ثعلب «حزب الله» فـي شرك الموساد
انه الاختراق الاول الذي تسجله اسرائيل على «حزب الله» منذ تأسيسه، فاغتيال أمين عام «حزب الله» السابق السيد عباس الموسوي لم يكن عملية امنية معقدة، بل كان استهدافاً لموكب انطلق من نقطة محددة متوجهاً الى نقطة اخرى وفق خط سير معروف ومرصود، ناهيك من ان الشخص المستهدف معروف بالصوت والصورة. اما في حالة عماد مغنية فمجرد التعرف على شخصه وشكله يعد اخطر خرق يطال الجسم الامني والعسكري لتنظيم ظل عصياً على اجهزة الاستخبارات العالمية وعلى جهاز الموساد الذي تلقى الضربات تلو الضربات على يد جهاز امن «حزب الله» برأسه وعقله الامني المدبر عماد مغنية. فالثعلب حسب ما يصفه به الايرانيون، والملقب بالشبح عند المخابرات الغربية وقع في مخالب الموساد بعد سعي مضنٍ طيلة ربع قرن من الملاحقات والمطاردات من غير ان يهتدوا الى سبيله، او يعرفوا له طريقاً، او حتى يتخيلوا له شكلاً وصورة. لذلك فإن الانجاز الاسرائيلي ضخماً ومذهلاً ويشكل ضربة قاسية ومؤلمة لظهر «حزب الله» وعصبه الامني والعسكري. فمن استطاع الوصول الى عماد مغنية يستطيع الوصول الى ارفع القادة الامنيين والعسكريين في «حزب الله»، ومن استطاع حل «اللغز» المستحيل يستطيع حل الالغاز الامنية والاستخباراتية لدى المقاومة والوصول الى ملفاتها النائمة وقطبها المخفية وخططها الجاهزة. انه التسلل الاول الى جسم المقاومة والتغلغل الاخطر في أغوارها والنجاح الاوحد في سبر سرٍّ من اسرارها الدفينة المستحيلة العاصية على الكشف والظهور. لا بل انه الانجاز الوحيد الذي يستطيع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ان يباهي به نظرائه في العالم وخصومه في الداخل، انه الانجاز الوحيد الذي اعاد الاعتبار لاولمرت بعد خيبة فينوغراد وتوبيخاته، انه الانجاز الذي ثبّت اولمرت في رئاسة الوزراء بعد ان استطاعت استخباراته ان تطيح بمهندس هزيمتها في حرب تموز 2006 وصانع نصر المقاومة.
ولكن هل يمضي اغتيال مغنية كغيره من الاغتيالات التي حصلت؟ ام هل يستطيع رفيق «الحاج رضوان» حسن نصرالله ان يخرق السقف الاقليمي والدولي كرمى عيون رفيق دربه المفجوع به، وينفذ تهديداته ببدء المرحلة الجديدة من الصراع بعد «13 شباط» واعتبار الصراع مفتوحاً من حيث المكان والزمان؟ ام هل ان كلام السيد يندرج في سياق استيعاب الصدمة الجماهيرية العارمة؟ وبالتالي فإنه فعل ما يجب على اي قائد فعله للابقاء على تماسك حزبه ورفع معنويات جمهوره.
تاريخ «حزب الله» يشير الى ان هؤلاء القوم لا يموت لهم ثأر إلا اذا كان داخلياً غير اسرائيلياً كما كانت الحال في مجزرة فتح الله التي ارتكبها السوريون، ومجزرة ايلول الاسود التي ارتكبها الجيش اللبناني عام 1993 تحت جسر المطار، وكذلك مجزرة حي السلم عام 2004 التي ارتكبها ايضاً الجيش اللبناني، الى مجزرة قوى الامن الداخلي في الرمل العالي بعد حرب تموز عام 2006، وصولاً الى مجزرة مار مخايل في الاونة الاخيرة وعلى يد الجيش الوطني اللبناني. كذلك فإن تاريخ وسيرة الشخص المتكلم تشيران الى الجدية والمثابرة والعمل الحقيقي من دون مواربة او مداهنة او تمييع او تضييع، ولكن مع نفس طويل لا يكل ولا يمل ولا ينام حتى ينال مبتغاه.
استناداً الى كلام السيد حسن نصرالله فإن الازمة اللبنانية اصبحت تفصيلاً صغيراً لا يعيره «حزب الله» الاهتمام الكبير سوى التحسب من الداخل الذي اصبح جزءاً لا ينفصل عن المنظومة العدائية التي تحيط بـ«حزب الله» وتطوقه من الجنوب والشرق والشمال وتلاحقه في كل العالم.
الاخطر عندما يشعر «حزب الله» بأنه يخوض حرب وجود، والاشد خطراً عندما يشعر الشيعة بأن وجودهم مرهوناً بـ«حزب الله»، والاخطر من الاثنين عندما يشعر الشيعة وحزب الله بأن وجودهما مرهوناً بشخص اسمه حسن نصرالله، فترتفع القلوب الى الحناجر وتُحبس الانفاس وتصفر الوجوه وتمسك الايدي بفوهات البنادق حين تتسرب الى الاذهان الفكرة المشؤومة القائلة بأن من استطاع اغتيال ارفع واخطر واهم شخصية امنية استخباراتية في العالم اجمع يستطيع اغتيال حسن نصرالله.
اذا لم يكن رد المقاومة صاعقاً رادعاً فإن المحاولة على الطريق واكيدة اذا اتخذ قرار الحرب والمواجهة في المنطقة…
Leave a Reply