يرتعون ويلعبون في الخليج فيما نحن نتفرج؟
– بومبيو: إن العقوبات التي فرضناها على إيران ليست لها سابق في تاريخ العقوبات، ثم نحن في صدد فرض عقوبات إضافية ستخنق الإيرانيين بحيث نتوقع أن يثوروا على حكامهم… لقد فرضنا عقوبات أقل بكثير على فنزويلا صاحبة أكبر احتياطي للنفط في العالم، وتلك العقوبات أتت ثمارها في فنزويلا حيث تغرق الفوضى حكم مادورو بينما تعاني البلاد من نقص حاد في الغذاء وسط احتجاجات شعبية على الأزمة الاقتصادية والسياسية بينما قد يصل مستوى التضخم إلى عشرة ملايين بالمئة هذا العام! فضلا عن نزوح الملايين إلى كولومبيا وبيرو وتشيلي والأرجنتين وغيرها. نحن حتى الآن لم نر شيئاً من هذا القبيل في إيران، وهو شيء محير! إذ لا هجرة نحو باكستان أو العراق أو أذربيجان، بل إن إيران تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم. في الواقع ليست هناك بوادر تململ شعبي.. لقد خابت تقديراتنا ونقرّ بذلك، لكن هذا لا يمنعنا من المضي في العقوبات القصوى حتى يثور الشعب الإيراني على نظامه.
– ابن سلمان: حسنا إذن.. فلماذا لا تقنعون الإيرانيين سياسياً بكف أيديهم عنا وبلجم ميلشياتهم في اليمن؟
– بومبيو: الغريب في أمر الإيرانيين أنهم لا يرضخون ولا يتنازلون قيد أنملة عن مواقفهم.. لقد أعطينا سفارة سويسرا منذ بضعة أشهر رقماً خاصاً للرئيس ترامب بحيث يمكن للإيرانيين التواصل معه مباشرة وأعلنا هذا في وسائل الإعلام… وعندما سألنا السويسريين ما إذا كانوا قد أعطوهم الرقم قالوا لا، لأن الإيرانيين تجاهلوا الأمر ولم يسألوا عنه! ومنذ أيام كرر الرئيس ترامب أمام مساعديه رغبته في لقاء حسن روحاني على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع القادم، واضعين جانباً كل الشروط التي كنا قد أعلنا عنها سابقاً.. فإذا هم من يرفضون اللقاء بأي شكل من الأشكال وعلى كافة المستويات. أمرهم عجيب.. فبقدر ما نشدد عليهم الخناق بقدر ما يتشبثون بمواقفهم. في الحقيقة نحن نمر بأزمة في التعامل مع إيران وليس طرد مستشار الأمن القومي بولتون إلا أحد أوجهها! سأبوح لك بأمر سمو الأمير، نحن نرغب في حل سلمي مع إيران، وآمل أن ترى إيران الأمور بالطريقة ذاتها. ليس لدينا خيار آخر ولسنا بوارد الدخول في حرب شاملة. لكننا سنمضي قدماً في إنشاء التحالف الدولي لأمن وحرية الملاحة في الخليج، أما أجواؤكم فنحن على استعداد بأن نوفر لكم منظومات دفاعية جوية أكثر تقدماً مما لديكم الآن.
– ابن سلمان: نريد منكم مساعدة أكبر في حرب اليمن…
– بومبيو (مقاطعاً): سمو الأمير.. نحن نطالبكم مراراً وتكراراً بتجنب قصف المدنيين بطريقة فاضحة أمام الرأي العام الدولي.. وهو ما ضربتم به عرض الحائط.. من ثلاثة أسابيع قامت مقاتلاتكم بقصف سجن ذمار في صنعاء وأنتم تعلمون أن فيه المئات من الأسرى التابعين لكم.. لقد ضحيتم بعشرات المقاتلين الموالين لكم ظناً منكم أن الحوثيين يخبئون الطائرات المسيرة في مبنى السجن… بالمقابل قام الحوثيون بقصف المنشآت النفطية في «أرامكو» فجر يوم السبت وهو يوم عطلة في السعودية مما لم يتسبب في سقوط جريح واحد.. الرأي العالم الدولي يلاحظ هذا… فأرجو منكم أن تكونوا أكثر حيطة ومسؤولية حتى لا نتسبب في المزيد من الضغوط علينا الداعية لإيقاف الحرب!
– ابن سلمان (بتململ): لقد كنا نأمل أن يترجم ترامب أقواله العدائية لإيران على الأرض. هذا النظام هو سبب كل الأزمات في المنطقة ولن يهنأ لي عيش حتى أرى نهايته. إن التحالف الإيراني–الإخواني هو العدو الأشرس لمصالحنا ومصالحكم.
– بومبيو: نحن لا ننظر إلى الأمور بشكل أحادي.. كما أننا لا نؤدلج مواقفنا، ونعمل بما تقتضيه مصالحنا.. وليس من مصلحة أميركا في الوقت الحالي إشعال حرب هدد الإيرانيون بأنها ستكون شاملة.. نحن ندعوكم إلى الصبر والتبصر حتى تؤتي العقوبات أكلها.. فليس أمامنا في الوقت الحالي إلا هذا الخيار.. (يتحضر للمغادرة)
– ابن سلمان: سيدي.. إنك لم تشرب قهوتك!
بومبيو: عفواً سمو الأمير.. ولكنني لست من محبي القهوة.. هل لديكم شاي مثلّج؟
Leave a Reply