إيست لانسنغ – في حادثة إطلاق نار جماعي جديدة هزت ولاية ميشيغن وعموم المجتمع الأميركي، لقي ثلاثة طلاب مصرعهم وأصيب خمسة آخرون بجروح خطيرة، في حرم «جامعة ميشيغن ستايت» بمدينة إيست لانسنغ، مساء الإثنين الماضي، قبل أن يُقدم مطلق النار على الانتحار بإطلاق النار على نفسه، أمام أنظار الشرطة، فيما لاتزال دوافع الهجوم مجهولة، بحسب المحققين.
وقالت السلطات إن المسلح، الذي يدعى أنتوني ماكراي ويبلغ من العمر 43 عاماً، انتحر بعد محاصرته من قبل الشرطة على بعد عدة أميال من مكان الهجوم الذي أسفر عن مقتل كل من: براين فرايجر (20 عاماً من غروس بوينت) وآرييل آندرسون (19 عاماً من هابر وودز) وألكساندريا فيرنر (20 عاماً من كلاوسون)، فيما نقل خمسة طلاب آخرين إلى مستشفى «سبارو» في لانسنغ، وهم في حالة حرجة، وقد خضع أربعة منهم لعمليات جراحية مستعجلة.
وفي تفاصيل الهجوم الذي أثار رودود فعل شعبية وسياسية مطالبة بتشديد قوانين حيازة السلاح، قالت الشرطة إنها تلقت سيلاً من مكالمات طوارئ حوالي الساعة 8:18 مساء، تفيد بوقوع إطلاق نار داخل أحد المباني الجامعية (مبنى بيركلي)، وعلى الفور استجاب العديد من الضباط للبلاغ. وعثروا بداخل المبنى على العديد من الضحايا، دون أن يجدوا مطلق النار. وفي غضون دقائق بدأت ترد بلاغات جديدة عن حدوث إطلاق نار داخل مبنى جامعي آخر (مبنى يونيون).
ورغم استدعاء مئات عناصر الشرطة من مختلف الوكالات المحلية، لتأمين الحرم الجامعي، ظل مطلق النار طليقاً وسط حالة من الذعر عمت الطلاب والموظفين الذين طلب منهم، الاختباء في أماكنهم حفاظاً على سلامتهم.
وفي الساعة 11 قبل منتصف الليل، كانت الشرطة لا تزال تبحث عن ماكراي الذي ظهر على كاميرات المراقبة، وسرعان ما تم نشر صورته في وسائل الإعلام ليتعرف عليه أحد المواطنين ويبلغ الشرطة بهويته.
وتم تحديد موقع ماكراي حوالي الساعة 11:35 في منطقة صناعية قرب منزله على بعد حوالي أربعة أميال من الحرم الجامعي. وبمجرد مواجهته بادر ماكراي إلى إطلاق النار على نفسه دون أن ينطق بكلمة واحدة، بحسب المسؤولين في شرطة ولاية ميشيغن.
على أثر ذلك، أعلنت السلطات أنه لم يعد هناك تهديد لأمن الطلاب والموظفين في الجامعة التي قررت تعليق نشاطها وإلغاء جميع الفصول– الافتراضية والشخصية– وكذلك الأحداث الرياضية وجميع أنشطة الحرم الجامعي الأخرى لمدة يومين على الأقل.
واستأنفت الجامعة عملياتها الإدارية يوم الخميس الماضي، فيما من المقرر استئناف جميع الفصول الدراسية، يوم الاثنين 20 فبراير.
منفذ الهجوم
توصلت التحقيقات الأولية إلى أن ماكراي نفذ هجومه باستخدام مسدسين غير مسجلين من عيار 9 ملم، غير أن الدوافع وراء استهدافه لحرم «جامعة ميشيغن ستايت» لا تزال مجهولة تماماً بحسب المحققين.
وبالإضافة إلى المسدسين اللذين اشتراهما ماكراي بشكل شرعي دون أن يقوم بتسجيلهما، بحسب شرطة ميشيغن، عثر المحققون بحوزته أيضاً على عدة أمشاط رصاص ومذكرة من صفحتين كُتبت عليها أسماء عدة مؤسسات وأعمال تجارية، من بينها «جامعة ميشيغن ستايت» التي تضم ما يقرب من 50 ألف طالب بينهم 19 ألفاً يعيشون ضمن الحرم الجامعي.
وقال كريس روزمان، نائب رئيس شرطة الجامعة، إن المحققين لازالوا يحاولون تحديد علاقة ماكراي بالجامعة والمواقع الأخرى المدرجة في المذكرة، من بينها مخزن لمتاجر «ماير» ومنطقة إيروينغ التعليمية في ولاية نيوجيرزي التي أغلقت أبوابها مؤقتاً للتأكد من عدم وجود تهديد حقيقي.
وكشف المتحدث باسم شرطة الولاية رينيه غونزاليس، في مؤتمر صحفي الخميس الماضي، أن مذكرات ماكراي تشير مبدئياً إلى أنه ربما «شعر بالإهانة» من تلك المؤسسات فأراد الانتقام، إلا أنه لم يتم التعرف بعد، على الدافع الفعلي وراء الهجوم، لاسيما وأن ماكراي المقيم في منطقة لانسنغ لم يكن طالباً أو موظفاً في الجامعة قط.
ولفت غونزاليس إلى أن ماكراي زعم في مذكراته أنه يقود مجموعة من 20 فرداً سيشاركون في خططه.
أما في ما يتعلق بسجله الجنائي، فقد أدين ماكراي عام 2019 بجنحة حيازة سلاح مخفي بشكل غير قانوني، وفقاً لإدارة الإصلاحيات الحكومية، وقد حكم عليه حينها بالمراقبة لمدة 18 شهراً، لكن ذلك لم يمنعه من شراء المسدسات في وقت لاحق.
من جانبه، قال شقيق ماكراي في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية: «الله وحده يعلم لماذا أقدم على فعلته»، مستدركاً بأن شقيقه «لم يعد هو نفسه» منذ وفاة والدتهما قبل ثلاث سنوات تقريباً.
وأضاف أن ماكراي –منذ ذلك الحين– تحول إلى شخص معزول ولم يعد يعتني بمظهره وترك وظيفته دون أن يبحث عن عمل آخر وكان يقضي معظم وقته في ممارسة ألعاب الفيديو.
دوامة العنف
على مدار الأيام التي أعقبت الهجوم المروّع، أقيمت في أنحاء متفرقة من ولاية ميشيغن، حفلات تأبين وإضاءة شموع تخليداً لذكرى الضحايا، وسط دعوات من النشطاء والسياسيين لتشديد قوانين السلاح.
من جانبه، وصف الرئيس جو بايدن في خطاب ألقاه الثلاثاء الماضي، إلى ما حدث في ولاية ميشيغن بأنه «أسوأ كابوس للعائلات»، مطالباً «بفعل شيء ما لوقف العنف المسلح الذي يمزق مجتمعاتنا».
فيما أعربت حاكمة ميشيغن، غريتشين ويتمر، خلال مؤتمر صحفي صبيحة اليوم التالي للهجوم: «إننا نأسف على فقدان الأرواح الجميلة، ونصلي من أجل أولئك الذين يواصلون القتال من أجل حياتهم»، واصفة المجزرة الأخيرة بأنها «مكان آخر يمزقه الرصاص وتسفك فيه الدماء».
ويعتبر هجوم الإثنين الماضي، ثاني حادث إطلاق نار يستهدف الطلاب في ولاية البحيرات العظمى خلال السنتين الأخيرتين، حيث هاجم طالب يبلغ من العمر 15 عاماً زملاءه والموظفين في مدرسة أكسفورد الثانوية بمقاطعة أوكلاند 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، مما أسفر عن مقتل أربعة طلاب وإصابة سبعة أشخاص آخرين بمن فيهم مدرس.
والجدير بالذكر أن حادث إطلاق النار في «جامعة ميشيغن ستايت» جاء عشية الذكرى الخامسة لإطلاق النار في مدرسة باركلاند بولاية فلوريدا، والذي أسفر عن مقتل 17 شخصاً، وهو الأحدث في عمليات إطلاق النار التي وقعت منذ بداية العام الجاري، والذي يبدو أنه سيصبح عاماً جديداً مميتاً في الولايات المتحدة، بعد أن شهد –حتى الآن– 71 حادث أطلاق نار جماعي.
ولقي العشرات حتفهم في العديد من حوادث إطلاق النار الجماعي التي وقعت منذ بداية عام 2023، ولاسيما في كاليفورنيا، حيث قُتل 11 شخصاً أثناء احتفالهم بالعام القمري الجديد في قاعة رقص تحظى بشعبية لدى الأميركيين المسنين من أصول آسيوية.
وفي العام الماضي 2022 وقع أكثر من 600 حادث إطلاق نار جماعي في الولايات المتحدة قُتل أو جُرح في كل حادث منهم أربعة أشخاص على الأقل، وفقاً لأرشيف عنف السلاح.
Leave a Reply