ديربورن – «صدى الوطن»
تخليداً لذكرى المدير السابق لثانوية فوردسون، وافق أعضاء مجلس ديربورن التربوي بالإجماع –الاثنين الماضي– على إطلاق اسم المربي العربي الأميركي عماد فضل الله على البهو الرئيسي (أتريوم) في «ثانوية فوردسون» وعلى قاعة الاجتماعات في «متوسطة ستاوت»، وهما المدرستان اللتان تولى فضل الله إدارتهما خلال مسيرته المهنية الحافلة.
ويأتي هذا التكريم بعد سنتين على رحيل المربي اللبناني الأصل، الذي وافته المنية في آذار (مارس) 2017، إثر مضاعفات عملية قلب مفتوح.
وعلل أعضاء المجلس، القرار الذي صادف الذكرى السنوية الثانية لرحيل فضل الله، بـ«إسهاماته الاستئنائية في تطوير المسيرة التربوية في ثانوية فوردسون التي كانت تعاني من الكثير من المشاكل والعراقيل، والتي تحولت بفضله إلى واحدة من أنجح الثانويات لا على مستوى مقاطعة وين فحسب، بل على مستوى ولاية ميشيغن بأكملها».
كما أشاد الأعضاء بمناقبية المربي الراحل وأسلوب عمله، حيث «لم يكتف مثل معظم المدراء بالجلوس خلف مكتبه، وإنما سعى دوماً لمتابعة شؤون الطلاب والعمل على حل مشاكلهم، في أكثر سني حياتهم حساسية وحراجة، وهو الأمر الذي منحه مكانة خاصة في قلوب أولياء أمور الطلبة».
وتميز اجتماع المجلس التربوي، الاثنين الماضي، بحضور حشد كبير من الطلاب وأولياء الأمور. وأدلى بعض خريجي ثانوية فوردسون في عهد فضل الله، ممن انتسبوا إلى جامعات مرموقة في شتى الاختصاصات، بشهادات مؤثرة حول تجربتهم مع مديرهم وجهوده التنويرية وحرصه الشديد على إيلاء التعليم الأهمية القصوى في حياة أبناء الجالية العربية.
تكريم مستحق
واقترحت إحدى المتحدثات، تسمية واحدة من مدارس مدينة ديربورن باسم المربي الراحل، وذلك تكريماً «لتربوي استثنائي في مجتمعنا وفي زماننا»، مضيفة أن تلك التسمية «لا تضيف شرفاً لفضل الله، ولكن تزيد المدرسة شرفاً».
وقالت طالبة متخرجة من ثانوية فوردسون: «أعتقد أن تكريم فضل الله هو واجب علينا جميعاً، لأن آثار عمله ما تزال قائمة وماثلة أمام أعيننا حتى بعد رحيله.. لقد كان قيادياً مؤمناً بأهمية التعليم وبقيم مجتمعنا».
تخليد اسم الراحل في مدرستي «فوردسون» و«ستاوت»، جاء ثمرة جهود مجتمعية وتربوية، لـ«لجنة خاصة» تشكلت في أعقاب رحيل فضل الله، وتكونت من 14 عضواً.
وضمت اللجنة كلاً من ناشر «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني والقاضي سالم سلامة،ورجل الأعمال علي جواد، إضافة إلى أعضاء في الجهاز الإدراي بثانوية فوردسون، على رأسهم إيب مشهور وابراهيم الصغير.
وكان السبلاني قد وعد في حفل تأبين المربي الراحل قبل عامين، بتخليد اسمه على بعض المرافق التربوية في مدينة ديربورن، امتناناً وعرفاناً بإنجازاته التي «أحدثت فرقاً واضحاً في صورة الجالية العربية بمدينة ديربورن».
وتعليقاً على قرار المجلس التربوي، قال السبلاني: «لقد حققنا الوعد الذي قطعناه على أنفسنا قبل عامين»، لافتاً إلى أن «هذا الإنجاز يضاف إلى إنجازات جاليتنا العربية التي نجحت في وقت سابق بتسمية مدرستين باسمي ناشطين عربيين أميركيين، هما مايكل بري ودون يونس».
وأضاف: «هذا أقل ما يمكن أن نفعله للتعبير عن امتناننا واعتزازنا بمسيرة فضل الله التي أثارت حفيظة الكثيرين من المتعصبين ضد العرب والمسلمين الأميركيين، الذين لم يوفروا وسيلة إلا واستخدموها لفرملة جهوده وإفشاله وإبعاده عن إدارة الثانوية، بما فيها اللجوء إلى المحاكم»، في إشارة إلى المحامية اليهودية المتشددة ديبي شلاسل التي رفعت دعوى ضد فضل الله تزعم أنه «متعصب دينياً.. وينتمي لمنظمة إرهابية».
وأشار السبلاني إلى أن «فوردسون كانت قبل مجيء فضل الله ثانويةً فاشلة، تعاقب على إدراتها ثلاثة مدراء خلال عام واحد، بلا جدوى، ولكنها تحولت تحت قيادته إلى واحدة من أنجح الثانويات في الولاية، حيث باتت تخرج عشرات الطلاب المتفوقين والمؤهلين للانتساب إلى أرقى الجامعات».
من جانبه، قال المشرف العام على مدارس ديربورن، الدكتور غلين ماليكو: أهنئ عائلة فضل الله بإجماع مجلس ديربورن التربوي على إطلاق اسمه على قاعة الاجتماعات في «متوسطة ستاوت» وعلى البهو الرئيسي في «ثانوية فوردسون».
وأضاف في حديث مع «صدى الوطن»: «لقد جمعتنا به علاقة إيجابية وزمالة ممتازة عبرسنين عديدة. كان مربياً ملتزماً وأعرف تماماً أن شعاره كان على الدوام: الطلاب أولاً»، لافتاً إلى أن فضل الله يستحق التكريم بفضل «تأثيره الإيجابي على أجيال من طلاب ديربورن».
وكان الرحيل المبكر لفضل الله (57 عاماً) قد شكّل صدمة لمجتمع الجالية العربية في مدينة ديربورن، التي عرفته وخبرته كمرّبٍ وناشط مجتمعي، ساهم في تعزيز الهوية والثقافة العربية وحمايتهما لدى الأجيال الجديدة من الطلبة العرب الأميركيين في مدارس ديربورن، لاسيما خلال توليه إدارة ثانوية «فوردسون» (2005–2010).
وخلال مسيرته التربوية تميز ابن بلدة القليلة في الجنوب اللبناني، بفهمه العميق لجوهر العملية التعليمية وأهميتها في الحفاظ على الهوية الاجتماعية والثقافية للجيل العربي الأميركي الناشئ في أكثر الأوقات حساسية وضراوة، خاصة في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001. وقد واظب الفقيد على التواصل والتنسيق مع مؤسسات الجالية وفي مقدمتها «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك)، التي وضعت التعليم على رأس أولوياتها في ديربورن، وقد نجحت –منذ مطلع الألفية الحالية– بفرض الاعتراف بالحضور العربي الكاسح في مدارس المدينة في تحقيق نقلة نوعية للبنى التحتية التعليمية في شرق ديربورن، حيث تتركز الكثافة العربية، بعد أن كانت قد بلغت مدارس المنطقة حالة يرثى لها –أكاديمياً ولوجيستياً– حيث كانت بعض الدروس تقام في «حاويات الترايلر» لعدم توفر المباني الكافية لتلبية متطلبات أطفال الجالية وتطلعاتهم العلمية.
نبذة عن فضل الله
هاجر فضل الله إلى الولايات المتحدة في 1980، ومثله مثل معظم اللبنانيين الأميركيين، وصل إلى العالم الجديد بإمكانات مالية متواضعة، ولكن عزيمته الصلبة مكنته –خلال سنوات قليلة– من تحقيق حلمه الأول بإكمال دراسته الجامعية، مشكلاً قدوة لأخوته الستة الأصغر سناً منه.
درس في جامعة «إيسترن ميشيغن» وتخرج منها عام 1987 حائزاً على شهادتي البكالوريوس والماجستير في «الإدارة والقيادة التعليمية». وعمل بعد تخرجه معلماً في مدارس ديربورن العامة لمدة خمس سنوات، كما عمل خمس سنوات أخرى مساعداً لمدير مدرسة «ستاوت» ثم مديراً لها.
وفي العام 2005 تم تعيين فضل الله كأول مدير عربي أميركي لثانوية فوردسون التي شهدت تغييرات جذرية في عهده الذي امتد حتى العام 2010.
واستطاع فضل الله خلال تلك الفترة، بجهوده ومثابرته، تغيير صورة المدرسة المتعثرة إلى واحدة من أنجح مدارس ديربورن العامة. وبات طلاب المدرسة القادمون من خلفيات مهاجرة وأسر عربية ذوات دخل محدود، يحققون أعلى الدرجات العلمية، ويفوزون بالمنح الدراسية التي مكنت الكثيرين منهم من الانتساب إلى أفضل الجامعات الأميركية من «ميشيغن–آناربر» إلى «ميشيغن ستايت»، وصولاً إلى هارفرد وستانفورد و«برينستون» وغيرها من الجامعات المرموقة.
Leave a Reply