نيويورك – قد تواجه أكثر من مئة مدينة أميركية غارقة بالديون انهياراً مالياً خلال عام 2011، نتيجة لتخلفها عن دفع مئات مليارات الدولارات من القروض، وعرقلة الانتعاش الاقتصادي الأميركي. هذا هو أيضا حال المدن الأوروبية، كفلورنسا وبرشلونة ومدريد والبندقية.
ووصفت ميريديث ويتني، وهي محللة أميركية سبق أن توقعت حدوث أزمة الائتمان العالمية، الديون المحلية والسيادية بالمشكلة الأكبر التي تواجه الاقتصاد الأميركي. وقالت ويتني، في برنامج “60 دقيقة” على محطة “سي بي أس”، إنه “إلى جانب أزمة الإسكان، تعد هذه القضية الأكثر أهمية في الولايات المتحدة، وبالتأكيد فإنها تمثل التهديد الأكبر لاقتصادها”.
ويلخص حاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي المشكلة بإيجاز، قائلاً “لقد أنفقنا الكثير على كل شيء، وأنفقنا أموالا لم تكن بحوزتنا، واقترضنا أموالا بشكل جنوني إلى أن بلغت (بطاقة الائتمان) حدها الأقصى، وانتهى كل شيء. علينا أن نعمل الآن على الخروج من هذا المأزق الذي أوقعنا أنفسنا فيه منذ أكثر من عقد، والأمر بات اكثر صعوبة”.
وفي حين وصل حجم الديون الأميركية إلى تريليوني دولار حالياً، فمن المتوقع أن تصل نسبة الاقتراض الحكومي، المحلي والإقليمي في أوروبا، إلى ذروتها التاريخية بما يقارب 1,3 تريليون يورو (2,23 تريليون دولار) خلال العام الحالي.
وتكافح مدن عديدة، من ديترويت إلى مدريد، من أجل الدفع للدائنين، بمن فيهم مقدمو الخدمات الأساسية، مثل تنظيف الشوارع. وحذرت وكالة “موديز” للتصنيفات الأسبوع الماضي من تراجع محتمل لمدن فلورنسا وبرشلونة، وقامت بخفض التصنيف التابع لبلاد الباسك في شمال اسبانيا. وكانت وكالة “ستاندرد أند بورز” المنافسة قد خفضت تصنيف لشبونة في وقت سابق من هذا العام. وفي حين بدا حجم الاقتراض في نابولي وبودابست على شفير الهاوية، تم خفض ديون اسطنبول.
ومن شأن مداخلة ويتني أن تسلط الضوء على مسألة ديون البلديات. فقد كتبت، من خلال عملها كمحلّلة في مصرف “اوبنهايمر” الاستثماري في نيويورك في تشرين الأول عام 2007، تقريرا ينتقد “سيتي غروب”، أكبر مصرف في العالم في حينه، متوقعة أن يخفض التوزيعات النقدية على المساهمين. وقد قوبلت ويتني بانتقادات شديدة بسبب تشاؤمها، قبل أن تبرأ ساحتها عندما اضطر المصرف للحصول على دعم الحكومة بعد سنة.
وبحسب ما ورد في برنامج “سي بي أس” فقد أنفقت الولايات المتحدة أكثر مما جمعته من الضرائب بما يناهز نصف تريليون دولار، ما جعلها تواجه نقصا بقيمة تريليون دولار في صناديق المعاشات التقاعدية.
وأقرت ديترويت تخفيضات في قطاعات الشرطة والإنارة وإصلاح الطرق وخدمات التنظيف، التي تؤثر على 20 بالمئة تقريبا من السكان. وأنفقت ولاية ايلينوي ضعف ما جمعته من ضرائب، فجامعتها لوحدها تدين بـ400 مليون دولار.
أما كاليفورنيا فرفعت رسوم التعليم الجامعي الحكومي بنسبة 32 بالمئة، فيما باعت ولاية أريزونا مبنى “الكابيتول” ومباني المحكمة العليا للمستثمرين. وهناك احتمال بأن تمتد تأثيرات ذلك إلى ولاية فلوريدا، بعد تدهور صناعتها العقارية قبل عامين.
وفي أوروبا، حيث تعتمد المدن على القروض المصرفية والتحويلات الخارجية، تغيرت العادات التمويلية. فقد أصدرت المناطق الاسبانية في كاتالونيا وفالنسيا سندات ديون لمواطنيها بعد إغلاق الأسواق المالية أبوابها بسبب العجز العالي في المناطق. وفي ايطاليا، هددت “موديز” و”ستاندرد اند بورز” بخفض التصنيف التابع لفلورنسا، في حين اضطرت البندقية خلال الأشهر القليلة الماضية إلى بيع مبنى “بالاتسي” لتمويل العجز.
Leave a Reply