ديترويت
في خطوة سياسية جريئة، أعلن رئيس بلدية ديترويت، مايك داغن، يوم الأربعاء الماضي، إطلاق حملته الانتخابية لمنصب حاكم ولاية ميشيغن عام 2026، كمرشح مستقل، متخلياً عن عضويته في الحزب الديمقراطي رغم العلاقات الوطيدة التي تربطه بقيادات الحزب وصولاً إلى البيت الأبيض.
وبذلك، لن يسعى داغن للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي في الانتخابات التمهيدية المقررة في آب (أغسطس) 2026، بل سيعمد إلى خوض الانتخابات العامة مباشرة في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه، متطلعاً إلى خلافة الحاكمة الحالية، الديمقراطية غريتشن ويتمر، التي لا يحق لها الترشح للاحتفاظ بمنصبها لفترة ثالثة، وفقاً لدستور ميشيغن.
ولخوض السباق كمرشح مستقل، سوف يتعيّن على حملة داغن جمع التواقيع اللازمة لإدراج اسمه على بطاقة الاقتراع، ما من شأنه أن يمنح الناخبين «خياراً ثالثاً معروفاً» بدلاً من إجبارهم على الاختيار بين الحزبين التقليديين، كما جرت العادة.
وجاء إعلان داغن (66 عاماً)، عن ترشحه لمنصب الحاكم من خلال مقطع فيديو سلّط فيه الضوء على الإنجازات التي شهدتها ديترويت تحت قيادته على مدار 11 عاماً، مبرراً قرار ترشحه كمستقل بأن «نهجه لا يتناسب بشكل مريح مع عقيدة أي من الحزبين السياسيين»، في إشارة إلى الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وأضاف رئيس بلدية أكبر مدينة في ميشيغن أن «النظام السياسي الحالي يجبر الناس على اختيار أحد الجانبين بدلاً من البحث عن الحلول»، معرباً عن أمله في أن يتمكن من تغيير ذلك.
وفي تصريح لاحق لصحيفة «ديترويت نيوز»، كشف داغن أنه اتخذ قرار الترشح كمستقل بعد أسبوع تقريباً من الانتخابات الرئاسية التي جرت في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم والتي فاز فيها الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب في ميشيغن وعموم البلاد، بتفوقه على نائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس.
وأردف داغن أن نتائج الانتخابات والمحادثات التي أجراها بعد ذلك، جعلته يدرك بأن هنالك «نسبة كبيرة من الناس الذين يشعرون بأنهم لا ينتمون إلى أي من الحزبين».
وعن قراره التخلي عن عضويته في الحزب الديمقراطي، قال إن بطاقة رسوم تجديد الانتساب وصلته بالبريد، ولكنه أخبر زوجته أنه لن يجددها هذا العام.
مرشح مستقل قوي
في فيديو إعلان ترشحه، حرص داغن على تناول العديد من الإنجازات التي شهدتها ديترويت في عهده، مثل إنارة الشوارع وتعزيز الشرطة وتحقيق أول زيادة سنوية في عدد سكان المدينة منذ 66 عاماً، مع اكتساب 1,852 نسمة في عام 2023، مؤكداً أنه منذ توليه رئاسة البلدية عام 2014 دأب على وضع مصلحة ديترويت أولاً وفوق أية مصالح حزبية أخرى.
وقال داغن: «نحن نبني مدينة يتم فيها تقدير جميع الناس، فقد ناضلت بشدة من أجل الحقوق المدنية وحقوق الإنجاب وحقوق مجتمع المثليين والمتحولين جنسياً. لكن عندما تصاعدت الدعوات لخفض تمويل الشرطة، أغضبتُ البعض في حزبي من خلال منح ضباط الشرطة في مدينتنا زيادة مستحقة قدرها 10 آلاف دولار فضلاً عن نشر 300 ضابط إضافي في شوارعنا».
وشدد داغن على أنه سيواصل التركيز على واجباته كرئيس لبلدية ديترويت خلال العام 2025 الذي سيكون السنة الأخيرة من فترته الثالثة على رأس حكومة المدينة، مستدركاً بأنه سيقوم أيضاً برحلات عبر الولاية للاستماع إلى هموم سكان ميشيغن وعقد محادثات معهم.
وكان داغن –الذي تولى منصبه في خضم قضية إفلاس ديترويت– قد أعلن الشهر الماضي أنه لن يسعى لولاية رابعة كرئيس لبلدية المدينة في الانتخابات المقررة خريف 2025، فاتحاً بذلك، باب المنافسة لخلافته على مصراعيه.
وحول الأسباب التي دفعته للترشح لحاكمية ميشيغن، زعم داغن أن الولاية بحاجة إلى تحسين نظام التعليم والحد من هجرة الشباب الذين يغادرون ميشيغن للعيش والعمل في ولايات أخرى.
ومن المرجّح أن تواجه حملة داغن كمرشح مستقل، العديد من التحديات في سباق الحاكمية. فعلى سبيل المثال، يختار العديد من سكان ميشيغن التصويت الحزبي المباشر (ستريت تيكيت) بحيث يقترعون لصالح مرشحي حزب معيّن في جميع السباقات المدرجة على بطاقات الاقتراع، ما يعني عدم التصويت لأي من مرشحي الأحزاب الأخرى أو المستقلين.
وفي انتخابات الحاكمية عام 2022، اختار حوالي 64 بالمئة من الناخبين في مقاطعة وين، حيث يعيش داغن، التصويت الحزبي المباشر.
ورغم أنه لم يسبق لأي مرشح مستقل أن فاز بانتخابات حاكمية ميشيغن قط، إلا أنه ينظر إلى داغن على أنه الشخص الأقدر على تحقيق هذا الإنجاز التاريخي، نظراً لإنجازاته العريضة في قيادة نهضة مدينة ديترويت، والدعم الكبير الذي يمكن أن يحظى به من مؤسسات وشخصيات بارزة.
فبعد دقائق من انطلاق حملة داغن صباح الأربعاء الماضي، أصدرت شركة «فورد موتور» بياناً من الرئيس التنفيذي بيل فورد الابن يؤيد فيه حملة داغن المستقلة لتولي أعلى منصب تنفيذي في حكومة ميشيغن.
وقال فورد: «مايك قائدٌ ذكي وصاحبُ رؤية يتميز بالمثابرة لتحقيق ما قد يعتبره الكثيرون مستحيلاً»، لافتاً إلى أن ميشيغن «ولاية تتمتع بقوة كبيرة، مع قدرات صناعية غنية وموارد طبيعية وفيرة ومؤسسات تعليمية عالمية المستوى»
وأبدى سليل عائلة رائد صناعة السيارات هنري فورد، اعتقاده الراسخ بأن «داغن لديه الرؤية والخبرة والتصميم لمساعدة ولايتنا على الازدهار وتحقيق إمكاناتها الكاملة».
بدوره، وصف نائب حاكم ميشيغن السابق، الجمهوري براين كالي، ترشح داغن كمستقل، بأنه بمثابة زلزال سياسي محتمل من شأنه أن يغير حسابات الجميع في سباق الحاكمة المرتقب، نظراً لما يتمتع به من مصداقية وقدرة عالية على جمع الأموال.
ويُنظر على نطاق واسع إلى سكرتيرة الولاية جوسلين بنسون، ونائب الحاكم غارلين غيلكريست، وعضو مجلس الشيوخ مالوري ماكمورو من رويال أوك، ورئيس مقاطعة جينيسي كريس سوانسون كمرشحين محتملين لترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب الحاكم.
وفي تعليق لها، قالت رئيسة الحزب الديمقراطي في ميشيغن، لافورا بارنز، إن سباق الديمقراطيين التمهيدي لمنصب الحاكم سيكون محتدماً بشكل لا يصدق، معربة عن تطلعها إلى احتفاظ حزبها بمنصب الحاكم و«مواصلة بناء مستقبل أكثر إشراقاً لجميع سكان ميشيغن».
وبينما يُنظر على نطاق واسع إلى سكرتيرة الولاية جوسلين بنسون، ونائب الحاكم غارلين غيلكريست، وعضو مجلس شيوخ الولاية مالوري ماكمورو، وشريف شرطة مقاطعة جينيسي كريس سوانسون، كمنافسين محتملين على ترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب الحاكم. مازال السباق على الجانب الجمهوري غامضاً مع عدم بروز أية أسماء محتملة قبل سنتين تقريباً من الانتخابات.
نبذة شخصية
إن قرار داغن بالترشح كمستقل ليس المرة الأولى التي يتخذ فيها نهجاً غير تقليدي في سباق انتخابي محتدم. ففي عام 2013، فاز داغن بانتخابات الديمقراطيين التمهيدية لمنصب رئاسة بلدية ديترويت، كمرشح «كتابي» من خارج بطاقة الاقتراع، متفوقاً آنذاك على شريف مقاطعة وين الراحل بيني نابليون ليصبح أول رئيس بلدية أبيض لديترويت منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي.
وقبل أن يصبح رئيساً لبلدية ديترويت وتتم إعادة انتخابه مرتين في 2017 و2021، شغل داغن منصب نائب محافظ مقاطعة وبين عامي 1987 و2001، ثم انتخب لمنصب المدعي العام في مقاطعة وين (2001–2004)، قبل أن يتولى رئاسة «مركز ديترويت الطبي» من عام 2004 إلى 2013، عندما نقل مقر إقامته من ليفونيا إلى ديترويت للترشح لمنصب رئيس البلدية.
والجدير بالذكر أن داغن من مواليد ديترويت عام 1958، وهو متزوج منذ العام 2021 من البروفسور المصرية الأميركية في جامعة «وين ستايت» سونيا شوقي حسن، وله أربعة أبناء من زوجته السابقة لوري ماهر قبل طلاقهما عام 2019. حصل على درجة البكالوريوس في الآداب من جامعة ميشيغن في عام 1980، ثم حصل على درجة دكتوراه في القانون من كلية الحقوق التابعة للجامعة نفسها عام 1983.
Leave a Reply