ديربورن – إعتقد متعهّد الحفلات اللبناني الأميركي صائب المقداد عند توجهه الى مطار ديترويت الدولي في الأول من أيار (مايو) الجاري أنَّه بعد ساعات سيحط الرحال في مطار بيروت للقاء زوجته وأولاده الذين كانوا ينتظرون وصوله بفارغ الصبر. لكن سرعان ما تبدد المشهد بالكامل عندما وجد المقداد نفسه مطوّقاً بعدد من رجال الأمن في قاعة استقبال المسافرين ليتبيَّن أنَّ اسمه أدرج على «لائحة الممنوعين من السفر» مما يحظر عليه مغادرة الولايات المُتَّحدة.
مشكلة المقداد مع منعه من السفر من قبل السلطات الأمنية الأميركية بدأت في ٢٢ أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، عندما أبلغته السلطات الأمنية الفرنسية في مطار شارل ديغول الدولي في باريس، أنَّ إسمه موضوع على «اللائحة الأميركية للممنوعين من السفر» وإنَّه لا يمكنه ركوب الطائرة المتوجِّهة الى مطار ديترويت آنذاك.
صائب المقداد |
وفور تبلغه قرار حظر السفر في فرنسا، توجَّه المقداد الى السفارة الأميركية في باريس لمراجعة المسؤولين فيها حول منعه من السفر، حيث أجاب على مجموعة من أسئلة تتعلق بعمله وحياته الشخصية وعائلته أيضاً، عندها إتضح لديه سبب الحظر!
لقد وُضع اسمه على اللائحة لأن أعضاءً من عائلته الكبرى (آل المقداد) قاموا بخطف مواطنين سوريين ومواطن تركي في بيروت في أواسط آب (أغسطس) الماضي.
والجدير بالذكر ان آل المقداد هم من العائلات الكبرى التي يسكن غالبية افرادها في منطقة البقاع ومناطق أخرى في لبنان. وقد قام ما يسمى بـ«الجناح العسكري لآل المقداد» بالخطف بعد إحتجاز أحد افراد العائلة حسن المقداد من قبل مجموعة مسلَّحة سورية معارضة.
وصائب المقداد، مواطن أميركي من أصل لبناني يعمل متعهداً للحفلات ويستقطب نجوماً بارزين من العالم العربي.
وقد شرح المقداد لـ«صدى الوطن» أنه تلقى رسالة نصية أُرسلت الى هواتف الآلاف من أبناء العائلة تدعوهم للتجمع في «مقر العائلة المركزي» في الضاحية الجنوبية. وأضاف انه ذهب الى الإجتماع مرتين للتداول بخصوص خطف حسن المقداد في سوريا، لكنه أكد أنه لم يؤيد وسيلة الخطف وشجب أية محاولة لخطف أجانب في لبنان.
وأضاف «لقد كنت ضد ما حدث وانتقدت الأسلوب والوسيلة. إن خطف ابن المقداد لا يجب ان يتحمل مسؤوليته السوريون الأبرياء العاملون في لبنان». وشدد على أن لا علاقة له بعمليات الخطف مشيراً الى أن السلطات اللبنانية كانت لتوقفه لو تبين أن له صلة بسلسلة عمليات الخطف التي أعقبت حادثة اختطاف حسن المقداد. وقد قامت إستخبارات الجيش اللبناني بإلقاء القبض على أشخاص من آل المقداد بتهمة الخطف ومعظمهم الآن في السجن.
وبالعودة الى تفاصيل قضية المقداد، كان طاقم السفارة الأميركية في باريس قد أخبر المقداد أنهم سوف يتصلون به بعد يومين، وقام إثر ذلك بالعودة الى بيروت.
وبعد وصوله الى لبنان، وصله بريد إلكتروني من السفارة الأميركية في باريس يبلغه ان السفارة الاميركية في لبنان لديها كتاب موجه اليه، يسمح له بالسفر الى أميركا خلال ١٤ يوماً. في تلك الأثناء كان «مكتب التحقيقات الفدرالي» (أف بي آي) يتحرى عن المقداد داخل الجالية العربية في ديترويت وبالتحديد في ديربورن، واستنطق لهذا الغرض صهره الذي يعيش في مدينة ديربورن.
وفي شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وصل المقداد الى ديترويت قادماً من بيروت عن طريق باريس، وقدم شكوى الى «وزارة الأمن الوطني» لكنه عندما قرر الذهاب الى لبنان لرؤية زوجته وأطفاله الأربعة في ٣ كانون الثاني (يناير) الماضي، قيل له انه لا يستطيع السفر وعليه إبلاغ السلطات المحلية قبل ١٤ يوماً من سفره الى أي مكان داخل أو خارج أميركا.
وهذا ما فعله المقداد حيث أعلم السلطات وأخذ الإذن بالمغادرة في الأول من أيار الجاري. وفي ٢٦ نيسان فوجىء بزيارة عملاء «مكتب التحقيقات الفدرالي» الذين استجوبوه حول عمليات الخطف في لبنان وحققوا معه بشأن «دردشة» عبر صفحته على موقع «الفايسبوك» تطرق فيها الى مسألة خطف ابن عشيرة آل المقداد في سوريا.
واكد صائب بأنه يعرف حقوقه وانه كان بإستطاعته رفض الحديث مع عملاء الـ«أف بي آي» من دون تواجد محاميه خلال الإستجواب. وأردف «لكن ليس عندي ما أخفيه». وخلال المقابلة مع عملاء الـ«أف بي آي» التي استغرقت ثلاث ساعات ونصف قال المقداد إنه سيغادر الى بيروت وأعطى المحققين رقم هاتف محاميه لمتابعة اي إستجواب لاحق، فما كان منهم إلا ان قالوا له «نتمنى لك رحلة آمنة».
وكان المقداد قد أخبر السلطات بموعد سفره قبل شهر من الموعد المقرر في مطلع أيار، لكنه خلال وجوده في قاعة المغادرين الخارجية، وحينما كان يتحدث الى مندوبة خدمات المسافرين، التي استأذنته بدورها بعض الوقت ريثما تطلع على سجل الحجوزات في الحاسوب أمامها، وجد المقداد نفسه فجأةً محاطاً برجال أمن من وكالات فدرالية أخرى.
«لقد شعرت كأني مجرم. وأنا لست كذلك. لماذا علي أن أدفع الثمن لانتمائي لعائلة كبيرة مثل آل المقداد التي أتشرف بالإنتماء اليها، وهي تحوي العديد من الأطباء والأساتذة والضباط الكبار والسياسيين والمهندسين والمحامين». وأضاف «إن المشهد داخل المطار أساء لسمعتي وعطل عملي وكم تمنيت لو لم اذهب الى المطار بسبب ما حصل.. لقد إشتقت لزوجتي وأولادي في بيروت الذين لم أرهم منذ أكثر من ٧ اشهر. لقد أمضيت في هذا البلد ٢٤ عاماً ولم أقم بأي عمل غير قانوني خلال إقامتي الطويلة».
ويحضر المقداد شكوى قضائية لرفعها ضد السلطات الفدرالية المعنية من أجل تنقية اسمه وإزالته من «لائحة الممنوعين من السفر». وفي هذا المجال قال محاميه نبيه عياد «إن هذا العمل مثل صارخ على التمييز العنصري الممنهج ضد العرب الأميركيين لكننا سوف نقوم بإجراءات قانونية لمقاضاة ذلك في المحكمة الفدرالية ولنا في هذا المجال جولات رابحة». وختم المقداد قائلاً «إنه ضحية التمييز العنصري لأنه لبناني وعربي أولاً ولأنه من آل المقداد مشتبهاً أن يكون الـ«أف بي آي» قد تلقى «إخبارية» من أحد مخبريه في الجالية العربية هنا، والتي يجب ان تكون موحدة أكثر ومنظمة أكثر لمكافحة التمييز ضد أفرادها».
Leave a Reply