واشنطن – بأصوات الأعضاء الديمقراطيين حصراً، وافق مجلس النواب الأميركي –الأربعاء الماضي– على إحالة القرار الاتهامي بحق الرئيس دونالد ترامب إلى مجلس الشيوخ، في خطوة من شأنها أن تمهد الطريق لانطلاق محاكمته الأسبوع المقبل.
وحظي القرار بتأييد 228 نائباً (جميعهم ديمقراطيون)، ومعارضة 193 بينهم عضو ديمقراطي واحد في المجلس الذي يسيطر الديمقراطيون على أغلبية مقاعده. وقد امتنع عن التصويت 14 نائباً بينهم ثمانية جمهوريين.
وجاء التصويت بعد أكثر من أربعة أشهر من انطلاق تحقيقات مجلس النواب الهادفة إلى عزل ترامب في أيلول (سبتمبر)، والتي أسفرت في أواخر العام الماضي عن اتهامه رسمياً باستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس على خلفية ضغطه على الرئيس الأوكراني للتحقيق بشبهات فساد تطال نجل منافسه الديمقراطي على الرئاسة جو بايدن.
وبعد جمود استمر أسابيع حول القوانين والشهود، أعلن زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الثلاثاء الماضي أن محاكمة الرئيس، وهي الثالثة في تاريخ الولايات المتحدة، ستبدأ الأسبوع القادم.
ووقعت بيلوسي على بنود العزل التي تم نقلها في مراسم خاصة من مجلس النواب عبر ممرات الكونغرس الرئيسية وتسليمها إلى سكرتير مجلس الشيوخ.
وسبق ذلك، إعلان بيلوسي عن أسماء فريق الادعاء الديمقراطي الذي سيحاكم ترامب أمام مجلس الشيوخ بحضور أعضاء المحكمة الأميركية العليا.
وتم تكليف النائب الديمقراطي آدم شيف (كاليفورنيا)، الذي قاد التحقيق بحق ترامب في لجنة الاستخبارات، بالإشراف على فريق المدعين الذي سيضم ستة نواب ديمقراطيين آخرين لديهم خبرات في مجال الادعاء، وهم: رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب جيري نادلر (نيويورك)، رئيس الكتلة الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جفريز (نيويورك)، فال دمينغز (فلوريدا)، زوي لوفغرن (كاليفورنيا)، جايسون كرو (كولورادو) وسيلفيا غارسيا (تكساس).
وسيكون على فريق الادعاء إقناع مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بأن ترامب أساء استخدام السلطة وعرقل عمل الكونغرس.
ومن غير المرجح إلى حد بعيد إدانة ترامب في مجلس الشيوخ بسبب امتلاك الجمهوريين غالبية 53 مقعداً مقابل 47 للديمقراطيين، في حين يتطلب الدستور أكثرية الثلثين لعزل الرئيس،
وسيترأس رئيس المحكمة العليا جون روبرتس المحاكمة فيما سيكون أعضاء مجلس الشيوخ بمثابة هيئة محلفين.
ومنذ البدء بإجراءات عزله أواخر الصيف الماضي، يصر ترامب على وصف مساعي الديمقراطيين بأنها «خدعة» و«محاولة انقلاب حزبية» على نتائج الانتخابات التي أوصلته إلى سدة الرئاسة. كذلك دأب ترامب على انتقاد إجراءات مجلس النواب ووصفها بأنها «أكثر جلسات الاستماع غير النزيهة وغير المتوازنة في تاريخ الكونغرس».
وكتب ترامب، على «تويتر» بعد ثوانٍ من إعلان بيلوسي عن أسماء فريق الادعاء: «ها نحن نعود مرة أخرى، خدعة أخرى من الديمقراطيين الذين لا يفعلون شيئاً».
وفي اليوم السابق، قال ترامب أمام الآلاف من أنصاره في ويسكونسن: «فيما نخلق الوظائف ونقتل الإرهابيين، فإن الديمقراطيين في الكونغرس يضيعون وقت أميركا بخدع معتوهة وملاحقات مجنونة».
ورفض زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل أي تلميحات بأنه سيحاول منع المحاكمة. وقال: «علينا واجب أن نستمع إلى المرافعات».
والاتهام الأول الموجه لترامب هو السعي بصورة غير مشروعة للحصول على مساعدة من أوكرانيا لحملة إعادة انتخابه هذا العام وإساءة استخدام السلطة لمنع أوكرانيا من الحصول على مساعدات أميركية بهدف الضغط عليها لفتح تحقيق حول هانتر بايدن، نجل نائب الرئيس السابق جو بايدن، الذي يتصدر حالياً سباق الترشيح الرئاسي للحزب الديمقراطي لعام 2020.
أما الاتهام الثاني فهو محاولة عرقلة العدالة بعدم تقديم شهود ووثائق تخص التحقيق في تحد لمذكرات استدعاء صادرة عن الكونغرس.
وبإقرار الاتهامات في 18 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أصبح ترامب ثالث رئيس أميركي يواجه خصر العزل في تاريخ الولايات المتحدة.
وكانت بيلوسي قد أخّرت تسليم بنود الاتهام للضغط على مجلس الشيوخ للموافقة على استدعاء الشهود الذين لديهم معرفة مباشرة بأفعال ترامب في أوكرانيا، بما في ذلك كبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون.
وقال ماكونيل إنه كما حدث في محاكمة عزل الرئيس بيل كلينتون في 1999، فإن قضية الشهود سيُنظر فيها بعد أن يستمع الـ100 سناتور، المحلفون في المحاكمة، مرافعات الادعاء والدفاع.
من ناحيتها، دعت بيلوسي إلى محاكمة عادلة وطالبت مجلس الشيوخ باستدعاء شهود وإحضار وثائق من البيت الأبيض ستكون مهمة جداً للمحاكمة، محذرة من أن يذهب بعض أنصار ترامب في المجلس إلى رد الاتهامات بمجرد بدء المحاكمة. وهو ما يتطلب فقط، تأمين أغلبية بسيطة.
وكان ترامب قد قال في تغريدة سابقة، إنه ينبغي إغلاق القضية دون محاكمة، معتبراً أن أي إجراءات في مجلس الشيوخ ستعطي مصداقية لا مبرر لها للديمقراطيين.
وقال الرئيس الجمهوري إنه يتوقع أن يبرئه مجلس الشيوخ سريعاً وأن تنتهي محاكمته في أسرع وقت ممكن.
وتساءل عبر «تويتر» قائلاً: «لم يجب أن تلصق بي وصمة العزل في حين لم أرتكب أي خطأ»، مضيفاً أن هذا الأمر «غير منصف لعشرات ملايين الناخبين».
وطالب ترامب –في حال إجراء محاكمة– باستدعاء رئيس لجنة التحقيق آدم شيف بصفة شاهد، وكذلك بيلوسي وبايدن ونجله هانتر للإدلاء بشهاداتهم.
وعام 1999، استغرقت محاكمة الرئيس كلينتون في قضية مونيكا لوينسكي خمسة أسابيع، وتمت تبرئته في النهاية. وشملت المحاكمة عشرة أيام من المداولات والاستماع لشهادات الشهود.
Leave a Reply