ديربورن – قالت المدعي العام الفدرالي في جنوب شرق ميشيغن باربرا ماكويد حول التقارير الأمنية السرية الفدرالية التي سربت مؤخرا، والتي تصنف ديربورن كثاني أكبر مدينة بعد نيويورك يتواجد فيها أشخاص تربطهم صلات بمنظمات أو أشخاص تصنفهم الإدارة الأميركية في قائمة «الإرهاب»، «انه من المؤسف أن تلك التقارير ألقت ظلالاً سلبية على المجتمع الذي يعيش في المدينة بأكمله، وأضافت في رسالة في البريد الإلكتروني ارسلتها لـ«صدى الوطن» «وأستطيع التأكيد لجميع الناس أن مدينة ديربورن يقطنها وطنيون أميركيون عظام – جنود، ضباط شرطة، معلمون، محامون، أطباء، رجال أعمال، عمال وجيران طيبون». وكانت ماكويد جاءت إلى ديربورن صباح الجمعة لتقف جنبا إلى جنب مع قادة ونشطاء الجالية العربية والمسلمة الذين طالبوا بعقد جلسات في الكونغرس الأميركي حول ما جاء في التقرير المسرب، وحذرت ماكويد جميع الناس من الإفتراض او الأخذ بمصداقية أو دقة ما جاء في ذلك التقرير «أنا متشككة جدا في صحة التقرير وما جاء فيه من أرقام، انه مؤشر على عدم المسؤولية، من الذين وزعوا التقرير الذي يحمل أرقاماً تؤثر سلبا على المجتمع برمته، فلقد رأيت تلك القوائم وكلنا يعرف أنها ليست واقعية» وأضافت ماكوايد «ان التقرير يخلق تصوراً سلبيا عن المجتمع برمته الذي طالما كان ضحية لمروجي الخوف والكراهية الذين يأتون هنا لتلطيخ سمعة هذا المجتمع، وأنا واثقة أن هؤلاء لا يزال في جعبتهم الكثير من مثل هذه الأراجيف». وقالت ماكويد «يا أهالي ديربورن .. أنا واقفة معكم، أنا هنا لخدمتكم وسوف أتعاون معكم لحمايتكم».
بربارا ماكويد تشارك في مؤتمر صحفي مع ممثلين لمنظمات حقوقية أمام مبنى بلدية ديربورن صباح الجمعة الماضي. عدسة «ديربورن برس اند غايد» |
وكان موقع «ذا إنترسيبت» الإلكتروني قد نشر التقرير الذي يتضمن وثائق سرية صادرة عن «المركز الوطني لمكافحة الإرهاب – إدارة هويات الإرهابيين»، وجاء فيه أنه حتى العام 2013 هناك في الولايات المتحدة 20،800 شخصا يحملون الجنسية الأميركية أو الإقامة الدائمة يعتقد أنهم إرهابيون أو مشتبه بصلاتهم باشخاص او تنظيمات ارهابية. وجاء في التقرير أن مدينة نيويورك والتي يقطنها زهاء 8 مليون نسمة تحتل المرتبة الأولى في عدد الإرهابيين أو المشبوهين بعلاقاتهم، تليها مباشرة ديربورن والتي لا يزيد عدد سكانها على 100 ألف نسمة، والتي تشكل أكبر تجمع للعرب الأميركيين في الولايات المتحدة، وجاءت في المرتبة الثالثة مدينة هيوستن، ومن ثم سانتياغو في المرتبة الرابعة وشيكاغو إحتلت المرتبة الخامسة. ولم توضح الوثيقة تفاصيل دقيقة عن عدد الإرهابيين أو المشبوهين في كل مدينة بمفردها.
وقالت الوثائق بأن مكتب التحقيقات الفدرالي الـ«أف بي آي» ووكالة الإستخبارات الأميركية المركزية الـ«سي آي أي» وغيرهما من الوكالات الحكومية ترشح أسماء لإضافتها الى تلك القوائم بمعدل 900 إسم يوميا، وهذه تختلف عن قوائم «الممنوعين من السفر جوا» ويصل عددهم الى 47 ألف شخص، حيث قالت ماكوايد بأن الحكومة الأميركية تعكف على دراسة المخاوف الناتجة عن هذه القوائم وتبذل الجهود لإعادة النظر في المعايير المتعلقة بها». بموازاة ذلك دعا مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية «كير» فرع ميشيغن ومنظمات حقوقية أخرى وقيادات في الجالية العربية الأميركية في المدينة الى عقد جلسات في الكونغرس الأميركي لمناقشة هذه التقارير السرية، حيث طلب المدير التنفيذي في «كير» داوود وليد من النائب الأميركي جون كونيرز (ديمقراطي – ديترويت) برفع إلتماس الى وزارة العدل للتحقيق بشأن التنميط غير العادل وغير المبرر والمراقبة المفروضة على العرب والمسلمين الأميركيين في مدينة ديربورن.
وقال وليد «إنه لم يثبت حتى الآن ضلوع أي من سكان ديربورن في أية نشاطات إرهابية محلية ولم يتم إدانة اي شخص في اي من القضايا التي مثلت امام المحاكم الفدرالية من أهالي المدينة بتهمة الإرهاب الدولي، فإن نظرة الـ«إف بي آي» للعرب الأميركيين في المدينة بأنهم مصدر تهديد إنما تستند فقط الى التنميط العرقي والديني».
ويقدم التقرير المسرب لمحة عن نطاق الممارسات السرية لمراقبة الإرهاب في الولايات المتحدة وعدد الناس الموضوعين على قوائم المراقبة المثيرة للجدل، ويقول النقاد لتلك اللوائح العشوائية بان المسؤولين الأمنيين مستعدون لقبول الأسماء على تلك القوائم دون تدقيق كاف للتأكد من مصداقية الإتهام الموجه اليهم. ويبذل الـ«أف بي آي» في ديترويت موارد من أجل الوصول الى أفراد الجالية في ديربورن وعقد إجتماعات منتظمة مع قادة المجتمعات المحلية، ولكن ينتقد هؤلاء القادة أحيانا جهود التحقيق التي يمارسها عملاء الـ«أف بي آي» في ديربورن، حيث طفت توترات على السطح في نيسان (إبريل) 2009 حين إنضم المسلمون في ديترويت الى عدد من الجماعات الأخرى في أميركا في دعوة وزير العدل إيريك هولدر للتحقيق في شكاوى تتعلق بمحاولة الـ«أف بي آي» التجسس على المساجد وتجنيد بعض المسلمين كمخبرين عن ما يجري في تجمعاتهم.
وتحدثت وكالة «أسوشيتد برس» للأنباء عن غموض المعايير التي بموجبها يوضع الأشخاص على تلك القائمة، فالحكومة لا تحتاج لدليل لتربط بين شخص وبين الإرهاب لوضعه على القائمة، كما أن الوثائق أظهرت أنه منذ محاولة المواطن النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب تفجير طائرة الركاب الأميركية المتجهة لديترويت عشية عيد الميلاد عام 2009، زاد عدد الموضوعين على القائمة ليصل الى430 الفا في حين تم شطب 50 الف إسم من القائمة ذاتها.
وكان الـ«أف بي آي» أمضى قدرا كبيرا من الوقت في ديربورن منذ إعتداءات ١١ أيلول الإرهابية بالتحقيق في الإدعاءات المختلفة المتعلقة بالإرهاب والعمل مع الجالية، وغالبا ما يشكو العرب الأميركيون من إستهدافهم من عناصر المخابرات وأجهزة تنفيذ القانون. وقال وليد بأن الأدلة برهنت أن الإرهاب ليس منطلقا من ديربورن، وأضاف أن ما كشفته الوثائق الأخيرة سيزيد في مخاوف الناس في مجتمعنا ويجعلهم يخشون الذهاب للمساجد أو المشاركة في المناسبات الإجتماعية. وأضاف وليد «الوثيقة لا تحدد بحال حقيقة من هم الذين يقومون بالإرهاب، فالوثيقة تشير الى أن إدارة أوباما تستهدف المسلمين الأميركيين بوجه عام، وديربورن على وجه الخصوص والتي يتركز فيها العرب الأميركيون وهم موضع إشتباه دائم» وأضاف وليد «تصنيف مجتمع برمته ليس مشكلة وحسب وإنما أيضا مثار تساؤلات لحكومتنا الفدرالية كيف تنفق أموال دافعي الضرائب» وقال ينبغي التوقف عن إرسال عملاء الـ«أف بي آي» والمخبرين الى مجتمعاتنا فهذا لا معنى ولا مغزى له، مؤكدا أن العرب الأميركيين أناس ملتزمون بالقانون وسرعان ما يقوموا بالإبلاغ عن أي حالات إشتباه».
وقال المحامي نبيه عياد وهو رئيس «رابطة الحقوق المدنية للعرب الأميركيين» بأنه توكل في العشرات من القضايا المتعلقة بأشخاص تم إستهدافهم من السلطات الفدرالية ولم يدن أحد منهم في قضايا لها علاقة بالإرهاب، وقال «إن وجود مثل هذه القائمة إنما يعزز الصورة النمطية للعرب مع أن الرجال والنساء العرب في هذه الجالية مجدون ومجتهدون في عملهم ومواطنون صالحون». ولم تعلق بلدية ديربورن على الوثيقة وإكتفت المتحدثة بإسم البلدية ماري لاندروش بالقول «إنها وثيقة مسربة ولا يسعنا التعليق عليها».
Leave a Reply