ديترويت – خاص “صدى الوطن”
في الوقت الذي يتابع فيه العالم أجمع المجازر الشنيعة التي يرتكبها نظام العقيد معمر القذافي ضد أبناء الشعب الليبي، والسلوك الوحشي الذي تنتهجه قواته ومرتزقته المأجورون، يتابع الليبيون الأميركيون، والليبيون المقيمون في منطقة ديترويت الكبرى، عبر وسائل الإعلام، مجازر النظام الذي يتربع على عرش السلطة منذ أربعة عقود، وينتابهم القلق والجزع على أقربائهم وأهاليهم المقيمين في ليبيا.
وعبّر أحد الليبيين المقيمين في مدينة هامترامك، ويدعى فرج، عن مشاعر الأسى والحزن التي تسيطر على أفراد عائلته بسبب فقدان أخ زوجته الذي تعرض لإطلاق الرصاص وفارق الحياة في الوقت الذي كان يحاول فيه إنقاذ أحد الجرحى في مدينة بنغازي. وقال “إن محمد قتل ولم يرتكب أي جريمة ولم يفعل شيئا مخالفا للقانون، ولم يكن بحوزته بندقية، ولا حتى عصا ليدافع بها عن نفسه، وإنما استوقفه أحد الأشخاص وأطلق عليه النار ثلاث مرات”.
ويقول الليبي الأميركي صلاح هويو، وهو من قاطني مدينة آناربر، ويعمل في مجال ترميم المنازل، إن جميع وسائل الاتصال الهاتفية مع ليبيا مقطوعة. ويضيف أنه تناهت إليه أخبار تفيد أن أحد المرتزقة الأفارقة الذين يستأجرهم النظام الليبي لترويع المتظاهرين قد داهم منزله، بقصد السطو. وأضاف “رآه أحد أقاربي، فما كان من ذلك المهاجم إلا أن قام بإطلاق أربع رصاصات في الهواء بقصد التخويف والتهديد.. إن جميع الليبين خائفون من هكذا ممارسات”.
وكان حوالي 125 شخصاً من الليبيين الأميركيين قد تظاهروا في “المركز الإسلامي في ديترويت”، يوم الثلاثاء الماضي، بدعوة من “مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية” (كير) للتنديد بالجرائم التي يرتكبها النظام الليبي بحق المتظاهرين والناس الأبرياء والعزل.
وطالب مدير “كير” في ميشيغن داود وليد بإسم المحتجين “إدارة الرئيس أوباما بقطع جميع العلاقات الدبلوماسية مع جميع الأنظمة القمعية والاستبدادية في العالمين العربي والإسلامي وأن تتوقف عن مساندة الحكام الدكتاتوريين”.
وفي الوقت الذي توقفت فيه الهجمات ضد المتظاهرين في مدينة بنغازي وشرق البلاد، إلا أن مدنا أخرى مثل طرابلس وضواحيها مايزال يشهد حضوراً للدبابات والآليات العسكرية التي قد تشن هجوماً على المدن في أية لحظة، وهذا ما يسبب الخوف والرعب، لسكان المدينة، بحسب هويو، الذي هو من مدينة بنغازي.
ونوه إلى أن جميع الليبيين يشعرون بالقلق والتحسب بمن فيهم أولئك الذين يعيشون خارج ليبيا، وقال: “لقد جئت إلى الولايات المتحدة في العام 1978 ولكن هذه الأيام هي الأصعب، وأقضي الوقت بمتابعة الأخبار، وأسهر حتى وقت متأخر وأستيقظ مبكراً لاستطلاع آخر مجريات الأحداث والاطمئنان على أفراد عائلتي، فأمي وأخوتي وأخواتي مازالوا يعيشون هناك وأنا قلق عليهم بشكل كبير، فمنذ 5 أيام وصفت أمي مدينة بنغازي بأنها كرة من نار”.
ووصف الأميركي الليبي الدكتور محمد ترسين، وهو طبيب يعمل في “مركز ديترويت الطبي”، الأوضاع في مدينة طرابلس بأنها الأسوأ، و”أن القذافي يحصّن نفسه بمتاريس وخطوط دفاع كثيرة يشرف عليها أبناؤه وفي حوزتهم مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة”.
وأبدى ترسين قلقه على أخيه وأخته وأقاربه الذين لا يستطيع الاتصال بهم بسبب انقطاع وسائل الاتصال بما فيها الانترنت. ونوّه بفخره بما يقوم الشعب الليبي من صمود وبطولات في سبيل الحرية.
وقال: “إن اعتبر كل أبناء الشعب الليبي كعائلة واحدة، وما يصيب أي واحد منهم، فذلك يصيبني”.
واستغرب هويو تصرفات النظام الليبي والطريقة البربرية التي يتم بها التعامل مع الليبيين، وقال “إنني مصدوم لما حصل ويحصل، وخاصة لما يجري الآن في العاصمة طرابلس” ومستهجنا في الوقت نفسه محاولات القذافي بإخفاء جرائمه، عبر إخلاء المستشفيات من الجرحى والقتلى ودعوة وسائل الإعلام العالمية، واصفا تلك المحاولة بالمكشوفة. وتساءل واصفا القذافي بالمختل: ما الذي يحاول هذا الأحمق أن يقوله؟ إنه يعيش في الأوهام، ولا أستبعد أن يكون هذا الرجل مريضاً نفسياً أو مختلاً عقليا.
ودعا هويو المواطنين الأميركين إلى التضامن مع الليبيين في مأساتهم والوقوف معهم في هذه المحنة مشيراً “إلى أن الأمن الأميركي سيكون في وضع أفضل في حال وجود رجل عاقل على رأس النظام في ليبيا بدلا من هذا المجنون، وكمواطن أميركي أقول: هذا خطأ، وعلينا إبلاغ ممثلينا في مجلس الكونغرس الأميركي، من نواب وشيوخ، وحتى ممثلينا المحليين في المجالس البلدية ونطالبهم باتخاذ موقف واضح، فذلك من شأنه أن يساعد”.
أما الدكتور ترسين فشكر المواطنين الأميركيين الذين انضموا إلى تلك التظاهرة وعبروا عن تضامنهم مع الشعب الليبي، وثمّن الجهود التي تضغط على البيت الأبيض وتطالبه باتخاذ خطوات ملموسة في هذا المجال.
Leave a Reply