ديترويت – بعد أسابيع من التأخير والمداولات الساخنة، صوّت مجلس مفوضي مقاطعة وين في ولاية ميشيغن –الثلاثاء المنصرم– لصالح قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في الأراضي المحتلة، وسط اعتراض العضوة الجمهورية الوحيدة في المجلس الذي يمثل جميع مدن وبلدات المقاطعة التي تضم أكبر تجمع للعرب الأميركيين في الولايات المتحدة.
وفي مؤشر على مدى سخونة النقاشات المشحونة عاطفياً وسياسياً حول مضمون القرار، قرر أحد أعضاء المجلس التنحي عن مقعده في نهاية العام الجاري بسبب التوتر الشديد الذي تعرض له أثناء العمل على إعداد القرار.
واكتفى القرار المقتضب بالدعوة إلى «وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، وتوفير سبل «الإغاثة الفورية لجميع الرهائن»، إلى جانب الإعراب عن بالغ الحزن «على جميع الضحايا المدنيين»، وكذلك شجب كافة أعمال العنف «ضد الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني».
وجاء قرار مجلس المقاطعة الذي يضم ١٥ مفوضاً، في أعقاب قرارات مماثلة صدرت تباعاً، في مدن ديربورن وديربورن هايتس وديترويت وهامترامك، على إيقاع المجازر الوحشية التي نفّذها جيش الاحتلال بحق المدنيين العزّل في قطاع غزة رداً على عملية «طوفان الأقصى» في السابع من شهر تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم.
وقبل التصويت على قرار الثلاثاء الماضي، أوضح المفوّض العربي الأميركي سام بيضون، الذي يمثّل مدينتي ديربورن وآلن بارك في مجلس المقاطعة التي تضم 43 مدينة وبلدة، بأن القرار «رمزي»، غير أنه ينطوي على معنى كبير بالنسبة لسكان مقاطعة وين، ومن بينهم 150 ألف عربي أميركي تأثروا بجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الدولة العبرية ضد المدنيين العزّل في القطاع المحاصر.
وقال بيضون: «لقد مرّ 74 يوماً على قتل الفلسطينيين وتدمير منازلهم ومنشآتهم في غزة، فيما العالم بأجمعه يراقب بلا حول ولا قوة، لأن حكومتنا وإدارة الرئيس بايدن رفضت جميع الدعوات المطالبة بوقف إطلاق النار»، لافتاً النظر إلى استخدام المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة لحق النقض (الفيتو) ضد جميع القرارات الداعية إلى إنهاء الحرب في الأراضي المحتلة.
وأضاف بيضون الذي شارك في العديد من الفعاليات التضامنية مع الشعب الفلسطيني: «أيها الأصدقاء، عندما ندعو إلى وقف إطلاق النار، فإن دعوتنا هذه ليست معاداة للسامية، وإنما هي دعم وتأييد للإنسانية».
وحول الجدل الذي صاحب إعداد القرار الذي كان من المفترض أن يتم التصويت عليه في يوم الثلاثاء 12 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، اكتفى المفوض ريموند بشام بالقول: «الأمر هو أننا.. دعونا نأخذ نفساً عميقاً ونقول إننا لا نريد أن يُقتل أحد».
وتم تأجيل التصويت على القرار إلى جلسة ١٩ ديسمبر بعد قيام رئيسة المجلس أليشا بيل (ديترويت) بإنهاء الاجتماع بشكل مفاجئ، على الرغم من مطالبة عشرات الحاضرين بإصدار قرار يدعو إلى وقف العدوان الإسرائيلي الذي تسبب بمقتل زهاء عشرين ألف فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال.
وأشار بشام (78 عاماً) الذي يمثل تايلور وعدة مدن أخرى في منطقة «الداون ريفر» إلى أن النقاشات الساخنة خلال الاجتماع قبل الأخير للمجلس سببت له الكثير من التوتر، لينتهي به المطاف في أحد المستشفيات المحلية، وليعلن لاحقاً اعتزامه التخلي عن منصبه في نهاية العام الجاري لأسباب صحية.
بشام الذي تمتد ولايته الحالية حتى نهاية العام القادم، قال إنه عانى من آلام في الصدر في أعقاب الاجتماع آنف الذكر، ما اضطره إلى دخول مستشفى «هنري فورد» حيث بدأ باستعادة صحته والشعور بالتحسن، لافتاً إلى أنه كان يفكر في الاستقالة من المجلس «منذ بعض الوقت»، وأن النقاش المحموم حول القرار كان «بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير».
تجدر الإشارة إلى أن المفوضة تيري ماريكي التي تمثل منطقة نورثفيل وليفونيا وبليموث، وهي الجمهورية الوحيدة في مجلس المقاطعة، كانت العضو الوحيد الذي صوّت ضد القرار الذي تم تمريره بعد حوالي شهرين ونصف من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
Leave a Reply