وليد مرمر
المكان: مونترو، سويسرا
الزمان: من 30 أيار حتى 2 حزيران
الدعوة خاصة
بحسب كتاب «ما لا تعرفه عن مجموعة بيلدربرغ» لمؤلفه ثييري ميسان، فإن المجموعة التي تم تشكيلها رسمياً في عام 1954 بناءً على مبادرة من «مواطنين بارزين» من الولايات المتحدة وأوروبا، هي ليست في الواقع سوى صنيعة وكالة الاستخبارات المركزية CIA والمخابرات البريطانية MI6، وذلك بهدف دعم «الناتو» ضد الاتحاد السوفيتي السابق. ثم بعد أفول الحرب الباردة، استمرت المجموعة في لعب الدور نفسه، ولكن بأشكال مختلفة، في دعم استراتيجيات الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو على السواء.
المجموعة لا تدار من المخلوقات البشرية المنحدرة من فصيلة السحليات أو الزواحف، بحسب واحدة من أكثر النظريات غرابة حول مجموعة الـ«إيليت»، والتي يؤمن بها ديفيد آيك وغيره من المؤمنين بنظريات المؤامرة. في الحقيقة المجتمعون ليسوا 130 شخصية أوروبية وأميركية من كبار الساسة والمصرفيين والأكاديميين ورجال الأعمال وصناع القرار وغيرهم من أصحاب النفوذ في عوالم السياسة والاقتصاد والأمن والمخابرات والإعلام… يجتمعون خلف أبواب مغلقة في الفنادق الفاخرة وفي بلد مختلف، كل عام، وفي ظل حماية أمنية بالغة الصرامة بحيث لا يُسمح للصحفيين أو المراقبين بالاقتراب منها. كما ولا يُنشر أي بلاغ رسمي عن الإجتماع على الإطلاق.
ومن أهم الوجوه البارزه المشاركة في هذا العام، على سبيل المثال لا الحصر: الأب الروحي للمجموعة والمنظر الأول للنظام العالمي الجديد والذي لا يكاد يتغيب عن أي اجتماع هنري كيسنجر -حتماً- (صديق ديفيد روكفلر مؤسس «بيلدربرغ» و«اللجنة الثلاثية» التي تضم اليابان)، مايك بومبيو، الرئيس السابق لوكالة «سي آي أي» ووزير الخارجية الأميركي الحالي، الجنرال ديفيد بترايوس، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس ترامب للشرق الأوسط والصديق الحميم لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، جينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف «الناتو»، مانويل باروسو رئيس مجموعة «غولدمان ساكس» المصرفية، برندي بورغ رئيس «المنتدى الاقتصادي العالمي»، كارني مارك رئيس «بنك إنكلترا»، برونو لومار وزير المالية الفرنسي، أورسولا ليان وزير الدفاع الألماني، ساتيا ناديلا مدير مايكروسوفت، مارك توكر رئيس مصرف «أتش أس بي سي»، دارين والكر رئيس «مؤسسة فورد»، وديتر زيتش الرئيس السابق لـ«ديملر»… وكثيرون غيرهم.
هل هي حكومة العالم السرية؟ هذا ما يجمع عليه كثر، لشدة تأثير المجموعة في صيرورة الأحداث الكبرى حول العلم.
يقول المراقبون إن تأسيس السوق الأوروبية الاقتصادية (والتي أصبحت تعرف لاحقاً بالمجموعة الأوروبية) قد تم عقب أول اجتماع لمجموعة بيلدربرغ عام 1957. ولقد صرح إتيان دافينيون، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، وبالفم الملآن، عام 2009، بأن الـ«يورو» ليس إلا من «بنات أفكار بيلدربرغ». كذلك فإن تنازل هيلاري كلينتون لباراك أوباما في سباق الرئاسة الأميركية 2008 قد تم في «شانتيلي» في فيرجينيا بعد اجتماعهما «على هامش» اجتماع بيلدربرغ السنوي.
تتوالى الأمثلة حول استلام شخصيات حساسة لمراكز مهمة بعيد حضورهم اجتماع لبيلدربرغ بفترة وجيزة، كرئيس الاتحاد الأوروبي بين عامي 2009 و2014 فان رومبوي، ورئيس البنك الدولي روبرت زوليك عام 2007، وغيرهما الكثيرون ممن استلموا مناصب عليا عسكرية وسياسية ومالية بعد حضورهم مؤتمرات بيلدربيرغ للمرة الأولى.
ولقد أنكر بعض المثاليين دور هذه المجموعة العالمي ودافعوا عنها مدعين أن اجتماعاتها تُعقد سراً من أجل إقامة حوار صريح ومفتوح وغير مؤسسي، مهاجمين أصحاب «نظرية المؤامرة» الذين «ينشرون الأساطير».
لكن التحقيقات الإيطالية القضائية بينت بشكل دامغ دور هذه المجموعة الإجرامي والإرهابي. ففي عام 2013، اتهم فرناندينو إيمبوسيماتو، الرئيس الفخري للمحكمة العليا وقاضي التحقيق السابق في إيطاليا، والذي مثل دور الادعاء في القضية المتعلقة بمحاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني، إتهم مجموعة بيلدربرغ بأنها وراء هجمات إرهابية في أوروبا.
ففي مقابلة مع موقع ArticoloTre ، قال إيمبوسيماتو، والذي كان له دور أيضاً في الادعاء في قضية اختطاف وقتل رئيس الوزراء الإيطالي السابق ألدو مورو، قال «لقد وجدت وثيقة تركتني مرعوباً»، مشيراً إلى تورط مجموعة «بيلدربرغ» في التآمر مع منظمة اليمين المتطرف Ordine Nuovo لارتكاب هجمات إرهابية. وأضاف إيمبوسيماتو أن «هناك صلة وثيقة بين ارتكاب العمليات الإرهابية ومجموعة بيلدربرغ… لقد أجريتُ الكثير من التحقيقات وأستطيع أن أقول إن لمجموعة بيلدربرغ دور في تفعيل «استراتيجية التوتر» وارتكاب العمليات الإرهابية. إنها مجموعة تمثل «الأخ الأكبر» Big Brother وهي تتآمر، وتستعمل الإرهابيين والماسونيين».
وصرح القاضي إيمبوسيماتو أنه قد استلم الوثيقة من قبل إرهابي سابق تائب يدعى فينسنزو فينسيغورا، وهو تابع لمنظمة Ordine Nuovo الإرهابية التي كانت قد شاركت في العديد من الهجمات الإرهابية بما في ذلك تفجير ساحة Piazza Fontana عام 1969، وهجوم قطار روما-مسينا عام 1970، وتفجير ساحة Piazza della Loggia عام 1974 في بريشيا، وتفجير Italicus Express في عام 1974 .
وتشير الوثيقة إلى أن «استراتيجية التوتر» المعروفة بعملية «غلاديو» هي من صنع الناتو خلال الحرب الباردة وتهدف إلى تهيئة مناخ سياسي مناسب في أوروبا من خلال جعل عملائها يقومون بهجمات إرهابية يتم إلقاء اللوم بعدها على جماعات من أقصى اليسار واليمين المتطرفين. ولقد تم تصميم «غلاديو» لشيطنة المعارضة السياسية و«إجبار الشعب على اللجوء إلى الدولة للمطالبة بمزيد من الإجراءات الأمنية»، وفقاً لشهادة العميل السابق.
وبديهي الآن وبعد انقضاء الحرب الباردة أن لمجموعة «بيلدربرغ» الكثير من المهمات المتعلقة بدعوى «الحرب على الإرهاب» والتي أتاحت استباحة الوطن العربي بين الخليج والمحيط. وأما نسائم الربيع العربي التى تحولت إلى أعاصير فلا شك أن لأصابع بيلدربرغ الخفية الدور الأساس في «غلاديو» عربي يشيطن كل أنواع النضال المشروعة ويعطي للعسكر مشروعية وأد الحراك الشعبي بحجة تثبيت النظام والأمن. وليست «الميني رابعة» السودانية حيث قضى العشرات برصاص العسكر الأسبوع الماضي إلا مصداق آخر لذلك.
Leave a Reply