كان لدي سبباً وجيهاً للانقطاع عن مراسلة العرب الأميركيين في ولاية ميشيغن عبر أجنحة صحيفة «صدى الوطن». ومــن الأسباب أنني انشغلت في الإعداد لتوقيع إصداري الشعـري: «برج التين» في الحفل الذي اقيم في قصر الأونيسكو في بيروت يوم الثلاثاء 15/1/2013. أعترف أنه رغم التظاهرة الثقافية التي رافقت التوقيع أنني افتقدت كل أحبائي وأصدقائي في ديترويت وودت لو أنني كنت أوقع بينكم على أوراق التين التي يضمها الديوان وتحمل كل محبتي وكل أوجاعي وألمي على الواقع العربي الراهن. واعترف رغم انشغالي أنني تمكنت من ان التقط بعيوني صورة الحركة المحيطة بنا هنا على المساحة العربية ابتداءً من لبنان حيث لازلنا لم نتفق ولن نتفق على قانون للإنتخاب، والأمر هنا يعود الى ان الانتخابات عندنا والديمقراطية عندنا مجرد عملية وليست نهج حياة ولذلك فإنني لن أمضي قدماً في تحبير أوراقي بمسألة «أي قانون انتخاب» لأن المشكلة في لبنان تكمن في من ننتخب وكيف وما هي المعايير المعتمدة لدى قيادتنا لاختيار نوابنا.
في صورة المشهد الاقليمي العام: انتخابات في اسرائيل لتكريس اتجاهها الى اليمين (ربما لأن اليمين أكثر ملائمة للتسوية! ألم يوقّع مناحيم بيغن الأكثر تشدداً في المجتمع الاسرائيلي اتفاق كامب ديفيد؟ هل كان شمعون بيريز ليفعل ذلك أو أنه كان وافق على الخروج من اقل من سيناء مقابل أقل من السلام؟
وفي صورة المشهد الاقليمي أيضاً انتخابات برلمانية في الاردن على وقع مقاطعة من الأحزاب الدينية. أما في سورية فإن ديموقراطية الانتخاب تسير وسط تصاعد للعنف الذي يحصد الناخبين، ومع استمرار عدم الرغبة في وعي أن التغيير بالقوة مستحيل وأن منع التغيير بالقوة أكثر استحالة. في هذا الوقت تستعد مصر للاحتفال بذكرى «ثورة 25 يناير» وسط تأكيد المعارضة أن الثورة مستمرة وأن ما جرى هو استيلاء على نتائج الحراك الأول في الميادين، وأن ما يجري من المغرب العربي الى المشرق العربي، خصوصاً في مصر، هو «انتداب» أجنبي بوسائل دينية والقاء القبض على السلطة بواسطة انقلابات ديموقراطية. طيب ألم يكن ما يجري ومازال يجري على مساحة بعض النظام في الوطن العربي «انتداب» أجنبي بوسائل قومية أخفت خلف أقنعة العروبة طيلة خمسة عقود أنماطاً غريبة عجيبة من السلطات.
في صورة المشهد الإقليمي أيضاً، على ما نرى، إعادة خلط أوراق في العراق و«حرب باردة» في اليمن وتصاعد للإحتجاج في البحرين وحروب عصابات في المدن الليبية وحريق في مالي وعنف عابر للحدود الجزائرية ولا سلام داخلي في تونس… الله الله، ما كل هذا؟ أفيدونا أفادكم الله!
أقول، على ما قيل ويقال، انه ممنوع على الفلسطينيين الاتفاق سوى على حل لإدارة الاختلاف وليس حل للمشكلة بين حركتي «فتح» و«حماس».
وعلى ما يقال وما نلمس فإننا في «الشرق الأوسط الكبير» سنبقى نعيش في دوامة توتر طائفي ومذهبي وعرقي وسياسي وسيجري إيقاظ كل المشكلات حتى بين القرى والأقارب والأزواج الى ما شاء الله. لا راحة ولا استراحة إذن؟! هل ترانا نتمكن من تنظيم هذه «الفوضى البناءة»؟ هل ترانا نتمكن من دفع بعض الضرر وتقليل سفك الدماء؟
أشهد اننا لن نتمكن من وقف الزوابع التي ستأخذ ما اتت به الرياح وبعد ذلك سيقضي الله أمراً كان معقولاً.
Leave a Reply