واشنطن
دخل المحامي المصري الأصل أمير علي، التاريخ كأول قاضٍ عربي مسلم يتم تعيينه في سلك القضاء الفدرالي بالولايات المتحدة، وذلك في إطار الجهود الحثيثة التي يبذلها الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي لتحقيق المزيد من التعيينات القضائية قبل فقدانهم الأغلبية في كانون الثاني (يناير) المقبل.
ووافق مجلس الشيوخ الأميركي في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري على ترشيح الرئيس الأميركي جو بايدن للمحامي المصري الكندي الأميركي بتأييد 50 صوتاً مقابل 49، لينضم بنتيجة ذلك إلى فريق القضاة في المحكمة الفدرالية في العاصمة واشنطن، وهي واحدة من المحاكم ذات الأهمية البالغة في النظام القضائي الأميركي.
وبذلك، أصبح أمير علي رابع قاضٍ فدرالي مسلم في أميركا، إلى جانب كل من زاهد قريشي في المحكمة الفدرالية بولاية نيوجيرزي، والقاضية نصرت تشودري في محكمة نيويورك الشرقية، ومصطفى كسوباي في محكمة أوريغون الفدرالية، وجميعهم جرى تعيينهم من قبل الرئيس بايدن.
ولد أمير حاتم علي لأبوين مصريين مهاجرين في كندا، وبرز كواحد من أبرز المحامين المدافعين عن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، بعد أن بدأ مسيرته المهنية كمحامٍ في شركة «جينر بلوك» حيث ترافع في ثلاث قضايا أمام المحكمة الأميركية العليا.
وفي عام 2017، انضم خريج كلية الحقوق بـ«جامعة هارفرد»، إلى «مركز ماك آرثر للعدالة»، وهو منظمة معروفة بالدفاع عن الحقوق المدنية والعدالة الجنائية، ليشغل لاحقاً منصب المدير التنفيذي للمركز منذ عام 2021، حيث قاد جهوداً قانونية بارزة، من بينها تمثيل والدة أحمد أربيري في دعوى مدنية بشأن مقتل ابنها على يد ثلاثة رجال بيض في ولاية جورجيا عام 2020.
وسجّل أمير علي دوراً بارزاً في معارضة سياسات الهجرة المثيرة للجدل التي فرضها الرئيس دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، بما في ذلك، الأمر الرئاسي بحظر السفر الذي استهدف دولاً ذات أغلبية مسلمة. وكتب علي في عام 2018 مذكرة للمحكمة الأميركية العليا أعرب فيها عن معارضته للحظر، والتي استشهدت بها القاضية الليبرالية سونيا سوتومايور خلال تصدّيها للأمر التنفيذي آنف الذكر، الذي تم تأييده في نهاية المطاف بأغلبية 5 قضاة مقابل 4.
وحرص الحقوقي الشاب، خلال مثوله أمام اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ الأميركي، على شكر والديه اللذين ساهما في نجاحه ونجاح شقيقته المهندسة سارة، وشقيقه طبيب القلب سامي.
وجاء تعيين أمير علي في إطار جهود الرئيس جو بايدن لتعزيز التنوع في النظام القضائي الأميركي، والتي تمخضت عن تعيين ثلاثة قضاة مسلمين في سلك القضاء الفدرالي، كان آخرهم مصطفى كسوباي الذي تم تأكيد تعيينه قبل يوم واحد فقط من التصويت على ترشيح المحامي المصري الأصل في مجلس الشيوخ الأميركي.
وبينما يتوجه الجمهوريون بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب للسيطرة على مجلس الشيوخ في يناير القادم، يسارع الديمقراطيون لتأكيد أكبر عدد ممكن من التعيينات القضائية، إذ بلغ عدد القضاة الذين عيّنهم الرئيس الديمقراطي حتى الآن 220 قاضياً، وهو رقم يسعى الديمقراطيون إلى زيادته خلال الأسابيع المتبقية لنقل السلطة للرئيس العائد إلى البيت الأبيض.
ورحبت العديد من المنظمات الحقوقية والمدنية بتعيين أمير علي قاضياً في المحكمة الفدرالية لمحكمة العاصمة واشنطن، معتبرةً هذا التعيين خطوة تاريخية نحو تعزيز التنوع والشمول في النظام القضائي الأميركي. وأشادت هذه المنظمات بكون أمير علي أول قاضٍ فدرالي مسلم من أصول عربية في الولايات المتحدة، وأن تعيينه يعكس التزام أميركا بتوسيع تمثيل الأقليات في المناصب القضائية العليا.
يذكر أن القضاء الفدرالي يضم قضاة مسيحيين من أصول عربية، بينهم القاضي اللبناني الأصل جورج سطيح في محكمة ديترويت الفدرالية.
واعتبرت منظمات عربية وإسلامية أميركية، مثل «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» و«مجلس الشؤون الإسلامية العامة»، تثبيت علي بمثابة انتصار للأقليات المسلمة والعربية في الولايات المتحدة، وقالت إنه يمثل نموذجاً للجيل الجديد من القادة الذين يسعون لتحقيق العدالة والمساواة لجميع المواطنين بغض النظر عن خلفياتهم العرقية أو الدينية.
كما أعربت المنظمات عن فخرها بأن أمير علي، الذي تخرج من «جامعة هارفرد» وشغل العديد من المناصب القانونية البارزة، سيعمل الآن على تعزيز العدالة الاجتماعية في واحدة من أهم المحاكم الفدرالية في الولايات المتحدة، مما يبعث برسالة قوية عن قدرة المجتمعات العربية والإسلامية على رفد النظام القضائي الأميركي وتطويره.
Leave a Reply