زينة جعفر – ديربورن
وسط آلام النزوح ومعاناة مئات آلاف اللبنانيين الذين أجبروا على ترك منازلهم وأرزاقهم نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على قرى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، قرّرت سوزانا حسن ألا تقف مكتوفة الأيدي حيال المجازر اليومية وموجات التهجير الجماعي في موطنها الأم.
سوزانا، وهي أم لثلاثة أبناء، ترجمت أحزانها وتعاطفها، عبر إطلاق مبادرة فردية لمساعدة المتضررين من العدوان عبر جمع المواد العينية من المتبرعين في منطقة ديربورن وإرسالها إلى لبنان، مثل الملابس والأحذية والأغطية وحليب الأطفال.
لم تكن سوزانا تتوقع أن يأتي وقت تُجبر فيه عائلتها على ترك منزلها والهروب من نير الغارات الإسرائيلية بـ«أقل من يمكن حمله»، بحسب ما أفادت لصحيفة «صدى الوطن»، مشيرة إلى أن الظروف المريعة أجبرت والدتها على النزوح بالملابس التي ترتديها فقط»، أسوة بعشرات آلاف العائلات اللبنانية، للنجاة من قصف الغارات الإسرائيلية على الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية خلال الشهرين المنصرمين.
وتابعت سوزانا بالقول: «لقد نزحت أمي من منزل عائلتنا في قرية الخيام هرباً من الحرب، وهي تعيش حالياً في منطقة قريبة من بيروت… إنها ليست بحاجة للمساعدة ليس لأنها لا تملك ملابس كافية، بل لأنها هربت بدون أن تحمل معها أغراضها الشخصية»، متسائلة: «إذا كان هذا يحدث لأمي، فماذا عن الآخرين، وماذا عن الفقراء والمعوزين، تصوّر.. بعض الناس غادروا منازلهم حفاة الأقدام!».
ولفتت سوزانا إلى أن منازل عائلتها وأقاربها في لبنان قد دمرت بالكامل، وقالت: «أنا على اتصال يومي بعائلتي للاطمئنان على صحتهم وسلامتهم، أتحدث معهم يومياً، وغالباً ما أسمع دوي القنابل والانفجارات خلال المكالمات الهاتفية».
سوزانا، التي هاجرت من قرية الخيام إلى الولايات المتحدة قبل 26 عاماً وهي بعمر السابعة عشرة، عاشت رحلة من الكفاح لتحقيق الاستقرار والنجاح في موطنها الجديد، لكنها لم تنسَ قط جذورها. ووسط صدمتها لما حل بعائلتها وباقي الأسر اللبنانية من جراء الحرب الوحشية خلال الشهرين المنصرمين، قررت عدم الاكتفاء بالصمت والشكوى، وبادرت إلى أخذ زمام المبادرة.
وبمساعدة حيدر حسن، وهو مالك لشركة قطع غيار السيارات التي تعمل فيها كمديرة في مدينة ديترويت، حصلت سوزانا على مساحة لتخزين الإعانات، ليعملا معاً في تجهيز الحاويات المعدة لجمع المساعدات وتوضيبها بمساعدة الموظفين الآخرين الذين لم يدخروا جهداً للمساهمة في ذلك العمل الإنساني.
في الأثناء، قامت سوزانا بنشر بلاغات حول المبادرة الخيرية على وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الأصدقاء والأقارب الذين أبدوا تجاوباً منقطع النظير منذ اليوم الأول، لتبدأ المساعدات بالتدفق بشكل يفوق التوقعات، ولتفيض الإعانات خلال أسبوع واحد فقط على الصناديق المعدّة سلفاً للتوضيب تمهيداً لإرسالها إلى لبنان عبر البحر، في رحلة تستغرق زهاء 50 يوماً.
وفي الإطار، أوضحت سوزانا بأنها كانت في بداية الأمر تقوم مع أصدقائها بالانتقال من منزل إلى آخر لجمع التبرعات، ولكن بعد تخصيص موقع لجمع الإعانات في مقر الشركة التي تعمل بها في مدينة ديترويت، بات أصحاب الأيادي البيضاء يجلبون بأنفسهم المواد التي يريدون التبرع بها. وقالت: «الاستجابة على مبادرتنا فاقت التوقعات».
وبالفعل، تم إرسال الشحنة الأولى من المساعدات خلال سبعة أيام من البدء في جمع المساعدات، حيث تم إرسالها إلى منظمة «داليا والتغيير» التي تديرها الناشطة اللبنانية داليا كريم، والتي تشرف على توزيع الإعانات على أصحاب الحاجة الحقيقيين فور وصولها إلى لبنان.
وفيما تستعد سوزانا حالياً لإرسال الشحنة الثانية إلى لبنان فور استكمال المساعدات، أعربت عن فخرها وامتنانها العميق لأبنائها وأصدقائها وعموم المجتمع الذي احتضن مبادرتها ودعمها بكافة السبل.
للراغبين بالتبرع، يمكن إحضار المساعدات العينية إلى العنوان: 9101 شارع فريلاند في مدينة ديترويت.
Leave a Reply