سامر حجازي – صدى الوطن
طالبت عائلة عربية مسلمة فـي ولاية فلوريدا إدارة المدارس العامة المحلية بتأديب معلمة لإذلال ابنها أثناء الحصة الدراسية، عندما وصفته بأنه «طالباني يحمل خرقة على رأسه». يوسف الورداني، والد الطالب اللبناني البالغ من العمر ١٤ عاماً واسمه دياب الورداني، وهو طالب فـي ثانوية «سايبر بي» العامة فـي مدينة ويستون، تحدث علناً ضد مجلس إدارة المدارس العامة فـي المنطقة لفشله فـي اتخاذ الإجراء المناسب ضد مدرّسة اللغة الفرنسية التي أهانت الابن لفظيا عندما نعتته بأوصاف مهينة متعددة.
مثل كل شاب آخر فـي الثانوية، يتمتع دياب بأنشطة الكراسات المدرسية ويحب الاختلاط مع أصدقائه. ووصف الورداني ابنه كطالب نموذجي يتمتع بسيرة حسنة وسلوك ممتاز ومتفوق من الناحية الأكاديمية.
ولكن فـي اول شباط (فبراير) المنصرم، تعرّض الطالب دياب للاستهداف الشخصي المزعوم من مدرّسته ماريا فالديس، عندما دخل الى صفها وهو يرتدي غطاء للرأس متصل بجاكيته (هودي).
وأكد الورداني ان دياب كان يمشي إلى داخل الصف، عندما قالت «ها هو طالباني يحمل على رأسه خرقة». وقال ان ابنه كان قد أنهى للتو حصة الرياضة وأخذ حماماً سريعاً وانه لم يكن على ما يرام. لكنه قرر تجاهل افتراء المعلمة فـي البداية. ولكن للأسف لم تكن تلك المرة الأخيرة التي أشارت فـيها إليه باسم «طالبان». ففـي الأيام التي تلت الحادث، واصلت فالديس استهداف دياب. وحدث ذات مرة انه رفع يده للإجابة على سؤال فبادرته بالقول«نعم، طالبان».
وبدأ الطلاب فـي فصله من حينها يضحكون كلما نعتته المدرسّة بطالبان وظلت مستمرة على هذا المنوال طيلة الأسبوع.
وفـي الأسبوع الماضي، قام دياب بالتشاور مع والديه وطلب منهما أن يشرحا له ما معنى كلمة «طالبان». وقال الورداني، عندها فقط اكتشف أن ابنه يتعرض للإهانة اللفظية من قبل معلمته، فشعر بغضب عارم.
«كنت غاضباً فـي تلك المرحلة فـي الوقت المناسب»، قال الورداني. وقمت بانتزاع المعلومات منه للتأكد مما حدث. وكان فـي الصف تلاميذ مستعدون ليشهدوا.
بعد أن أخبره ابنه، شرع الورداني بالاتصال بإدارة المدرسة معبراً عن سخطه من الحادث. فقامت هيئة التدريس بتنسيق لقاء مع المديرة المساعدة وفالديس، حيث وفقاً لورداني، ازداد الأمر بعده سوءاً.
وقال الورداني ان فالديس اعتذرت له على تلك التصريحات خلال الاجتماع الخاص، لكن بدا ان اعتذراها كان قسرياً. وقارنه مع إجبار الوالدين لطفل على الاعتذار، بدليل إن «حضرة المدرّسة كانت تحرك عينيها الى الأعلى خلال الاجتماع علامة على الاستهزاء وكانت تنظر الى ساعتها باستمرار لأنها كما قالت كانت مضطرة للمغادرة».
واردف «بررت لي بالقول: أنا لا أعرف، هي مجرد مزحة، عندما سألتها لماذا قالت مثل هذه الأشياء بحق ابني، واعتذرت ولكن لم تظهر انها كانت نادمة فعلاً ولم تجرؤ على النظر الى عيني».
وعقب الاجتماع، استفسر الورداني من مساعدة مدير المدرسة عن عواقب فعلة فالديس نتيجة لتصرفاتها. لكنه شعر بقلة الاحترام من رد فعلها، خصوصاً عندما اجابته وكأنه غريب أجنبي. فقالت له بتأفف «فـي هذا البلد، لدينا ما يسمى إجراءات قانونية مرعية علينا أن نتبعها».
فـي الأيام التي تلت الاجتماع الخاص، أبلغ الورداني أن المدرسة لا يمكنها طرد فالديس البالغة من العمر ٦٤ عاماً وتعمل فـي المنطقة التربوية منذ ١١ عاماً وهي متعاقدة مع نقابة المعلمين.
وتمكن الورداني فـي النهاية من اللقاء مع مدير المدرسة، حيث أعرب عن خيبة أمله من «اعتذار فالديس وافتقار المدرسة للإجراءات التأديبية ضدها».
وقيل له إن طردها ووقفها من التدريس ليس مطروحاً على الطاولة وان أقصى تأديب بحقها سيكون على شكل تنبيه يوضع فـي ملفها الوظيفـي.
عندها أدرك الورداني أن المدرسة والمجلس التربوي فـي المنطقة لن يقوما باتخاذ الإجراء المناسب، فنقل الموضوع الى الحيِّز العام فأنشأ صفحة على الفـيسبوك سماها «ابننا ليس طالباني على رأسه خرقة» وحصلت الصفحة على أكثر من ١٧٠٠ محبذ (لايك)، كذلك تحدث إلى وسائل الإعلام المتعددة حول الحادث مع ابنه.
وفـي اليوم نفسه بدأت القصة تصول على وسائل الإعلام، وقال انه تلقى مكالمة من قسم «الخدمات والمساءلة» فـي المجلس التربوي للمقاطعة. وعلى الرغم من اتصاله بالمجلس هذا فـي مناسبات عديدة سابقة، فقد كانت هذه أول مرة يسمع منه ويتحدث مع ممثل له.
بعدها، قيل للورداني إن المجلس التربوي يدرس تعليق خدمة فالديس لمدة خمسة أيام بدون أجر، وأنها على الأرجح ستقوم بتحدي أية عقوبات أخرى تصدر بحقها.
فـي هذه الأثناء وضع أمامه خيار نقل ابنه من فصول فالديس الدراسية، لكنه قال «ليس ابني الذي يجب سحبه من الصفوف»!. وهو اليوم لا يزال طالباً فـي صف فالديس ورفاقه كلهم على بينة من الضجّة التي حدثت نتيجة أفعالها.
واكد الورداني «انه سيحضر الصف كل يوم، ويجعلها تمضغ كلامها»، واردف «إذا كانت لا تحب المسلمين أو الشعب اللبناني يمكنها ان تترك الصف. لقد كان الأمر عسيراً قليلاً عليه لأن عليه التعامل معها كل يوم.»
واستطرد أن ابنه دياب لا يزال طالبا نموذجياً على الرغم من تعرضه للتمييز وتسليط الضوء الإعلامي عليه. ولديه أصدقاء داعمون له فـي المدرسة، وتلقى شحنات من الدعم على وسائل التواصل الاجتماعي كذلك، وان لم تكن كل التعليقات على صفحة الفـيسبوك إيجابية.
واضاف «انه يقرأ ردود الفعل والتعليقات على الانترنت وفـي بعض الأحيان تمر تعليقات سلبية ولسوء الحظ كان هذا بمثابة درس بالنسبة له وانه بسببه كبر بسرعة قليلاً عما كنت أريده له».
وتأمل الأسرة الاّ يغذي الحادث او ينمي أي جهل فـي منطقتهم. مدينة ويستون تقع غرب مدينة فورت لودرديل، يقطنها سكان قليلون من أصل عربي. الورداني كان يأمل ان تقوم المدرسة بوضع برنامج تدريبي حول التنوع الخاص لإعلام الطلاب عن الحادث الذي وقع، ولكن هذا لم يحدث.
«أردت أن أشرح للطلاب الذين لا يعرفون ما جرى، ما يعني هذا الشيء، وأردت اعتذاراً علنياً فـي اجتماع مدرسي عام، ولكن لا شيء من هذا تحقق»..
وأصدر مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير – فلوريدا) بياناً دعا الى التحقيق فـي الحادث أيضاً. واضاف «اننا نشعر بالاشمئزاز من بلطجة معلمة فـي المدارس العامة بمقاطعة بروارد بحق طالب مسلم. هذا النوع من خطاب الكراهية المتجذر فـي التعصب والتضليل لا يمكن التسامح حياله».
ويوم الثلاثاء، ١٧ آذار (مارس) الجاري، وافق مجلس مدارس بروارد على تعليق خدمة فالديس لمدة خمسة أيام، والزمها أيضاً حضور دورة تدريبية حول التعدُّدية والتنوع الثقافـي.
وقال الورداني إن قرار مجلس التربية فـي المقاطعة ليس كافـياً. وهو حالياً يدرس الخيارات القانونية وكذلك يتواصل مع جماعات الحقوق المدنية فـي المنطقة لمساعدته فـي القضية. وأضاف، أنه سيواصل تحدي قرار المجلس التربوي حتى يتم فصل فالديس بشكل دائم أو تعليق عملها لمدة سنة بدون أجر.
«تعليق عملها لمدة خمسة أيام ليس أكثر من عطلة بالنسبة لها. لا يهمني كم من الوقت سيستغرق هذا الموضوع، أريد أن يعرف الناس ما قامت به فالديس». وختم الورداني كلامه بالقول «انا مستمر ومواظب على ذلك وإذا كانوا لا يريدون حماية ابني وحقوقه، فسأقوم انا بهذا العمل».
Leave a Reply