سامر حجازي – «صدى الوطن»
كان الشرطي العربي الأميركي محمد فرحات في الخدمة خلال مهرجان ديربورن الترحيبي الأخير، حينما اقترب منه طفل عربي يبكي باحثاً عن أهله الذين أضاعهم في زحمة المهرجان السنوي.
فرحات مع زوجته وابنتيهما أمام منزل العائلة في شرق ديربورن |
يقول فرحات إنه منذ انضمامه الى شرطة المدينة تمكن من مساعدة ثلاثة أطفال عرب -لا يجيدون اللغة الإنكليزية- في تحديد مكان ذويهم. وهذا جزء بسيط مما يطمح فرحات الى تحقيقه منذ انضمامه الى شرطة ديربورن مؤخراً.
ويعتبر فرحات (٣٠ عاماً) من العناصر الجدد في دائرة ديربورن التي تعرضت لانتقادات حادة من ممثلي الجالية العربية في الآونة الأخيرة لعدم وجود تمثيل مناسب للسكان العرب بين عناصر الشرطة.
وفرحات مهاجر لبناني الأصل انتقل للعيش في ميشيغن عام ٢٠٠١، وقد تخرج من «ثانوية فوردسون» في ديربورن، قبل أن يواصل تعليمه في «كلية هنري فورد» و«جامعة مادونا» حيث حصل على شهادة في العدالة الجنائية.
مع والديه وقائد شرطة ديربورن رونالد حداد (صدى الوطن) |
وكان لدى فرحات فرصة الانضمام الى شرطة الولاية غير أنه آثر الالتحاق بشرطة ديربورن لأنه يريد «ردّ جزءٍ من الجميل» الى المجتمع الذي احتضنه منذ قدومه الى وطنه الجديد.
وقال فرحات لـ«صدى الوطن» «لم أكن أتحدث اللغة الانكليزية عندما قدمت الى هنا، فكان عليّ أن أتعلمها على طريقتي». وأضاف «عملت بدوام كامل في أسواق «غرينلاند» (المصطفى) وكنت أعين أهلي في تغطية تكاليف المعيشة».
وفي العام ٢٠١٠ أقدم فرحات على الزواج وأنعم الله عليه بابنتين، فبدأ الشاب اللبناني البحث عن مسيرة مهنية تمكنه من توفير لقمة العيش الكريم لعائلته الجديدة التي تقطن شرق المدينة.
وخلال العام الحالي باشر فرحات بتدريباته في أكاديمية الشرطة في «كلية أوكلاند» لمدة ١٧ أسبوعاً، وفق توجيهات شرطة ديربورن، مُقرّاً بصعوبة المهمة لاسيما خلال شهر رمضان، غير أنه أشار الى أن الأكاديمية كانت تسمح له بالحصول على استراحة خاصة عند حلول موعد الإفطار.
وفي حزيران (يونيو) المنصرم تم تكليف فرحات بمهمة إجراء الدوريات في أحياء ديربورن برفقة شرطي آخر.
ويقول فرحات إن السنوات الطويلة التي قضاها موظفاً في أسواق «غرينلاند» أتاحت له فرصة تعلّم مختلف اللهجات العربية، حيث كان يقابل زبائن من أصول لبنانية وعراقية ويمنية، ويتعرف على الفوارق الثقافية الطفيفة التي تميزهم عن بعضهم البعض، على حد قوله.
ويضيف أنه عندما يكون في الخدمة يتوجه الى منازل الناس ويتحدث اليهم بالعربية «الأمر الذي يجعلهم في غاية السرور عندما يرون شرطياً يتحدث لغتهم فيمكنهم التواصل معه وإبلاغه بالرسائل والمشاكل التي يريدون حلاً لها».
وعن كيفية استفادته من أصوله العربية التي تميّزه عن سائر زملائه، يورد فرحات حادثة وقعت معه مؤخراً، حيث كان عناصر الشرطة يبحثون عن امرأة تعاني من مرض الزهايمر، وقد أوصلتهم الأدلة الى صالون تزيين نسائي في شرق المدينة.
وأردف بالقول «لقد شرحت لهم أنه من غير المفضل دخول الصالون لأن النساء في داخله لا ترتدين الحجاب»، وأضاف بأن «هذه التفاصيل الصغيرة قد تكون مفيدة جداً.. فقد أخذروا بنصيحتي وتفادوا دخول المكان وخلق المتاعب».
وواجهت دائرة الشرطة في ديربورن مطلع العام الجاري موجة انتقادات حادة من الجالية العربية بعد استقالة شرطيين عربيين من الدائرة بسبب معاملتهما السيئة من قبل زملائهم في الدائرة، على حد زعمهما، غير أن فرحات قال إنه لم يلمس تصرفاً من هذا النوع خلال الفترة القليلة التي قضاها في الدائرة حتى الآن.
وعن تجربته يقول فرحات إن «قائد الشرطة رونالد حداد يعتمد سياسة الأبواب المفتوحة وهو على استعداد للاستماع الى مشاكلنا وهمومنا» مشيراً الى أن شرطة ديربورن «من العناصر الى المعاونين والضباط جميعهم يبدون تفهماً كبيراً». وقال «إنهم دائماً ما يمازحون العناصر الجدد.. وينادونني بالسيد طازج (مستر فرش)» بسبب تخرجه حديثاً من أكاديمية الشرطة، مؤكدا «أن هذا النوع من المزاح لا يغضبه أبداً ولا علاقة له بكونه عربياً».
وفرحات هو من العناصر العرب الجدد الذين انضموا مؤخراً الى شرطة ديربورن التي وضعت تحت إشراف السلطات الفدرالية بعد شكاوى طالتها من الجالية العربية والأفارقة الأميركيين. وقد التحقت بشرطة ديربورن خلال الشهر الجاري، مسلمة عربية هي أمل شموط، التي انضمت الى العناصر المكلفين بملاحقة المخالفات البلدية، فيما يجري حالياً العمل على إعداد عناصر عرب آخرين للانضمام الى شرطة المدينة.
Leave a Reply