واشنطن، كابول – تعتزم الولايات المتحدة والحلف الاطلسي سحب قواتهما من افغانستان بحلول نهاية 2014 ونقل مسؤولية العمليات الامنية الى الجيش الافغاني، لكن بعد حادثة حرق المصاحف في قاعدة “باغرام” العسكرية ومجزرة دموية ارتكبها جندي أميركي بحق ١٦ أفغانياً معظمهم من الأطفال والنساء، ارتفعت وتيرة الغضب الشعبي في أفغانستان مع خروج تظاهرات حاشدة تهدد استمرار التواجد الأميركي في البلاد خاصة مع دعوة الرئيس الأفغاني لانسحاب مبكر بحلول عام ٢٠١٣.
وأعلن متحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون)، الاربعاء الماضي، أن الجندي الاميركي، منفذ عملية قتل 16 مدنيا افغانياً، الاحد الماضي، في ولاية قندهار (جنوب)، نقل الى خارج افغانستان. وقال الكابتن جون كيربي للصحافيين “لقد تم نقله الى مركز احتجاز اخر خارج البلاد”، موضحا ان الجيش الاميركي أو التحالف الدولي لا يملك في افغانستان سجونا على استعداد لاستقبال المنفذ المحتمل لمثل هذه الاعمال.
وحسب الرواية الأميركية فإن الجندي الاميركي غادر قاعدته وسط الظلام سيراً على الاقدام في اقليم بنجاوي الى قريتين مجاورتين وقتل 16 شخصا بينهم عدد كبير من النساء والاطفال. ويملك المحققون في الجيش الاميركي صور فيديو المراقبة تظهر السرجنت الذي يبلغ من العمر 38 عاماً وهو يستسلم. ولم تتوضح بعد دوافع الجندي.
كما لم توجه بعد التهمة رسميا الى الجندي. لكن ان حكم القضاء العسكري الاميركي بأنه مذنب فهو يواجه عقوبة الاعدام بحسب وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا.
وعلى سؤال لمعرفة ما اذا كان نقله خارج افغانستان يعني انه لن يحاكم في البلاد، خلافا لمطالبة البرلمان الافغاني بمحاكمته علنا “أمام الشعب الافغاني”، قال جون كيربي انه “من المبكر” استخلاص النتائج.
لكن متحدثا آخر باسم “البنتاغون”، جورج ليتل، ذكر أن اتفاقا بين الحكومتين الاميركية والافغانية ينص على أن الاعمال الاجرامية أو الجنح التي يرتكبها جنود أميركيون هي من اختصاص القضاء العسكري الأميركي وليس الافغاني.
من جهته، أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن “حزنه العميق” بسبب المجزرة، ووصفها بأنها “مفجعة ومذهلة”. لكنه حذر من اي انسحاب “متسرع” للقوات من افغانستان رغم علامات الاستفهام التي تطرح حول نجاعة استراتيجية واشنطن في هذا البلد بعد المجزرة.
وقال أوباما في بيان أصدره البيت الأبيض “أشعر بحزن شديد للمعلومات التي أشارت إلى موت مدنيين أفغان. وأتقدم بأصدق التعازي إلى أسر وأعزاء الذين فقدوا الحياة، وإلى الشعب الأفغاني الذي تعرّض لكثير من المعاناة والعنف”. واضاف الرئيس انه “حادث مفجع ومذهل، ولا يمثل إطلاقاً الطابع الاستثنائي لقواتنا، ولا الاحترام الذي تكنّه الولايات المتحدة للشعب الأفغاني”. وأيّد أيضًا إجراء تحقيق “لمعرفة الوقائع في أسرع وقت ممكن حتى يمكن محاسبة المسؤولين” عن هذه المجزرة.
وفي مقابلة مع محطة تلفزيونية أميركية، قال أوباما “من المهم لنا ان نؤمن انسحابا (من افغانستان) بشكل مسؤول كي لا نضطر في ما بعد العودة اليه”. واضاف “الانسحاب المتسرع هو ما لا نريده” من افغانستان.
واعتبر اوباما أن مجزرة المدنيين الافغان التي كان معظم ضحاياها نساء واطفال هي “بالتأكيد مؤلمة ومأسوية” قبل ان يشير الى أن أي انسحاب من افغانستان لعشرات الاف الجنود يجب ان يتم بطريقة مسؤولة. وأضاف “لدينا مئات المستشارين على الارض في المناطق المدنية، ولدينا معدات عسكرية ضخمة يجب ان تسحب (من افغانستان). يتوجب علينا ان نتأكد من ان الافغان سيكونون قادرين على تأمين حدودهم لتحاشي انتشار القاعدة في الداخل”.
60 بالمئة من الاميركيين: ضد الحرب في افغانستان
من جهة أخرى، يرى 60 بالمئة من الاميركيين أن الحرب في افغانستان لا تستحق الخسائر التي تتسبب بها فيما تؤيد نسبه مماثلة تقريباً انسحاباً مبكرا للقوات الاميركية من هذا البلد، بحسب ما اظهر استطلاع للراي اجرته شبكة “أي بي سي نيوز” وصحيفة “واشنطن بوست”. وكشف الاستطلاع ان عدد المشككين في جدوى الحرب هو عمليا ضعف نسبة الـ35 بالمئة من الذين يعتبرون ان المجهود العسكري المبذول منذ عشر سنوات يبرر النفقات والخسائر البشرية.
وبحسب الاستطلاع فإن 54 بالمئة من المستطلعين يؤيدون انسحاب القوات الاميركية من افغانستان حتى ولو لم يكن الجيش الافغاني مهيئا بعد لتولي المسؤوليات الامنية. ويؤيد هذا الموقف 60 بالمئة من الديمقراطيين والمستقلين و40 بالمئة من الجمهوريين.
Leave a Reply