ثامر السبهان، سفير محمد بن نايف ما فوق العادة إلى ذوي الحاجات المالية الخاصة لدى بقايا 14 آذار ومستلم ملف تقسيم أهل البيت الواحد، جاء إلى لبنان في أعقاب معركة تحرير جرود عرسال الأولى بأمر اليوم السعودي: نغِّصوا على المقاومة حياتها واحرموها من نسب الفضل لها بالنصر الذي أحرزته بجدارة.
ذلك أنَّ الانتصار الإعجازي للمقاومة الذي انتهى بالقضاء على جبهة «النُصرة» الإرهابية ونفيها إلى حتفها المحتوم في دير الزور، وسط التفاف شعبي جماهيري حولها لأول مرة من كل الطوائف، أدَّى إلى جن جنون بني سعود وبني نتنياهو. أوامر السبهان كانت صارمة بالبدء بالهجوم على المقاومة والتلطي بالجيش ومحاولة خلق هوة بين المقاومة والجيش ثم استعمال أدوات عراقية وسورية مدسوسة لشرذمة الفريق الواحد كما تحاول السعودية في اليمن.
خطة السبهان لم تكتمل لأن قرار معركة تحرير جرود القاع ورأس بعلبك اتخذ رغم الطلب السعودي من أميركا بالضغط على لبنان لوقفها او تأجيلها حتَّى يتم تمييع النصر وابقاء سيف «داعش» مسلطاً على رؤوس المواطنين. ولا شك أنَّ بني سعود أرادوا تأجيل معركة «فجر الجرود» لأنهم كانوا على علم بمخطط مجرمي «داعش» الذي تم كشفه عبر شريط مصور تركوه سهواً، بغزو واحتلال بلدتي القاع ورأس بعلبك.
وأسقط في يد “قرطة حنيكر” مرة أخرى عندما حصل الإنتصار الثاني ولم يجف حبر الانتصار الأول، وتمت معرفة مصير الجنود المأسورين ونُفي الدواعش الى مصيرهم المحتوم في جهنم، وبأقل كلفة بشريَّة ممكنة. والمضحك أنَّ بقايا جوقة السعودية شربوا حليب السباع فجأةً وكانوا يريدون الثأر من الدواعش اليوم لقتلهم جنودنا بينما هم كانوا يغطونهم سياسياً كل فترة احتلالهم للجرود!
كذلك من شدة حبهم للجيش الذي ضعضعوه أمام التكفيريِّين سابقاً، بدأوا ينظِّرون ويدلون بتكتيكاتهم العسكرية وهم ينظرون في «ناضور» سامي الجميِّل. فلم يعيروا اهتماماً لمعركة المقاومة والجيش السوري في القَلَمون الغربي وشككوا في أنهما رجحا الكفَّة في الميدان. بل ادعوا أنَّ الدواعش جاء بهم «النظام» وهو الذي أخذهم. هذه السخافة فضحها السيد حسن نصرالله في خطابه خلال حفل التحرير الثاني بالقول أنَّه أضطر أنْ يطلب من الرئيس الاسد شخصياً استعادة التكفيريِّين للكشف عن مصير جنودنا اللبنانيين، رغم أنَّ هذا سيسبب إحراجاً لسوريا ورغم أنَّ معركة القَلَمون ليست أولوية عسكرية مهمة لدمشق التي تسعى لإنجاز أكبر في دير الزور والرقة حيث يكمن الوكر الأخير للشيطان!
باسخف ما جاء في اتهامات فرقة «حصب الله» ان ما قامت به المقاومة هو خدمة لإيران. لكن إذا كانت مصلحة طهران تكمن في انتصار لبنان، فلم لا؟ وماذا فعل بني سعود للبنان حتَّى اليوم وماذا اعطوه من سلاح؟ وأين مكرمات هؤلاء ولبنان يحصل على السلاح من روسيا؟
إنَّ قرار شن المعركة من قبل الدولة هو قرار سيادي وتم فقط بسبب رئيس شجاع لا يخضع للضغوط والمساومات وفرض رأيه على الجميع ولم يأبه لموفد بني سعود الذين أهانوا رئيس الجمهورية مرَّتين حتَّى الآن. فعندما قام السبهان كاللص بزيارة لبنان من دون المرور على بعبدا أو عين التينة، لم نسمع أي انتقاد حتَّى من النيام في 8 آذار إلا لماماً، لماذا؟ تصوروا لو فعل الشيء ذاته مسؤول أو مبعوث إيراني وقام فقط بزيارة حركة “أمل” والحزب؟ تسلُّل السبهان غير القانوني يشبه تسلُّل جاك شيراك، الموظف الفرنسي لدى الحريري برتبة رئيس، عندما كان يزور ضريح الحريري ولا يلتقِ بالعماد المقاوِم أميل لحُّود.
وللمحللين الاستراتيجيين في «قرطة حنيكر» يجب طرح السؤال التالي عليهم: ماذا لو افترضنا أنَّ الجيش اللبناني قام بتطهير جرود القاع ورأس بعلبك والفاكهة ثم اكتفى بذلك وبقي المجرمون التكفيريُّون متواجدين في بؤرة كبيرة على الجانب السوري، ولم يتم طردهم وكشف مصير العسكريين؟ ماذا سيكون موقفهم؟ كانوا سيلومون المقاومة على عدم محاربة «داعش» بل سيتهمونها بالتواطؤ معها! ألم يكسب الجيش السوري والمقاومة المعركة في الجهة المقابلة؟ أو لم تُضَحِّ سوريا للمرة العاشرة من أجل لبنان؟ ما الذي يمكن لسوريا أنْ تفعل أكثر ممَّا فعلته حتَّى الآن للبنان ولسياسييه الناكري الجميل والذين لحم أكتافهم من خير دمشق؟ إنَّ حلاوة النصر والتحرير الثاني وعذوبة القضاء على دولة الخرافة والإجرام التكفيري لن تتم من دون التطبيع الكامل مع سوريا الأبية.
لقد أحسن العماد ميشال عون بالدعوة للتحقيق ومعاقبة المقصرين الذين منعوا الجيش من تحرير جنوده الذين أسرهم الدواعش بمساندة من دواعش الداخل. واذا حصل تحقيق عادل فستكون هذه أول مرة في تاريخ لبنان يجري فيه تحقيق قد يكون متورطاً فيه قادة عسكريون وسياسيون منذ فضيحة صفقة «كروتال». فصفقة “البوما” التي كان بطلها أمين الجميِّل ذهبت سدى من دون محاسبة له، كذلك فضيحة ثكنة مرجعيون وبطلها أحمد فتفت وورطة 11 مليار دولار السنيوريَّة وغيرها كثير. وبمناسبة الحديث عن تحقيق عادل لا تبارح مخيلتنا صورة قائد الجيش السابق جان قهوجي وهو يدخن السيكار ويحتسي الشمبانيا ويجعل منه “شاور” عند ميشال سليمان الذي استغرب يومها في تغريدة له ما إذا أصبحتْ الشمبانيا جريمة، وكأن هذا بيت القصيد لا الجنود الذين خطفوا قبل التمديد لقهوجي بأسبوع! كما لا ننسى إصرار سمير مُقبل على التمديد لقهوجي بموافقة كل القوى، ما عدا التيَّار العوني، بحجَّة عدم الفراغ، وإزاحته للعميد روكز من قيادة الجيش. وان ننسى فلا ننسى المفاوضات الضائعة العقيمة بين تمَّام سلام وتميم قطر التي لم تفض إلى نتيجة! لا عجب أن يوقع كل هؤلاء مع سليمان وميقاتي على مذكَّرة ذل وعار قدموها للجامعة العربية.
انه زمن الانتصارات رغماً عن كل الأوامر الملكية والمدنية وزمن محو دولة الدواعش الوهَّابية وزمن العويل الإسرائيلي وربَّما زمن سَوْق رؤوس كبيرة إلى الزنزانات التي اشتاقت لأصحابها!
Leave a Reply