يبدو ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وهو في العقد السابع، يستحي ان يودع شعبه أو يقابل ربه باتفاق سلام مهين، مثله في ذلك مثل سلفه ياسر عرفات الذي آثر الاستشهاد في انتفاضة ثانية فجرها عقب عودته من واشنطن ورفضه توقيع اتفاق صلح برعاية بيل كلينتون، وكان ان حوصر في مقر اقامته في رام الله ثلاث سنوات، حتى انه سمم ومات.
عباس وضع شرطا للعودة الى طاولة المفاوضات، يكاد يكون مستحيلا قبوله من الائتلاف الحاكم في اسرائيل بقيادة نتانياهو، الا وهو وقف الاستيطان في الضفة الغربية، اذ كيف لحكومة صهيونية تقبل بهذا الشرط، وشعبها يعتقد ان الاراضي ما بين البحر المتوسط ونهر الاردن كلها ارض يهودية، تصادف وجود الفلسطينيين عليها، وهؤلاء يشكلون أزمة للكيان الاسرائيلي، فلا هو قادر على طردهم الى دول عربية مجاورة، ولا هو راغب في استيعابهم داخل الدولة اليهودية. ثم ان للفلسطينيين عذرهم في وضع هذا الشرط، فالاستيطان لمن لا يعلم ليس مجرد بضع مستوطنات مقامة على اراض فلسطينية ويعيش فيها عشرات الالاف من اليهود، لو كان الامر كذلك لاستبدل الفلسطينيون المساحات المقامة عليها المستوطنات بأخرى داخل الخط الاخضر، واقام اليهود فيها تحت الحكم الفلسطيني، مثلما هناك اكثر من مليون عربي يعيشون في عكا والناصرة ويافا وغيرها تحت الحكم الاسرائيلي.
المشكلة ان اسرائيل وبحسب بنود في اتفاقات اوسلو جعلت اكثر من 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية “وقفا” يهوديا منحته للمستوطنات ليكون مجالا حيويا لها، ترجم هذا المجال على الارض، على شكل طرق سريعة التفافية تؤمن للمستوطنين الوصول الى الداخل الاسرائيلي دون الحاجة للاقتراب من المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وهذه الطرق ممنوع على الفلسطينيين استخدامها، وهي مقامة عليها نقاط تفتيش ومراقية عسكرية، هذه الاراضي المصادرة او الموقوفة معظمها اراض زراعية مسجلة رسميا في دوائر المساحة والطابو باسم اهاليها الفلسطينيين منذ العهد العثماني، لكنها ممنوع عليهم فلاحتها وبيعها وشراؤها، وليس للسلطة الفلسطينية الحق في ابرام عقود رسمية بشأنها ولا التصرف فيها ولا حتى الاحتفاظ بسندات ملكية لاصحابها في دوائرها الحكومية.
معلوم ان الضفة الغربية قسمت أراضيها بحسب “أوسلو” الى ثلاث فئات”أ” و”ب” وهما مناطق مدينية تعج بالسكان وضعت تحت سيطرة السلطة الفلسطينية والفئة الثالثة “ج” وهي التي نحن بصددها.
تسربت حديثا اخبار عن مشروع اسرائيلي لمبادلة الأراضي “ج” بأراض في صحراء النقب يقام عليها ممر يصل ابين قطاع غزة والاجزاء المتبقية من الضفة الغربية، اذ لا يعقل اقامة دولة فلسطينية بشطرين، كما لا يعقل ان يسيطر الاسرائيليون على ممر كهذا، يمكنهم اغلاقه في أي وقت يشاءون مثلما يفعلون بالممرات بينهم وبين قطاع غزة، يا لها من مشاريع لا تحظى حتى بموافقة تلميذ في الابتدائي، فكيف يجد الاسرائيليون والاميركيون مبررا لعرضها على الفلسطينيين، اذ كيف هؤلاء يعرضون مبادلة اراض في المدينة المقدسة وفي اكنافها باخرى في صحراء النقب.
Leave a Reply