بعد شهور من المداولات والتأجيل، صوّت أعضاء مجلس ديربورن البلدي بالإجماع –الثلاثاء الماضي– على رفض إعادة التنصيف العقاري (ريزونينغ) للمنطقة المحاذية لتقاطع شارعي أفرغرين وفورد، معللين قرارهم بأن تحويلها من منطقة سكنية إلى منطقة تجارية لا ينسجم مع طبيعة الحي الذي يضم دور عبادة، مسيحية وإسلامية، ومدارس، ومجمعاً سكنياً للمسنين.
وكان أعضاء «لجنة التخطيط البلدي» قد وافقوا بالإجماع –منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي– على رفع مقترح للمجلس البلدي بالموافقة على إعادة تصنيف المنطقة عقارياً وتحويلها من سكنية إلى تجارية، تمهيداً لإنشاء فندق (أربع نجوم) مكان كنيسة «أم المخلص» الشاغرة منذ ثلاث سنوات.
ووفقاً للمطورين العقاريين، فإن الفندق الذي كان من المزمع إنشاؤه على مساحة ثلاثة آيكرات، يتبع لسلسلة فنادق «هوليداي إن إكسبرس»، وكان سيضم 107 غرف ويوفر حوالي 50 وظيفة، إلى جانب الضرائب التي سيمد بها خزينة البلدية (حوالي 250 ألف دولار سنوياً).
لكن المشروع، ورغم فوائده الاقتصادية، لاقى معارضة من قبل مسؤولي المراكز الدينية الإسلامية والمسيحية المجاورة، وكذلك من أولياء أمور طلاب «الأكاديمية الإسلامية الأميركية للشباب» (مايا)، بزعم أنه سيتستقطب النشاطات غير المرغوب فيها، مثل الجريمة والمخدرات والدعارة إلى المنطقة المصنفة «سكنية» منذ العام 1931، والتي تضم «المركز الإسلامي في أميركا» وعدة كنائس، إضافة إلى مدرستي «تشارتر»، ومجمعاً للمتقاعدين.
إحباط المطورين
وكان مجلس بلدية ديربورن قد أجل البت بتوصية «لجنة التخطيط» إلى اجتماع عقد الثلاثاء الماضي (27 مارس)، حيث فاجأ محامي المطورين العقاريين جوزيف عجبة، الأعضاء بطلب «تأجيل» التصويت ، مشيراً إلى أن موكليه لم تعد لديهم الرغبة في إنجاز المشروع، وأنهم لن يستكملوا شراء العقار.
وقال «لقد تعرض موكلي لهجمات عنيفة وعلى كافة المستويات، وكأنه مغناطيس يجتذب كافة أشكال الانحراف والسطو المسلح»، وأكد أن المطورين العقاريين «لا يريدون التسبب بأية أضرار أو إساءة للمنطقة» التي تستضيف العديد من المدارس ودور العبادة.
وتوجه المحامي لأعضاء المجلس البلدي بالقول إنهم يخلقون «تأثيراً مرعباً» حينما تعترض هيئة حكومية التنمية الاقتصادية، لافتاً إلى أن ذلك سيجعل رجال الأعمال يترددون بالاستثمار وإعداد الدراسات تطويرية.
وكان المحامي عجبة قد أشار في اجتماع المجلس البلدي في 22 مارس إلى أن موكليه أنفقوا 700 ألف دولار على الدراسات التحضيرية التي تتضمن الدراسات البيئية والعمل مع «دائرة البناء والهندسة» في البلدية، والحصول على امتياز من شركة الفنادق الأم، لإنشاء الفندق الآنف الذكر.
مداخلة عجبة أثارت ردوداً حادة من قبل رئيسة المجلس البلدي سوزان دباجة، وكذلك عضو المجلس ليزلي هيريك التي سارعت إلى الدفاع عن سياسات البلدية «الصديقة» للأعمال التجارة، وقالت «لا أعتقد أن أي شخص يعارض تطوير الأعمال في ديربورن.. نحن متحمسون لما يجري الآن في مدينتنا التي يزداد اقتصادها قوة».
أدلى بعد ذلك أعضاء المجلس السبعة بالتصويت بالإجماع ضد إعادة تصنيف العقار.
وكانت محامي بلدية ديربورن ديبرا وولينغ قد أشارت إلى أنه يجب أن يمر عام كامل قبل أن تتقدم جهة أخرى بطلب إعادة تصنيف المنطقة عقارياً.
من جانبه، أكد عضو المجلس ديفيد بزي، أن المطورين العقاريين لا يحق لهم طلب تأجيل التصويت على مقترح لجنة التخطيط البلدي، مشيراً إلى «أننا لسنا بصدد مناقشة الملكية (للعقار)، ولكننا نناقش ما إذا كانت ستتم إعادة التنصيف العقاري للمنطقة».
كذلك أعرب عضو المجلس مايك سرعيني عن معارضته لتحويل المنطقة من سكنية إلى تجارية. وفي نفس السياق، قالت دباجة: «لقد أمضينا بالفعل اجتماعين (٢٢ و٢٧ مارس) ونحن نتحدث بعمق، حول هذا الأمر.. نحن نحاول اتخاذ قرار لتحديد ما هو الأفضل لمصلحة المدينة»، وأكدت أن مسألة تقديم الكحول للزبائن في الفندق المزمع إنشاؤه لم تكن «عاملاً مؤثراً في صنع قرارها».
وقال بزي إنه طلب في اجتماع 22 مارس رفض طلب إعادة التنصيف العقاري للمنطقة، لاعتقاده بأنه من غير المناسب إنشاء فندق فيها، وقال «أنا أعرف المنطقة وكل يوم أمر بسيارتي من هناك خلال ذهابي إلى العمل وعودتي منه… إنها غير مناسبة لاستضافة فندق ليس فقط بسبب طبيعة الأبنية القائمة حالياً ولكن أيضاً لكونها لا تناسب المواطنين الذين يتوافدون إليها».
أضاف «إن دور العبادة مليئة بالحيوية وسوف يكون من المنطقي إعادة تصنيفها في حال كانت تضم مباني متدهورة وفي حال كانت البلدية ترغب بتعزيز الأعمال هناك».
ماذا عن الشفافية؟
المحامي عجبة أشار إلى أن المجلس البلدي كان قد وافق مؤخراً على إعادة تصنيف العقار الذي أنشئ عليه فندق «هامبتون إن» في غربي ديربورن، رغم قربها من العديد من المدارس والكنائس، وتساءل «لماذا وافق المجلس على إعادة تصنيف تلك المنطقة ولم يوافق على إعادة تصنيف المنطقة التي نتحدث بصددها؟».
وأجاب أعضاء المجلس البلدي بأن المطورين العقاريين، أصحاب فندق «هامبتون إن»، ليسوا من تقدم بطلب إعادة تصنيف العقار، وشددوا على أن «المقارنة بين الحالتين ليست عادلة».
وأقرت دباجة «من منطلق الشفافية» بأن أحد أبنائها في أكاديمية «مايا» وأن زوجها هو عضو في الهيئة الإدارية للمدرسة، وقالت «ليس لدي مكسب مالي مباشر أو غير مباشر من هذا الموضوع».
كما أشار سرعيني إلى أن زوجته عضو ضمن الهيئة الإدارية لـ«المركز الإسلامي في أميركا» التي تتألف من 28 عضواً، وقال «هذا ليس له أي تأثير على رأيي.. أنا محامٍ وأتبع القانون وليست لدي أية مشكلة في أن أكون محايداً».
Leave a Reply