ديترويت
مع استمرار المخاوف من وباء كورونا، تستعد المدارس العامة في ولاية ميشيغن لانطلاق العام الدراسي الجديد، الأسبوع القادم، وسط انتقادات متزايدة لتفاوت الإجراءات الوقائية بين منطقة تعليمية وأخرى، لاسيما وأن الطلاب والموظفين في بعض المدارس سيُجبرون على ارتداء الكمامة بينما سيكون الأمر اختيارياً في مدارس أخرى.
حاكمة الولاية، غريتشن ويتمر، التي تستعد لخوض معركة إعادة انتخابها في العام المقبل، دافعت بشدة عن قرارها بعدم إصدار أي أمر حكومي شامل لمكافحة الوباء في المدارس، مبررة ذلك بتوفّر ظروف مختلفة اليوم عن تلك التي دفعتها إلى إغلاق المدارس كلياً أمام التعليم الحضوري في العام 2020.
وقالت ويتمر في مؤتمر صحفي عقدته، الإثنين الماضي، إن توفر أدوات وقائية مثل اللقاحات والإرشادات الواضحة بشأن ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي: «سيمكننا من حماية أنفسنا وحماية الأشخاص المحيطين بنا»، على عكس ما كان الأمر عليه قبل عام، حيث «لم يكن أمامنا خيار سوى الإغلاق»، وفق تعبيرها.
واكتفت إدارة ويتمر بتوصية المناطق التعليمية المختلفة باعتماد الإرشادات الفدرالية المتعلقة بوباء كورونا دون إصدار أي أمر حكومي يلزمها بفعل ذلك، مثلما حصل في العام الدراسي المنصرم، تاركة مسألة ارتداء الكمامات وغيرها من الإجراءات الوقائية في يد المجالس التربوية المشرفة على المدارس المحلية.
وتسبب ذلك بضغوط متزايدة من الأهالي على الإدارات التعليمية عشية انطلاق العام الدراسي، بين أهالي رافضين لإلزام أبنائهم بارتداء الكمامات وآخرين متخوفين من تفشي الوباء، لاسيما مع تزايد تحذيرات الخبراء من خطورة انتشار المتحور «دلتا».
وأقرّت الحاكمة الديمقراطية بصعوبة اتخاذ مثل هذه القرارات المثيرة للانقسام، قائلة «إذا كان هناك أي شخص يدرك ذلك، فهو أنا»، في إشارة إلى المعارضة الواسعة التي واجهتها بسبب الأوامر التي أصدرتها على صعيد الولاية منذ بداية الجائحة في ربيع 2020.
وأصرّت ويتمر على أن قراراتها المتعلقة بمكافحة الوباء «كانت دائماً مستندة إلى العلم»، لكن هذه المرة هناك العديد من العوامل المستجدة، مثل توافر اللقاحات، على حد قولها.
وأوضحت ويتمر أن 35 بالمئة من طلاب المدارس في ميشيغن، سوف يرتدون الكمامات في الأماكن المغلقة، بموجب قرارات اتخذتها الإدارات المحلية، معربة عن «أملها» في أن تطبق المناطق التعليمية الأخرى إجراءات مماثلة.
ومنذ تصريحات ويتمر أصدرت دوائر الصحة في عدد من مقاطعات الولاية أوامر محلية بفرض الكمامات في المدارس على جميع الطلاب والموظفين.
وكانت تعليقات الحاكمة قد قوبلت بانتقادات لافتة من جمعيات تربوية اتهمتها بالتقصير في حماية السلامة العامة، على الرغم من نصيحة المديرة الطبية في وزارة الصحة، د. جونيه خلدون، لها بإصدار أمر إلزامي بارتداء الكمامات في مدارس الولاية للتخفيف من انتشار «كوفيد–19» وسلالاته المتنوعة.
ويرى المراقبون أن ويتمر تتخوف من انعكاس أي قرار من هذا النوع على شعبيتها قبل نحو عام من انتخابات الحاكمية المقررة في العام المقبل، فضلاً عن أن ذلك قد يتسبب لها بمزيد من الخلافات مع الجمهوريين الذين يسيطرون على الأغلبية في مجلسي نواب وشيوخ الولاية، والذين تتفاوض معهم حول مشروع الموازنة العامة وسبل إنفاق مليارات الدولارات الإضافية التي حصلت عليها ميشيغن بموجب حزم التحفيز الفدرالية.
وكان عدد من كبار المسؤولين الجمهوريين في الولاية قد شنوا حملة انتقادات لاذعة ضد المدارس التي ستجبر طلابها وموظفيها على ارتداء الكمامات.
وقال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس شيوخ ميشيغن، السناتور مايك شيركي، إن قرار بعض المدارس بفرض الكمامة على الطلاب، هو «أسخف شيء سمعته في حياتي»، فيما قالت نائبة رئيس الحزب الجمهوري في الولاية، ميشون مادوك، في بيان، إن الأهالي يعرفون ما هو الأفضل لأبنائهم ويجب أن يترك الخيار لهم.
ومع اقتراب موعد التحاق الطلبة في الولايات المتحدة بمدارسهم، يرتفع مؤشر حالات الإصابات بفيروس كورونا بين الأطفال، خاصة بعد اكتساح المتحور «دلتا» للعديد من الولايات التي تشهد انخفاضاً في نسب التطعيم.
ووفقاً لتقرير صادر عن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، فإن إصابات الأطفال تمثل حالياً ما يقرب من 15 بالمئة من عدد الإصابات الكلي في الولايات المتحدة.
وأضاف التقرير أن «نسبة دخول الأطفال إلى المستشفيات وصلت إلى 1.9 بالمئة، ونسبة الوفيات بينهم وصلت إلى 0.25 بالمئة، في حين أن سبع ولايات لم تشهد وفاة أي طفل بسبب كورونا».
وحثت الأكاديمية على ضرورة إلزام طلبة المدارس بارتداء الكمامة في فصولهم، وطالبت الأهالي بالحصول على اللقاح بأسرع وقت ممكن حماية لأرواحهم وأرواح أطفالهم وكافة أفراد المجتمع.
وشهدت ميشيغن خلال الأسابيع الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرة الإصابات اليومية بكورونا، التي ارتفع مجموعها إلى نحو 938 ألف حالة مؤكدة، منذ بداية الوباء في أواسط مارس 2020، فيما وصل عدد الوفيات إلى 20,161 شخصاً بحلول 25 آب (أغسطس) الجاري.
ويأتي ذلك بينما تفيد التقارير الرسمية عن ارتفاع عدد مرضى كورونا الذين يتلقون العلاج في مستشفيات الولاية إلى أكثر من ألف حالة، مطلع الأسبوع الماضي.
انقسام المدارس
انقسمت المناطق التعليمية في ميشيغن تجاه ارتداء الكمامات مع بداية العام الدراسي الجديد، إلى أربع فئات.
فقد قررت بعض المدارس، إلزام الطلاب والموظفين بوضع الكمامة في الأماكن المغلقة بغض النظر عن حالة التطعيم، مثل ديترويت وديربورن وفارمنغتون وآناربر وهامترامك وتروي وبرمنغهام ورويال أوك ولانسنغ وغيرها، بينما قررت مدارس أخرى مثل يوتيكا وليفونيا وبليموث ترك الأمر اختيارياً، في حين ارتأت بعض المناطق الأخرى فرض الكمامة على الطلاب من مرحلة الحضانة حتى الصف السادس، لاسيما في مقاطعتي جينيسي وكنت، اللتين شهدتا –خلال الأسبوع الماضي– تظاهرات محلية ضد تكميم الأطفال في هذه السن المبكرة.
ويوم الثلاثاء الماضي، أمرت دائرة الصحة في مقاطعة أوكلاند بفرض الكمامة على جميع الطلاب والموظفين في مدارس المقاطعة بغض النظر عن حالة التطعيم، رغم أن العديد من المناطق التعليمية في المقاطعة كانت قد قررت ترك الأمر اختيارياً، مثل مدارس روتشستر وساوثفيلد ونوفاي.
وقد تسبب القرار باستياء الأهالي الذين تظاهروا أمام مقر الدائرة في مدينة بونتياك، صباح الأربعاء الماضي، ضد القرار الذي سيطال أكثر من 210 آلاف طالب موزعين على 28 منطقة تعليمية و22 مدرسة مشتركة (تشارتر) في كافة أنحاء مقاطعة أوكلاند.
أما في مدينة ماونت كلمنز –مركز مقاطعة ماكومب المجاورة– فقد تظاهر العشرات أمام دائرة الصحة في المقاطعة، يوم الأربعاء الماضي، رافعين لافتات تطالب بفرض الكمامة على الطلاب والموظفين، مثل «إحموا أطفالنا» و«خففوا المخاطر».
في المقابل، امتنع الجزء الأكبر من المناطق التعليمية في الولاية عن تبني أية سياسة تجاه ارتداء الكمامة مع بداية العام الدراسي، مثل مدارس «كريستوود» في ديربورن هايتس ومدارس غاردن سيتي ووستلاند ومعظم مدارس شمال وغرب الولاية.
والجدير بالذكر، أن جميع طلاب المدارس في ميشيغن، بغض النظر عن المنطقة التعليمية التي ينتمون إليها، سيتوجب عليهم ارتداء الكمامات على متن الحافلات المدرسية.
Leave a Reply