علي حرب – «صدى الوطن» – بالاشتراك مع «نيو ميشيغن ميديا»
قطعت مدينة ديربورن شوطاً كبيراً بنفض غبار العنصرية عن تاريخها الذي صبغت به منذ أيام رئيس البلدية الأسبق أورفيل هابرد الذي رفع شعار «إبقاء ديربورن نظيفة» في إشارة الى المحافظة على غلبة البيض في المدينة.
لم يكن وارداً في ذهن هابرد في أواسط القرن الماضي حجم التنوع الذي سوف تشهده ديربورن في القرن الحادي والعشرين إذ تحولت مدينة الصناعي الشهير هنري فورد الى موطن لأعلى كثافة سكانية عربية في البلاد.
وكم يختلف اليوم عن البارحة وبالتحديد قبل 30 عاماً، حين فاز رئيس البلدية السابق مايك غايدو بمنصبه لأول مرة في العام ١٩٨٥ إثر حملة انتخابية رفعت شعار معالجة «المشكلة العربية» في المدينة.
أما في شهر أيار (مايو) الماضي، فقد ألقت شابة عربية تخرجت من ثانوية فوردسون والمدارس العامة في ديربورن، خطاب الطلاب المتخرجين في جامعة هارفرد، لتصبح بذلك مريم جلول أول طالبة مسلمة تحظى بهذا الشرف في تاريخ هذه الجامعة العريقة.
وما المشهد المتناقض بين اليوم والبارحة سوى أكبر دليل على الاهتمام الكبير الذي أولته الجالية العربية لمسألة التربية والتعليم في مدارس ديربورن، والتي خاض من أجلها نشطاء الجالية معارك سياسية وانتخابية طاحنة لتحقيق مطالب العرب الأميركيين بتوفير مدارس تليق بأبنائهم وطموحاتهم.
في واقع الأمر، يمكن اعتبار مدارس ديربورن الباروميتر الحقيقي لقياس التحولات الاجتماعية والديموغرافية التي شهدتها المدينة في العقدين الماضيين، خاصة وأن بيانات الإحصاء الوطني تعتبر العرب الأميركيين من البيض، مما يعني عدم توفر معلومات محددة عن التركيبة العرقية للمدينة.
في المقابل تعكس مدارس ديربورن تنامياً متزايداً للجالية العربية في جميع أنحاء المدينة، الى درجة أنه في بعض المدارس يتشكل الجسم الطلابي برمَّته من الطلاب العرب الأميركيين.
ولا شك أن منطقة ديربورن التعليمية تجاوبت بحساسية فائقة ومتزايدة حيال تلبية المتطلبات الثقافية والتعليمية للطلاب العرب، وقد تمت ترجمة ذلك من خلال التوسع في برامج تعليم اللغة الإنكليزية، والعطل المدرسية خلال الأعياد الاسلامية (الفطر والأضحى) وبرنامج الطعام الحلال في بعض المدارس.
ولكن بالطبع لم يحدث كل هذا بين عشية وضحاها، بل استغرق وقتاً وجهوداً حثيثة بُذلت لتلبية العرب الأميركيين الذين يساهمون بدورهم في تمويل المنطقة التعليمية بسخاء عبر ضرائب الملكية على العقارات ويؤكدون التزامهم عند كل استحقاق بتعليم ابنائهم.
يشار الى أنه بالإضافة إلى التمويل الحكومي، يمنح سكان المدينة المنطقة التعليمية ضرائب لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد توفر 20 بالمئة من الموازنة التشغيلية العامة لمدارس ديربورن.
نمو كبير
وفي هذا الإطار صرحت الرئيسة السابقة لمجلس ديربورن التربوي، أيمي شولز أنه «في الوقت الذي كانت تتقلص فيه المناطق التعليمية الأخرى في جميع أنحاء الولاية، كانت مدارس ديربورن تنمو ويعود جزء من الفضل في ذلك الى وجود الطلاب المهاجرين».
وعلى الرغم من عدم كونها مدارس بالاختيار (سكول أوف تشويس)، أصبحت مدارس ديربورن في العام الماضي تُمثل ثالث أكبر منطقة تعليمية في الولاية. في حين أنها كانت في العام 2001 تحتل المرتبة الحادية عشرة، بحسب شولز.
وقالت شولز إن الزيادة في عدد الطلاب، إلى جانب التخفيضات في الميزانية، وضعت ضغوطاً على المنطقة التعليمية» معتبرة أن «جزءاً كبيراً من النمو الذي تحقق يعود إلى الجالية العربية الأميركية».
وأضافت «كان بعض المعلمين والإداريين متردداً بشأن كيفية التعامل مع تدفق الطلاب العرب، ولكن البعض الآخر تدخل وأخذ بزمام المبادرة وتمكن من استثمار هذا النمو».
وأشادت شولز بالدور الفعّال الذي لعبه ناشطون عرب بارزون لتحسين مدارس ديربورن، حيث نجحوا من خلال منظمة سياسية حديثة الولادة في إجهاض استفتاء انتخابي عام ١٩٩٩ يقترح إصدار سندات دين بقيمة ٥٠ مليون دولار لتحسين مدارس ديربورن، لكن الجالية العربية رفضت المقترح بسبب عدم التفاته الى احتياجاتها.
وبعد عامين -تقول شولز- نجحت اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي (أيباك) في إنجاح مقترح آخر بقيمة 150 مليون دولار تم من خلاله تمويل بناء العديد من المدارس الحالية في شرق ديربورن وتوسعة بعضها الآخر.
ولفتت الرئيسة السابقة للمجلس التربوي إلى أنه في البداية لم يكن المسؤولون متجاوبين مع احتياجات الطلاب العرب، ولكن مع مرور الوقت أخذوا يستوعبون أهمية تقديم تسهيلات لهم عن طيب خاطر.
ومنذ زمن ليس ببعيد وبالتحديد في عام 2012، اضطرت وزارة التعليم الأميركية الى التدخل لإيجاد تسوية مع المدارس تعهدت من خلالها المنطقة التعليمية بتوفير مواد المنهاج للأهالي بلغة يفهمونها.
وعن مسار التطور الذي شهدته المنطقة التعليمية تشير شولز الى أنها كانت «عملية توعوية لموظفي المنطقة التربوية. ولقد عارضوا في البداية، ولكن كلما تعرفوا على الثقافة العربية، خصوصاً حول كيفية تعلم الطلاب، كلما أصبحوا أكثر استعداداً لبذل كل ما يلزم لإنجاز الأمور».
وضع رائع
من ناحيته، يؤكد المشرف العام على مدارس ديربورن العامة، غلين ماليكو، «أن المنطقة هي في وضع رائع أكاديمياً وثقافياً ومناسب مالياً».
وتابع أن لدى المنطقة نحو 20000 طالب، وهو رقم آخذ بالنمو سنوياً، و«الآباء سعداء بما نقدمه في المدارس» مشدداً على أن «مدارس ديربورن هي نموذج يحتذى للولاية».
واستدرك ماليكو بالاعترف بوجود «حاجة لإجراء تحسينات إضافية لمساعدة طلابنا».
ورداً على المطالب السياسية التي تدعو الى استخدام اللغة الإنكليزية فقط في الفصول الدراسية، قال المشرف ماليكو إن اللغات الأجنبية لا تحل مكان اللغة الإنكليزية في صفوف ديربورن، ولكنها -اللغات الأجنبية- تستخدم لتعليم اللغة الإنكليزية. وأضاف «إذا ذهبتُ إلى ألمانيا وأنا لا أتحدث الألمانية، كيف سأتعلم اللغة الألمانية إذا أردت ذلك؟ لكن اذا قام شخص ما بالتحدث معي باللغة الإنكليزية لشرح ونقل (المعلومات)، تصبح لدي فرصة أفضل لتعلم اللغة».
وتابع ماليكو بأن ديربورن أصبحت رائدة وطنياً في مجال تدريس اللغة الإنكليزية لغير الناطقين بها.
وفي هذا الإطار، قال يوسف مسلَّم مدير التحصيل العلمي للطلاب في مدارس ديربورن «إن المنطقة نجحت في استيعاب الطلبة المهاجرين على مدى العقدين الماضيين من خلال توفير المعلمين الذين لديهم شهادات اعتماد في تدريس اللغة الإنكليزية كلغة ثانية ESL».
وأورد مسلَّم، الذي عمل في مدارس ديربورن بمناصب مختلفة لمدة 20 عاماً، مثالاً على وتيرة توظيف معلمي اللغة الانكليزية كلغة ثانية، مدرسة سالاينا الابتدائية في منطقة «الساوث أند» (جنوب شرقي ديربورن) ذات الأغلبية اليمنية الأميركية، وقال إنه «في العام 1997، لم يكن لدى مدرسة سالاينا الابتدائية أي معلمين مجازين في تعليم اللغة الإنكليزية كلغة ثانية، لافتاً الى أن الضغط من أجل توظيف هؤلاء المعلمين بدأ عملياً في عام 2002، بحسب مسلّم.
أما اليوم، فـ٣٢ بالمئة من معلمي مدارس ديربورن إما مجازون في تعليم اللغة الإنكليزية كلغة ثانية أو بصدد الحصول على الإجازة، بحسب روز الدبيلي مديرة قسم تعليم اللغة الإنكليزية في منطقة ديربورن التعليمية. وأوضحت الدبيلي أنه يمكن للحائزين على شهادة البكالوريوس أن ينالوا إجازة تعليم «إي أس أل» من خلال برنامج دراسي مخصص للتدريب على التواصل ونقل المعلومات إلى الطلاب الذين يتعلمون اللغة الإنكليزية.
ويتضمن هذا الاختصاص اللغوي ليس فقط تدريس اللغة، ولكن أيضاً توفير المعرفة الأكاديمية الأساسية المطلوبة للطلاب المهاجرين في كل المراحل الدراسية.
احتياجات متعددة
وأضاف مسلَّم بأن المنطقة التعليمية تحرص على تلبية احتياجات جميع الطلاب، بمن فيهم المهاجرون وذلك عبر اعتماد استراتيجية للتوجيهات الملائمة لتطوير لغتهم الانكليزية، إضافة الى البرامج الأكاديمية التي يمكن أن تكون بمثابة آليات دعم للطلاب المهاجرين، بما في ذلك برامج دراسة صفوف الكلية في وقت مبكر، وأنشطة الخدمة الاجتماعية ومكافحة البلطجة المدرسية.
وتابع مسلّم حديثه «نحن لا نكتفي فقط بالقول للطلاب بأن البلطجة غير مقبولة، ولكننا نساعدهم ونثقفهم كما نثقف الأهالي والمعلمين بشأن هذه الآفة، وكيفية مساندة الطلاب الذين يتعرضون لها ويحاولون الدفاع عن أنفسهم».
وأكد مسلّم أن «الطلاب من مختلف العرقيات يتعايشون معاً في مدارس ديربورن بالحد الأدنى من التوترات». لافتاً الى أنهم «يأتون بثقافات وتصورات مختلفة ولكن في نهاية المطاف يجمعهم هدف مشترك. وهو انهم يريدون أن يكونوا سعداء. يريدون أن يتعلموا وأن ينجحوا».
وأضاف أن المنطقة تشجع الطلاب على الإدراك بأنَّ أهدافاً مشتركة تجمعهم بدلاً من التركيز على الفوارق بينهم.
ويشير ماليكو في هذا الصدد الى أن «المعلمين والطلاب أخذوا تعهداً بمكافحة البلطجة في اليوم الأول من العام الدراسي».
وسلط كل من ماليكو والدبيلي الضوء على الجهود المتعددة التي تبذلها مدارس ديربورن لاستيعاب الطلاب المهاجرين الى جانب مسألة تعليم اللغة الانكليزية كلغة ثانية.
وأفاد ماليكو بأن المنطقة التعليمية غيرت روزنامتها بما يتناسب مع التنوع الثقافي في مدارسها فعلى مدى السنوات العشر الماضية، تم الاعتراف بيوم مارتن لوثر كينغ والاعياد الاسلامية (الفطر والأضحى) كعطل رسمية.
ولفت ماليكو الى أن معظم الشكاوى حول سياسات منطقة ديربورن التعليمية بشأن التعدد الثقافي تأتي من خارج الولاية وغالباً ما تكون نابعة من الجهل.
بين الشرق والغرب
ولاحظ ماليكو وجود معارضة ضئيلة لبرامج اللغة الإنكليزية كلغة ثانية (إي أس أل)، مشيراً الى أنه قبل نحو 15 عاماً كان هناك انقسام ديموغرافي أكثر وضوحاً في ديربورن بين الجانب الشرقي (العرب) والغربي (البيض) «لكن لم نعد نتحدث بهذه الطريقة اليوم ولم نعد نشعر بها. فإذا كنت تتحدث إلى رئيس البلدية أو مدير الشرطة، فإنك سترى ديربورن واحدة».
وقال ماليكو «قد يكون حدث تنافس حول الموارد على جانبي المدينة، ولكن قد طمست هذه الخطوط منذ ذلك الحين». وأضاف «أنا متأكد من أنه لا يزال هناك بعض الناس الذين يتولد لديهم هذا الشعور، ولكن في المدارس لم نعد نشعر بهذه الطريقة.. نحن ماضون بتعليم جميع الأطفال.. لقد تجاوزنا ذلك».
وأرجع الفضل في تعزيز الوحدة الى موظفي المدارس والمسؤولين المنتخبين في المدينة.
على الرغم من أن ماليكو تحدث عن الانسجام في المدارس وفي البلدية، غير أن الانقسام بين الشرق والغرب لا يزال واضحاً جداً بين الأحياء الشرقية والغربية من المدينة. فالخلافات ليست فقط ثقافية وسياسية، ولكن أيضاً اقتصادية.
وفقاً للإحصاء الرسمي، فإن متوسط الدخل في منطقة الرمز البريدي 48126 (شرق ديربورن) هو حوالي ٢٨ ألف دولار مقابل ٧٦ ألف دولار في منطقة الرمز البريدي 48128 الواقعة في الجانب الغربي من ديربورن.
تجربة ثانوية فوردسون
لكن على الرغم من التقدم الذي صوره المسؤولون، تحدث مدير ثانوية فوردسون السابق، عماد فضل الله، عن وجود تعصب خفي وعلني ضد الطلاب العرب، حيث شهد ذلك بنفسه خلال الفترة التي قضاها في ادارة الثانوية.
فثانوية فوردسون التي يشكل الطلاب العرب الأميركيون الأغلبية الساحقة فيها، لطالما أُطلق عليها اسم «ثانوية حزب الله».
وقال فضل الله، الذي تولّى إدارة الثانوية في عام 2006، «جئت إلى فوردسون ووجدت أنها كانت مقطعة الأوصال وتسودها الفوضى وهذا أقل ما يمكن أن يقال»، وأضاف «لم تكن الثانوية بأي حال من الأحوال قابلة أو مصممة لتلبية احتياجات الطلاب».
ولدى سؤاله عن أداء المدرسة أكاديمياً في ذلك الوقت، يجيب فضل الله بأنها كانت في أسوأ حالاتها، وعلى سبيل المثال يذكر مدير الثانوية السابق أنه في العام ٢٠٠٣ تم قبول طالب واحد من خريجي فوردسون في «جامعة ميشيغن-آناربر» مشيراً الى أن الثانوية لم تكن تجري امتحانات القبول الجامعي ACT افتراضاً من الادارة بأن الخريجين لن يتقدموا للانتساب إلى الجامعات المرموقة أصلاً. وكان هذا قبل سنوات قبل فرض امتحانات «أم ستيب» M-STEP من قبل وزارة التعليم في الولاية.
وتابع فضل الله بأنه كان هناك بعض المعلمين الذين «تقاعدوا عقلياً» وما عادوا يدرسون الطلاب بالشكل الصحيح بسبب انعدام المحاسبة.
وأردف بأنه كان يمكن أن تجد «شخصاً جيداً ومحترماً ينظر اليك (كمهاجر عربي) بنظرة عنصرية ويظن أنك غير قادر على تحقيق التقدم لأنك من عرق آخر لا يمكنه أن يحقق الانجازات».
وقال المدير السابق «إن التوقعات المنخفضة أدت بالمدرسين والمستشارين لتوجيه الطلاب نحو تعليم المهارات التجارية. لقد ظنوا ان الطالب العربي لا يمكن أبداً أن يصبح محامياً أو جراحاً أو مهندساً لأن فاقد الشيء لا يعطيه ولانه ينحدر من هذا العرق. هناك بعض الناس الذين نظروا الينا بهذه الطريقة وكانوا بالمناسبة أفراداً ذوي نوايا حسنة».
وأعطى فضل الله مثالاً على ذلك بالقول إن «مديرة حالية في مدرسة متوسطة في ديربورن نصحها أحد المستشارين في فوردسون بممارسة مهنة السكرتارية».
وخلال السنوات الست التي قضاها في الثانوية اضطر فضل الله الى طرد بعض المعلمين الذين «لم يكونوا يريدون التدريس» وذلك من أجل فرض ثقافة المساءلة بين معلمي الثانوية، وهو الرمز الذي ساهم في رفع المعايير الأكاديمية في الثانوية العريقة.
وبحلول عام عام 2012، تسجل 80 طالباً من خريجي فوردسون في «جامعة ميشيغن» ونجح بعضهم في الانتساب الى جامعة هارفرد.
ولفت فضل الله إلى أن «التلاميذ لم يتغيروا وهم لا يزالوا أنفسهم لكن الشيء الوحيد الذي تغير هو حجم التوقعات».
ولكن بعد ذلك حصلت نكسة أعادت الأمور إلى الوراء. فقد واجه فضل الله أربع دعاوى قضائية وحملات تشهير. وحول ذلك يقول «لقد وسموني بالعنصرية وأطلقوا على الثانوية اسم «ثانوية حزب الله» واني قمت باستئصال جميع الأميركيين وحللت كل المسلمين مكانهم. كل هذه الاقوال مجرد هراء».
وسرد فضل الله انه في أحد الأيام انكسرت سارية العلم من أمام المدرسة فاتصل بقسم الصيانة على الفور لتصليحها. وبعد بضعة أيام، تلقى مكالمة من احدهم يسأله عن صحة خبر أنه أنزل العلم الأميركي ليرفع راية «حزب الله» مكانه.
وزاد بالقول «تعرضت لانتقادات غير مبررة من بعض الإداريين وأعضاء المجلس التربوي الذين كانوا يضعون العصي في عجلة التقدم». مشيراً الى أن العديد من القضايا نبعت من كونه أول مدير عربي أميركي لثانوية فوردسون. «لم أكن أعرف أن المنصب كان سياسياً الى هذه الدرجة. قبلت المركز للقيام بعملي. لكني كنت دائماً تحت المجهر».
وتوافق فضل الله مع تقييم ماليكو بأن المعارضة المحلية لتنامي الطلاب العرب لا تكاد تُذكَر لكنه استدرك ان ذلك «يعود إلى التغيرات الديموغرافية. فقبل عشرين عاماً، عندما أردنا يوم عطلة في العيد، كانوا يرفضون. ولكن العطل مُنحت في نهاية المطاف لأن الطلاب كانوا يعطلون الصفوف على أي حال، حتى وصل الحضور إلى أقل من 70 بالمئة -وهو المستوى المطلوب يومياً من قبل الولاية للاستمرار في التمويل المالي- وعندما قالت ولاية ميشيغن انها تنوي خصم المال، ذهلوا فضمنوا عطلنا في الروزنامة».
وقال «لم تعطَ لنا هذه الحقوق عن طيب خاطر. إنها حصلت لأن أعدادنا بدأت بالازدياد».
ودعا فضل الله للاعتراف بالتنوع الثقافي والتفاعل معه مشدداً على ضرورة إعادة النظر بالتوقعات المنتظرة من الطلاب مع العمل دائماً على رفعها. وقال «المعلمون لا يمكن أن يكونوا مصابين بعمى الألوان» ولا أن يتجاهلوا الخلفيات الإثنية لطلابهم، وأضاف «أنا لن أغمض عيني وأتظاهر بأن هذا الولد ليس أسود أو هذا ليس أبيض أو ليس عربياً، لأنني احترم تعدد الأعراق وأحترم الإثنيات. وإذا لم أفعل، اكون أنا قد قصّرت مع هذا الطالب أو ذاك».
طريق طويل
عبد الله حمود، المرشح الديمقراطي لمقعد مجلس نواب الولاية عن دائرة ديربورن، يشيد دائماً بتجربته في مدارس ديربورن العامة، مثنياً بشكل خاص على التنوع الإثني والثقافي الذي يسوده جوّ من الاحترام والتفاهم المتبادل بين طلاب مدارس ديربورن، على حد قوله.
ولكن حمود (٢٥ عاماً) يدرك أن التغييرات التي شهدتها منطقة ديربورن التعليمية احتاجت وقتاً طويل لتتحقق، ويشير الى أنه في أوائل الثمانينيّات تم طرد والدته من صف في مدرسة متوسطة لرفضها خلع حجابها. وأضاف «لم يفهموا حينها ما هو الحجاب.. وهذا يظهر لكم كم هو طويل الطريق الذي قطعناه لنصل الى هنا».
حمود، وهو خريج فوردسون أمضى كامل تعليمه من الحضانة حتى الثانوية بالمدارس العامة في ديربورن، يؤكد أنه لا يذكر حادثة واحدة واجه فيها التمييز العنصري في المدارس.
واستطرد «ان منظري اليمين الذين يعارضون الاستجابة لاحتياجات الطلاب العرب والمسلمين لا يفهمون التعليم العام. ويجب على النظام المدرسي ان يتماشى مع المجتمع الذي يخدمه. وهذا ما يجب ان تصبو اليه كل المدارس العامة». وختم المرشَّح حمود بالقول إن «ديربورن يمكن أن تكون مثالاً يحتذى في مجال استيعاب الأطفال المهاجرين ومساعدتهم على النجاح».
Leave a Reply