نيويورك – أكدت المقررة لدى الأمم المتحدة، أغنيس كالامارد، الأربعاء الماضي، وجود «أدلة كافية وموثوقة» تربط مسؤولين سعوديين كباراً، بينهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بمقتل الصحافي جمال خاشقجي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
ونشرت الأمم المتحدة تقرير مفوضتها الخاصة بعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، كالامار، حول مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، والذي خلص إلى أن مقتله كان متعمداً ومدبراً، وطالب بالتحقيق مع بن سلمان ومسؤولين سعوديين آخرين.
ودعت كالامارد الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش إلى فتح تحقيق جنائي دولي حول القضية.
وقالت كالامار، الخبيرة المستقلة التي لا تتحدث نيابة عن الأمم المتحدة، إن تحقيقها «حدد وجود أدلة موثوقة تستدعي المزيد من التحقيق في المسؤولية الفردية لمسؤولين سعوديين كبار من بينهم ولي العهد».
وأضافت المقررة الأممية أنه «بالنظر للأدلة الموثوقة حول مسؤوليات ولي العهد في قتل (خاشقجي)، هذه العقوبات يجب أن تشمل أيضاً ولي العهد وأصوله الشخصية في الخارج، إلى حين تقديم دليل يؤكد أنه لا يتحمل أية مسؤولية».
ولفتت المقررة الأممية إلى أن العقوبات الدولية الصادرة رداً على قتل خاشقجي «عجزت ببساطة عن الإجابة على الاسئلة المركزية لتراتبية القرار ومسؤولية القيادات الكبيرة وتلك المرتبطة بعملية القتل».
وفي نفس السياق، أكدت كالامار أنه «لم يتم التوصل إلى استنتاج فيما يتعلق بالمسؤول عن الجريمة»، في تحقيقاتها التي استندت على أدلة كبيرة، من بينها صور كاميرات المراقبة من داخل القنصلية.
ويعتمد تقرير كالامارد على تسجيلات وأعمال بحث جنائي قام بها محققون أتراك ومعلومات من محاكمات للمشتبه بهم في السعودية.
خروف العيد
وشمل التقرير نصوص محادثات قال إنها جرت بين اثنين من المشتبه بهما خارج القنصلية السعودية في اسطنبول، حيث كانا ينتظران وصول خاشقجي.
وينقل التقرير حواراً، بين ماهر المطرب، الضابط بالمخابرات السعودية، وصلاح الطبيقي، الطبيب الشرعي بوزارة الداخلية.
ويحاكم المطرب وعشرة آخرون حالياً في جلسات مغلقة في السعودية لدورهم في الجريمة.
وفي الحوار بين الطبيقي والمطرب، سأل الأخير إن كان «خروف العيد قد وصل». ولم يشر إلى خاشقجي بالاسم، ولكن بعد ذلك بدقيقتين دخل المبنى.
وبعد دخول خاشقجي المبنى تم اصطحابه إلى مكتب القنصل العام في الطابق الثاني حيث التقى مع المطرب الذي كان يعرفه عندما كانا يعملان سوياً في السفارة السعودية في لندن قبل سنوات.
وطلب المطرب من خاشقجي أن يبعث لابنه رسالة نصية على الهاتف النقال.
ورد خاشقجي قائلاً «ماذا أقول له؟ أراك قريبا؟.. لا أستطيع أن أقول إني مخطوف».
وجاء الرد قائلاً «اختصر.. اخلع معطفك».
وقال خاشقجي «كيف يمكن أن يحدث هذا في سفارة؟.. لن أكتب أي شيء».
وقال المطرب «اكتبها (الرسالة) يا سيد جمال. أسرع. ساعدنا حتى نستطيع مساعدتك لأننا سنعود بك إلى السعودية في نهاية الأمر. وإذا لم تساعدنا فأنت تعرف ما الذي سيحدث في النهاية. لننه المسألة على خير».
ويقول التقرير إن بقية التسجيلات تحتوي على أصوات حركة وأصوات لاهثة بشكل كبير وصوت أغطية بلاستيكية يتم لفها وهو ما خلصت إليه المخابرات التركية بعد مقتل خاشقجي بأن المسؤولين السعوديين قطّعوا جثته.
ورد وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير الأربعاء الماضي على التقرير، معتبرا أنه يتضمن «تناقضات واضحة وادعاءات لا أساس لها تطعن في مصداقيته».
وقال الجبير في سلسلة تغريدات على تويتر: «لا جديد.. المقررة في مجلس حقوق الإنسان تكرر في تقريرها غير الملزم، ما تم نشره وتداوله في وسائل الإعلام».
وأكد أن «الجهات القضائية في المملكة هي الوحيدة المختصة بالنظر في هذه القضية وتمارس اختصاصاتها باستقلالية تامة».
ورفض الجبير «أية محاولة للمساس بقيادة المملكة أو إخراج القضية عن مسار العدالة في المملكة أو التأثير عليه بأي شكل كان».
وذكر بأن «قيادة المملكة وجهت بإجراء التحقيقات اللازمة»، وأن هذه التحقيقات أدت إلى توقيف عدد من الأشخاص المتهمين بالقضية والذين يخضعون للمحاكمة.
وبخصوص التحقيقات السعودية، علقت كالامار بالقول إن هذه التحقيقات «عجزت عن تلبية المعايير الدولية المتعلقة بالتحقيقات في القتل خارج القانون».
يذكر أن خاشقجي الذي كان ينشر في صحيفة «واشنطن بوست» مقالات معارضة لسياسات ولي العهد قتل في 2 أكتوبر 2018 في قنصلية بلاده في إسطنبول، وكانت الرياض نفت في البدء علمها بمصير الصحفي، لكنها عادت وقالت إنه قتل في عملية نفذها «عناصر خارج إطار صلاحياتهم»، ولم يعثر بعد على جثته.
رد الفعل الأميركي على تقرير كالامارد جاء على لسان المبعوث الأميركي براين هوك، الذي قال أثناء إدلائه بشهادة أمام الكونغرس إن «المدعي العام السعودي اتخذ خطوات مهمة نحو المساءلة، لكن ما زال هناك الكثير الذي يتعين القيام به».
وأضاف هوك «لقد أوضح وزير الخارجية مايك بومبيو أننا مصممون على محاسبة كل شخص يتحمل مسؤولية مادية» في القضية.
Leave a Reply