بريانا غازورسكي – «صدى الوطن»
ازدادت سخونة الاشتباك السياسي والقانوني في أروقة بلدية ديربورن هايتس –الأسبوع الماضي– مع إصدار المجلس البلدي قراراً يُنذر رئيس البلدية دان باليتكو بالشروع في إجراءات عزله، إن لم يستجب لقرارات المجلس المتعلقة بتدقيق حسابات المدينة، فيما ردّ باليتكو بأن المجلس البلدي لا يملك السلطة القانونية لإقالته.
القرار صدر خلال اجتماع المجلس الأخير، الذي التئم عبر تطبيق «زووم»، في 8 أيلول (سبتمبر) الجاري، حيث صوّت أربعة أعضاء لصالح توكيل محاميي المجلس البلدي بالبحث عن الطرق القانونية المناسبة للبدء بإجراءات عزل باليتكو من المنصب الذي يشغله منذ العام 2004.
وجاء القرار الجديد، كمصادقة على الرسالة التي وجهتها رئيسة المجلس، دينيز ماكسويل، إلى باليتكو، بتاريخ 27 آب (أغسطس) الماضي، والتي اتهمت فيها رئيس البلدية بعدم التعاون في مسألة إعادة تدقيق السجلات المالية.
وشددت ماكسويل في رسالتها على أن «باليتكو يجب أن يمتثل لقرارات المجلس، أو يستقيل، أو سيتم العمل على عزله». وجاء في الرسالة: «ليس فقط، أنت تسيء بشكل جوهري إلى مفاهيم فصل السلطات، ومسؤولياتك التي يحددها ميثاق المدينة، ولكن يبدو أيضاً أنك لا تفهم بأنه ليس لديك الحق في الاعتراض على مذكرة استدعاء المجلس».
وتابعت الرسالة: «لقد استخدمت، مرات لا تحصى، حق النقض (فيتو) ضد قرارات المجلس المتعلقة بالتحقيق المالي على مدار الـ18 شهراً الماضية، وكل تلك الفيتوهات تجاوزها المجلس، والآن يجب عليك الامتثال لمذكرة الاستدعاء، أو الاستقالة من منصبك، وإلا سيتم عزلك».
وكان باليتكو قد استخدم حق النقض تسع مرات خلال الفترة السابقة، لإسقاط قرارات المجلس المتعلقة بقضية السجلات المالية، والتي كان آخرها مطالبة البلدية بالكشف عن رواتب جميع الموظفين فيها.
وظهر الخلاف الحاد بين المجلس البلدي ورئيس بلدية ديربورن هايتس، منذ 18 شهراً، على خلفية اتهام الأخير بإساءة استخدام 1.4 مليون دولار من «الصندوق الحكومي والتثقيفي العام» PEG، وهو ما أدى إلى نشوب نزاع قضائي طويل لإجبار باليتكو على تكليف مكتب خاص لتولي إعادة تدقيق السجلات المالية للبلدية.
أما عن سبل تنحية باليتكو، فيسمح دستور ميشيغن بإقالة المسؤولين المنتخبين على مستوى البلديات، غير أنه لا يخوّل المجالس المحلية سلطة عزل رؤساء البلدية. لكن قانون الولاية لعام 1954 يمنح مكتب الحاكم سلطة إطلاق تحقيقات بشأن المسؤولين البلديين، وصلاحية عزلهم بناء على طلب من السلطات البلدية.
لكن مجلس ديربورن هايتس البلدي لم يتقدم –بعد– إلى حاكمة ميشيغن غريتشن ويتمر، بطلب مماثل، حيث أكدت ماكسويل أن هدف القرار «ليس عزل باليتكو، وإنما دفعه إلى الامتثال لقرارات المجلس»، مشبهة رسالتها بتحرير «مخالفة قص العشب»، إذ «ليس هدفنا تحصيل الغرامة المالية، وإنما إنجاز قص العشب.. كل ما نريده هو أن يمتثل (باليتكو) لقراراتنا».
وأشار القرار إلى أن باليتكو يواصل عرقلة التحقيق بكل الوسائل الممكنة لمنع التدقيق بالسجلات المالية. وأن رئيس البلدية استخدم حق النقض (فيتو)، «لمرات لا تحصى»، ضد قرارات المجلس.
رد باليتكو
باليتكو وصف القرار الأخير –الذي عارضه الأعضاء دايف عبد الله وبيل بزي وبوب كونستان– بأنه «مدفوع بنوايا سياسية تسعى إلى تصويره كمسؤول غير كفوء». معتبراً القرار «مضيعة للوقت وهدراً لموارد المدينة»،
وأكد باليتكو أنه استجاب بالفعل لطلبات المجلس لكن القرار الجديد ليس سوى «استمرار للألاعيب السياسية»، متهماً ماكسويل، باستخدام أموال المدينة من أجل تشويه صورته و«جعله يبدو سيئاً»، «لأنها تتطلع إلى الترشح لمنصب رئاسة البلدية».
وأكد باليتكو أنه استجاب للمجلس وقدم لأعضائه الوثائق التي طلبوها، موضحاً أنه من واجبه تقديم المستندات للمجلس البلدي. وأضاف في حديث مع «صدى الوطن» أنه اتصل بشركة «بلانت موران» التي تتولى حسابات البلدية وطلب منها تسليم المستندات إلى الجهة التي حددها المجلس البلدي، «لكنهم قالوا لي إنهم بحاجة إلى موافقة القسم القانوني في البلدية قبل أن يتمكنوا من المضي قدماً في ذلك، وهو ما لم يحدث حتى الآن، لذلك بادرت إلى إرسال المستندات إلى جميع أعضاء المجلس البلدي».
وكانت ماكسويل قد أقرت في اجتماع عُقد في 28 تموز (يوليو) الماضي، بأن رئيس البلدية استجاب فعلاً لطلبات المجلس، كما أكد الأعضاء تسلمهم للوثائق المطلوبة، وهو ما أكده أيضاً مكتب المحاسبة الذي ستناط به عملية إعادة تدقيق السجلات المالية، غير أن القسم القانوني في البلدية لم ينه الإجراءات المطلوبة للبدء بعملية التدقيق رسمياً.
من جانبه، أفاد عضو المجلس بيل بزي لـ«صدى الوطن»، بأنه لا توجد أدلة كافية على المزاعم القائلة بأن باليتكو أساء السلوك الوظيفي، واصفاً تعابير رسالة ماكسويل بـ«القاسية للغاية».
بزي الذي صوت ضد قرار التمهيد للعزل، أضاف: «لا أعرف ما إذا كنا قد استنفدنا جميع الخيارات المتاحة، ولكن قبل أن نقدم على شيء كهذا، فنحن بحاجة إلى مزيد من البيانات، هنالك الكثير من المعلومات المجهولة، وأنا احتاج للحقائق، أنا لا أتفق مع الكثير مما يفعله رئيس البلدية، ولكن هذا خاطئ ومحرج، ونحن بحاجة إلى التركيز على احتياجات السكان والقيام بما هو أفضل للمدينة».
من جانبه، قال المحامي جون نابمان، إن المجلس البلدي لا يمتلك سلطة عزل رئيس البلدية، مضيفاً: «سوء السلوك الوظيفي لا يحدث عندما يزاول المسؤولون واجباتهم الرسمية في مكاتبهم».
نابمان، الذي مثّل باليتكو في المراحل الأولى من النزاع القضائي مع المجلس البلدي، أشار إلى إن إقالة أي مسؤول منتخب، يجب أن تتم «ضمن أطر معينة» وأنها «من صلاحيات حاكم الولاية». وتوجه إلى ماكسويل بالقول: «يمكنكِ إنفاق الكثير من الأموال على البحث القانوني الذي أخبرك محاموك بأنه فكرة جيدة… لكن إنفاق أموال دافعي الضرائب بهذه الطريقة لن يمكّنك من عزل رئيس البلدية».
وعلى الرغم من حرمانه من فرصة الحديث خلال اجتماع المجلس الأخير، في 8 سبتمبر، إلا أن باليتكو أصدر رداً مكتوباً جاء فيه أن المجلس ليست لديه أية سلطة قانونية لإقالته، وأضاف: «أنا الرئيس التنفيذي، ولن أتخلى عن أي من السلطات التي امتلكها على النحو المبين في ميثاق المدينة».
وأكد باليتكو في حديث مع «صدى الوطن» أن الشقاق السياسي والنزاع القانوني المستمر في أروقة بلدية ديربورن هايتس «يعرقل مشاريع المدينة ويضر بمصالح سكانها». وقال: «أعتقد بأنهم لا يريدونني أن أنجح.. وذلك يجعلني أشعر بخيبة أمل كبيرة».
وأعرب باليتكو عن اعتقاده بأن عقلية التعطيل هذه «هي السبب الوحيد وراء عدم انطلاق خطة تطوير شارع فان بورن التجاري في جنوب المدينة، مشيراً إلى أن المجلس لا يحدد مواعيد الاجتماعات المتصلة بهذا المشروع، و«هذا تصرف خاطئ، ويستنزف أموال دافعي الضرائب».
وضع معلق
وفي اجتماع المجلس الأخير، وجه أغلبية الأعضاء اتهاماً لمحامي البلدية غاري ميوتكي بـ«انتحال شخصية مسؤول»، باعتبار أن عقده مع البلدية انتهى في أيار (مايو) الماضي، لكن باليتكو ينفي ذلك ويؤكد أن ميوتكي لا يزال في منصبه.
واتهم المجلس البلدي في قراره، باليتكو بالاستفادة من خدمات محامي البلدية «السابق»، في إعداد الاعتراض القانوني على مذكرة استدعاء المجلس لرئيس البلدية، على الرغم من انتهاء خدمته.
وأشار القرار إلى أن المجلس البلدي طالب باليتكو «مراراً وتكراراً، بأن يوصي بتعيين محام جديد للبلدية، لأن المجلس لم يوافق على إعادة تعيين ميوتكي»، متهماً رئيس البلدية بعدم القيام بالمسؤوليات المناطة به بموجب ميثاق المدينة.
ميوتكي الذي تم إسكاته أثناء مداخلته خلال اجتماع المجلس الأخير، أكد لـ«صدى الوطن» أن المحامي مات شينك الذي عينه المجلس لتدقيق السجلات المالية تجاوز صلاحياته، وأنه «يذهب إلى أبعد مما تم الاتفاق عليه».
وأضاف: «ليست إساءة للمنصب أن يستخدم رئيس البلدية حق النقض ضد أي شيء يريده، هذا حقه القانوني، وبالنسبة لي فأنا ما أزال في موضع معلق، ولم يتم الدفع لي بعد، مقابل خدماتي».
وأكد ميوتكي أنه يحاول «فعل الصواب وحسب»، وقال: «أشعر بالحيرة.. ما هو الشيء غير القانوني الذي أقوم به عندما أحاول حماية البلدية، لقد عملت محامياً للبلدية منذ العام 1999، وأنا أحاول المساعدة في حماية المدينة».
بدوره، وصف نابمان قرار المجلس بـ«العاطفي»، وقال: «هذا جهد ضائع، وقرار عاطفي أكثر منه واقعي، ولقد اتهم السيد ميوتكي بارتكاب عمل إجرامي يتمثل في انتحال شخصية مسؤول»، مستدركاً: «أتذكر أن رئيسة المجلس قالت في أحد الاجتماعات بأن ميوتكي سيبقى محامياً للبلدية.. حتى انتهاء حالة الطوارئ أو لحين استبداله، وأياً من هذين الأمرين لم يحدث بعد، لذلك لا أفهم كيف يمكن القول بأن البلدية ليس لديها محام منذ مايو».
التسوية ضرورية
اعتبر عضو المجلس وسيم (دايف) عبد الله أن الأوضاع الحالية في بلدية ديربورن هايتس لن تتغير، ما لم يتم التوصل إلى حل وسط لإنهاء المناكفات بين الطرفين، مضيفاً: «أتمنى أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق، في الوقت الحالي.. لا يسمح للأشخاص بإنهاء تصريحاتهم، كما أنه لا يتم الإقرار بردودهم، نحن بكل تأكيد بحاجة إلى حل وسط».
وكانت رسالة ماكسويل قد خاطبت باليتكو بالقول: «يتم إخطارك بموجب هذه الرسالة، أنك إذا واصلت رفض الامتثال للقرارات المتعلقة بالتحقيق المالي والقرارات الأخرى التي يعتمدها المجلس البلدي، فإنني سأوصي المجلس بالعمل من أجل إقالتك من منصبك، بما في ذلك رفع دعوى قضائية إذا لزم الأمر»، مضيفة: «آمل ألا يكون هذا ضرورياً، لقد أخبرتك المحكمة بالفعل بأنك أهدرت وقت المجلس وأمواله، وموارد المحكمة من خلال تكتيكات التعطيل المتواصلة».
وبعد الاجتماع، أبرق باليتكو رسالة إلكترونية لأعضاء المجلس طالبهم فيها بالتعاون من أجل التوصل إلى تسوية. وجاء في الرسالة: «اعتقد أنه علينا جميعاً الاتفاق على أن اجتماع الليلة الماضية كان مثالاً مروعاً عن العمل الجماعي.. نحن نحتاج إلى نوع من التواصل خارج الخطابات التي يصوغها المحامون، لكي نضع حداً لهذه اللعبة».
وأضاف: «إذا كان الهدف هو مراجعة كل فاتورة، وكل سجل، في كل دائرة من دوائر البلدية، على مدار السنوات الخمس الماضية، فلن نتوصل إلى حل وسط».
وتابعت الرسالة بالقول: «إذا كان بإمكان المجلس توضيح ما يبحث عنه، فعندئذ يمكنني –وكما ذكرت دائماً– تقديم هذه الوثائق إليكم.. آمل أن تقبلوا هذا باعتباره غصن زيتون، لكي نتمكن جميعاً من الجلوس والعمل معاً، خلال الفترة المتبقية من ولايتي».
وتجدر الإشارة إلى أن ولاية باليتكو الحالية تنهتي في أواخر العام 2021.
Leave a Reply