سارة كومينيك – «صدى الوطن»
في حفل افتتاح رسمي، كشف «المتحف التاريخي بهامترامك» –الخميس 19 تموز (يوليو)– عن جدراية بعنوان «القدوم إلى هامترامك»، تصور الثراء العرقي والثقافي في «المدينة الأكثر تنوعاً في الولايات المتحدة».
الجدراية التي يبلغ طولها 150 قدماً، وارتفاعها 6 أقدام، تصدرت ثلاثة من جدران القاعة الرئيسية بالمتحف، وقد تم إنجازها بمنحة 15 ألف دولار قدّمها «مجلس العلوم الإنسانية في ميشيغن».
وشكلت هامترامك منذ أوائل القرن التاسع عشر مقصداً للكثير من المهاجرين من مختلف الأعراق والثقافات وهو ما يظهر جلياً في الجدارية التي تكونت من عدة لوحات منفصلة تعكس ثقاقات وتاريخ الجاليات التي تعاقبت على المدينة منذ تأسيسها عام 1798، كالأميركيين الأصليين (الهنود الحمر) والفرنسيين والألمان والبولنديين والأفارقة الأميركيين والألبان واليمنيين والبوسنيين والبنغلاديشيين، إضافة إلى مجموعات أخرى.
وأكدت عضو مجلس إدارة المتحف سيندي سيرفيناك على أن الرسوم لم تقدم تصويراً للثقافات المتمايزة فحسب، ولكنها «تمثل الثقافات الموجودة اليوم في هامترامك»، مضيفة «لقد عملنا مع جميع المجموعات العرقية لكي نعرف كيف تريد أن تُبرز تاريخها.. وبالتالي فإن مواضيع الجدارية لا تدور حول تاريخهم الثقافي (في أوطانهم الأم) بقدر ما تعكس تاريخهم في المدينة».
وأشارت في حديث مع «صدى الوطن» إلى أن المتحف التاريخي يخطط لإقامة المزيد من حفلات الاستقبال عندما يتم الانتهاء من جميع اللوحات، لافتة إلى أنه ستتم إضافة رسوم أخرى تصور ثقافات الأقليات الصغيرة، التي تعيش في المدينة.
أشخاص حقيقيون
من جانبه، الفنان التشكيلي دينيس أرلويسكي الذي اختير لإنجاز الجدارية، أكد على أن «الأشخاص الذين يظهرون في اللوحات هم أشخاص حقيقيون، لقد رسمتهم من الحياة.. لا شيء في تلك الرسوم تخيلياً». وساق مثالاً على ذلك، الأشخاص في اللوحة المخصصة لتصوير الثقافة اليمنية، والذين كان بينهم المرشح لعضوية مجلس شيوخ ولاية ميشيغن أبراهام عياش، الذي يظهر مع أخيه خلال فوزهما بجائزة «روبوتكس» في المدرسة الثانوية.
وفي اللوحة المخصصة للثقافة الألبانية، ظهر ناشر صحيفة «ذا ريفيو» جون أولاج الذي أعرب عن مفاجأته حين طُلب منه أن يكون جزءاً من الجدارية، مؤكداً لـ«صدى الوطن» أنه «قبل العرض بكل ترحيب»، لافتاً إلى أن أكثر ما يحبه في هامترامك هو «التنوع».
وأضاف ناشر الصحيفة التي تصدر في هامترامك: «إنها مدينة نموذجية للتنوع وأعتقد أن الكثير من المدن الأخرى عليها أن تحاكي هذا النموذج وأن تتبناه».
وقال أولاج: «من خلال تعلمنا من ثقافات بعضنا البعض.. نمتلك القوة كمجموع. لا يمكنك أن تكون مزدهراً عندما تتجاهل جانباً واحداً في العالم من أجل الجوانب الأخرى».
وفي السياق ذاته، أعربت الألمانية الأصل جوان باريوس عن تأثرها العميق بالطريقة التي صورها بها أرلويسكي الذي حرص حتى على إظهار النقوش التي تزيّن تنورتها في اللوحة المخصصة للثقافة الألمانية. باريوس التي حضرت حفل الاستقبال بالتنورة نفسها، قالت «أبي ألماني وأمي بولندية وأنا متزوجة من مكسيكي»، مؤكدة أن «الجدراية أضافت نكهة خاصة للمتحف التاريخي بهامترامك».
وأشار أرلويسكي -خلال كلمة ألقاها بمناسبة الكشف عن الجدارية- إلى أنه أجرى الكثير من البحوث في ثقافة البلدان التي جاء منها سكان هامترامك للعثور على رموز ثقافية ذوات معنى، مدرجاً مثالاً على ذلك لعبة «كابادي» التراثية في بنغلادش، من بين العديد من الأمثلة الأخرى.
هديتان
السناتور الأميركي المتقاعد عن ولاية ميشيغن كارل ليفين انتهز حفل الافتتاح لتقديم هدية للمتحف، وهي نسخة مصغرة عن تمثال الجنرال البولندي الأصل تاديوس كوتزيوسكو (١٧٤٦–١٨١٧) المنصوب قريباً من تقاطع ميشيغن أفنيو وشارع ثيرد بوسط مدينة ديترويت، مشيراً إلى أن «المجسم قُدّم له كهدية على جهوده في إيجاد موقع لنصب التمثال» الذي هو بدوره نسخة عن تمثال مماثل في مدينة كراكوف البولندية.
كذلك، قدّم ليفين للمتحف لوحة يظهر على أحد وجهيها مركب شراعي وعلى الوجه الآخر رسالة أبرقها اثنان من البحارة البولنديين معربين فيها عن شكرهما للسناتور الديمقراطي الذي ساعدهما في الحصول على اللجوء في الولايات المتحدة عام 1982. وكان البحاران قد عبرا نهر ديترويت بمركب شراعي للوصول إلى الأراضي الأميركية.
ووصف ليفين الرسالة بأنها «مؤثرة وشخصية وعاطفية للغاية»، «ليس فقط بالنسبة لي ولكنني أعتقد أنها كذلك بالنسبة لجميع من يفهمون ما يمثله هذان البحّاران».
وقال رئيس مجلس إدارة المتحف التاريخي بهامترامك غريغ كوالسكي: «الأمر يتعلق مباشرة بموضوع الهجرة»، ذينك الشخصان طلبا اللجوء وحصلا عليه.. لقد كان ذلك مثالياً.. إنه أمر رائع جداً، وهو حقاً ما يدور في أذهان الكثيرين هذه الأيام»، مشدداً «نحن في غاية الضراوة حول هذا الأمر»، في إشارة إلى التأييد غير المحدود لحقوق المهاجرين في الولايات المتحدة.
Leave a Reply