دمشق، عواصم – قد تكون اتصالات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المتسلسلة والتي بدأت بمكالمته مع الملك عبدالله ولاحقاً مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، والرئيس السوري بشار الأسد، سرعت عجلة قطار التسوية، وتحمل الكثير من الدلالات على بدء التحضير لإنطلاق فعاليات مؤتمر «جنيف٢» التي تبقى الرياض العاصمة الوحيدة المعارضة له، ويبدو أن التبدلات الميدانية التي تشهدها حلب ودمشق سرعت أيضاً الجهود الرامية لعقد المؤتمر قبل نهاية العام، سيما مع اندلاع معركة القلمون التي يسعى الجيش السوري من خلالها الى بسط سيطرته على الجبال الواقعة قرب الحدود اللبنانية شمالي العاصمة دمشق. غير أن رد المسلحين كان موجعاً هذه المرة على عكس انهيارهم السريع في مناطق جنوبي العاصمة حيث انحصر وجودهم في عدد قليل من الأحياء مثل التضامن والحجر الأسود فيما يتم الحديث عن حل سلمي مع مخيم اليرموك.
مقاتلان من المعارضة أثناء معارك في ريف حلب. |
دولياً، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد مباحثات أجراها مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل على أهمية مشاركة إيران والسعودية في مؤتمر «جنيف ٢»، مشيرا الى ضرورة أن يكون هناك تمثيل لكافة الدول التي تؤثر على مختلف اطراف الازمة في سوريا، وقال «من المهم مبدئيا أن تكون كافة البلدان، بدون استثناء، التي تؤثر على مختلف أطراف الأزمة السورية ممثلة في هذا المؤتمر، وأقصد قبل كل شيء إيران والمملكة العربية السعودية، لأن هاتين الدولتين تمثلان الجهتين الداعمتين للحكومة والمعارضة السورية على التوالي».
وأعاد لافروف الى الأذهان أنه من المقرر أن يعقد يوم الاثنين 25 الجاري لقاء جديد بين ممثلي روسيا والولايات المتحدة والمبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي، وبعد ذلك ستكون هناك اتصالات مع الأعضاء الدائمين الآخرين في مجلس الأمن الدولي، بالاضافة الى العرب والاتراك، لأنهم سيكونون أيضا جزءاً مما يسمى بـ«الدائرة الخارجية» لهذا المؤتمر
وبدورها، أكدت ايطاليا وفرنسا الى جانب دول أخرى دعم الجهود الرامية الى عقد المؤتمر، وحتى تركيا اعتبرت أن الرئيس السوري يستغل تأخير عقد مؤتمر «جنيف ٢» ويصعد الهجمات ضد مسلحي المعارضة، مؤكدة على ضرورة عقد المؤتمر على وجه السرعة.
معركة القلمون
لم يكد الجيش السوري ومؤيدوه يحتفلون بتحرير بلدة قارة التي تعتبر مفتاحاً لمعركة القلمون (ريف دمشق الشمالي) حتى ردّ المسلحون بهجوم شامل على بلدة دير عطية المجاورة واحتلوها، ليعلن الجيش البلدة ومحيطها منطقة عسكرية، ما أدى إلى انقطاع الطريق بين حمص ودمشق. وصُدِم اهالي دير عطية بتفجير انتحاري استهدف حاجز الجلّاب، يوم الأربعاء الماضي، تبعه تفجير انتحاري قرب المشفى الوطني، ما أدى إلى وقوع اشتباكات استعاد بنتيجتها الجيش المنطقة. لم يمضِ سوى يوم واحد على هذه الأحداث الأمنية حتى تفجّر الوضع كلياً، وبدأت القذائف تهطل على البلدة القلمونية المعروفة بتأييد أهلها للدولة السورية.
تفجير انتحاري آخر في المكان نفسه قرب المشفى، كان تمهيداً لاحتلاله من قبل المسلحين وأخذ بعض المدنيين فيها رهائن. تواصلت محاولات تسلل مسلحي المعارضة من الجبل الشرقي، فيما استمرت وحدات من الجيش والقوى الأمنية بصدّها. وقد عانى الاهالي من اجتياح حقيقي. «هجوم على بيوت المدنيين ومحالّهم التجارية. أملاك السكان أصبحت عرضة للنهب والسلب داخل البلدة، فضلاً عن اقتياد بعض السكان، من المسيحيين تحديداً، إلى أماكن مجهولة. أعداد كبيرة من الموجودين في البلدة أصيبوا بنيران المسلحين الذين يتحدّث معظمهم لهجات غير سورية»، بحسب ما يؤكد نازحون لصحيفة «الأخبار» اللبنانية.
وبعد يوم على استهداف المستشفى الوطني في دير عطية، والحواجز المحيطة للجيش بتفجيرات انتحارية، نفّذها سعوديون، نشأت بؤرة اشتباك جديدة في المدينة التي تطل مباشرة على الطريق الدولي بين حمص ودمشق، والذي أعلن عن قطعه من قبل قوات الجيش بسبب رداءة الوضع الأمني.
وكان الجيش السوري قد دخل الى بلدة قارة من خلال عدة محاور، أولها من جهة الطريق الدولية الواصلة بين دمشق وحمص، وأيضاً عبر محور آخر حيث استطاع الجيش الاشراف على التلال المرتفعة في البلدة.
ويتوقع مراقبون بأن معركة القلمون ستستغرق وقتاً، بسبب هامش المناورة الواسع الذي تمتلكه الفصائل المسلحة، بعتادها الخفيف نسبياً، مقارنة بالجيش، ولقدرتها على التوغل في البادية السورية المحاذية لجبال القلمون، والاختباء في وديانها إضافة الى توفر عمق الإمداد عبر بلدة عرسال اللبنانية. ووفقاً لمصادر مقربة من السلطات فإن الهاربين من معارك دمشق تحوّلوا إلى مدّ لوجستي لمقاتلي المعارضة في القلمون. كما تثير كثافة المقاتلين وهامش حركتهم الواسع، مخاوف من عودة التوتر مجدداً لأرياف حمص أيضاً.
وقد شهدت دمشق الخميس الماضي اليوم الأسوأ ربما خلال هذه الأزمة من حيث كثافة الاستهداف بقذائف الهاون. وسقط ما يزيد عن 30 قذيفة على مناطق متفرقة أودت بحياة مواطنين عديدين، كما جرح العشرات.
وفي ريف حمص تتواصل المعارك بين الجيش السوري والمسلحين على مشارف قرية الغنطو، وأدت إلى استعادة القوات السورية، لمزارعِ بيت صويص الواقعة على الحدود الشرقية لقرية الغنطو، فضلاً عن إحكام سيطرتها على الطريق الواصل مع تلبيسة أكبر المعاقل المتبقية للمعارضة في محافظة حمص.
أما في ريف حلب وبعد دخوله قريتي المعامل والمحالج، أحكم الجيش السوري سيطرته على منطقة الدويرينة التي بقيت أكثر من سبعة أشهر تحت سيطرة مسلحي المعارضة السورية وأحكم الجيش السوري سيطرته على القرية الواقعة في ريف حلب الشرقي، ذلك أن المقاتلين انسحبوا منها بعد دخول الجيش قريتي المحالج والمعامل.
ووفق الجيش السوري، تعتبر المنطقة أقوى خط دفاع لتنظيم «داعش» و«النصرة» وآخر معقل لهم شرق مطار حلب ضمن قطر خمسة كيلومترات.
وفي انتكاسة لمقاتلي المعارضة توفي عبد القادر صالح القيادي البارز بالمعارضة السورية المسلحة في إحدى مستشفيات تركيا متأثراً بإصابات لحقت به في غارة جوية على حلب. وكان صالح، قائد لواء التوحيد الإسلامي المدعوم من قطر، يعمل قبل وفاته على إعادة تنظيم مقاتليه في حلب.
دعا المتحدث الرسمي باسم «داعش»، أبو محمد العدناني، التنظيمات الاسلامية المتشددة إلى الانضمام إلى مشروع تنظيمه، بحسب تسجيل صوتي بثته مواقع «جهادية»وقال العدناني في الشريط: «نتوجه إلى كل المجاهدين قادة وجنوداً، جماعات وافراداً أن تسرعوا بالالتحاق بمشروع الدولة الاسلامية في العراق والشام»، مضيفاً أنّ «هذا المشروع مشروعكم وإن مجيئكم اتقى لربكم وأقوى لجهادكم وأغيظ لعدوكم». ودعا العدناني الى عدم الحكم على تنظيمه من خلال وسائل الاعلام «أو ما يبثه أعداؤنا من التهم والافتراءات، إنما بما ترونه وتحسونه أنتم بأنفسكم».
Leave a Reply