فينيكس
في استمرار مقلق للخطاب المعادي للمسلمين الأميركيين ومجتمعاتهم المتفرقة في الولايات المتحدة، ركبت مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، موجة التحريض، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، عبر خطاب متحيّز وصفت فيه االإسلاميينب بأنهم الخطر الأكبر على مستقبل البلاد، محذرة من تغلغلهم في المجتمعات الأميركية ذات الكثافة المسلمة، مثل ديربورن وباترسون وهيوستن وغيرها.
وجاء خطاب غابارد خلال مهرجان منظمة اتيرنينغ بوينتب الشبابية المحافظة، في وقت يواجه فيه المحافظون انقساماً غير مسبوق بين مؤيدي إسرائيل من جهة، وأنصار سياسة اأميركا أولاًب المعارضين لسطوة النفوذ الصهيوني على دوائر القرار في بلادهم، من جهة أخرى.
كذلك، يأتي خطاب غابارد بالتزامن مع حملة علاقات عامة تقودها دولة الاحتلال واللوبيات المؤيدة لها، بهدف ترميم سمعة إسرائيل في الولايات المتحدة، وتحديداً في أوساط المحافظين المستائين من جرائم الحرب المروعة التي ارتكبتها في قطاع غزة، فضلاً عن الاشتباه بضلوعها باغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك، مؤسس منظمة اتيرنينغ بوينتب نفسها.
وإلى جانب تنظيم رحلات إلى الأراضي المحتلة، وبث إعلانات مدفوعة وتوظيف شخصيات ومنصات إعلامية مؤثرة في أوساط المحافظين، مثل ادايلي وايرب للإعلامي اليهودي الأميركي بن شابيرو، تشمل الحملة أيضاً جهوداً تبدو ممنهجة للفت الانتباه عن جرائم إسرائيل ونفوذها في الولايات المتحدة، عبر تسليط الضوء على االخطر الإسلاميب المزعوم وتصويره كتهديد داهم للداخل الأميركي.
وفي هذا السياق، يخشى الحقوقيون المسلمون الأميركيون من أن يكون خطاب غابارد ليس إلا استكمالاً لموجة التحريض المستمرة ضد مجتمعاتهم، التي تتعرض منذ أشهر لحملات تشويه عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عن تنظيم تظاهرات معادية للإسلام وظهور خطاب انتخابي عنصري في بعض الولايات مثل تكساس وفلوريدا، حيث لا يتوانى بعض المرشحين عن المطالبة بطردهم من البلاد.
ماذا قالت غابارد؟
خطاب غابارد في االمهرجان الأميركيب الذي نظمته اتيرنينغ بوينتب في مدينة فينيكس بولاية أريزونا الأحد الماضي، جاء منسجماً مع حملات التعبئة والتجييش التي تستهدف المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة وتصورها كتهديد للديمقراطية والقيم الأميركية.
وافتتحت غابارد كلمتها باتهام ما أسمته الإيديولوجيا الإسلاموية بتغذية الجماعات الإرهابية كـاالقاعدة وداعش والشباب وحماس وبوكو حرام وآخرينب، معتبرة أن هذه المبادئ تُشكل خطراً أمنياً وفكرياً على الولايات المتحدة، وعلى العالم أجمع.
وقالت اعندما نتحدث عن خطر الإسلاموية، هذه الأيديولوجية السياسية، فلا وجود لشيء اسمه الحرية الشخصية أو الفرديةب، موضحة أن التهديدات الناجمة عن الإسلام السياسي اتتخذ أشكالاً عديدة، بما في ذلك اإلغاء أسواق عيد الميلاد في ألمانيا هذا العامب، حسب تعبيرها.
وفي سياق هجومها، خصّت غابارد -التي خدمت مع الجيش الأميركي إبان غزو العراق- مدينة ديربورن في ميشيغن ومدينة مينيابوليس في مينيسوتا ومدناً أخرى بالذكر، زاعمة بأن ارجال دين إسلاميين هناك يروجون علناً لهذه الإيديولوجيا، ويعملون على تجنيد الشباب وتطرفهمب.
سبق خطاب غابارد أشهرٌ من التحريض ضد المسلمين الأميركيين، طالت مناطق تركزهم، وعلى رأسها ديربورن التي شهدت في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) المنصرم، تظاهرة استفزازية نظمها الناشط السياسي جيك لانغ تحت شعار اأميركيون ضد الأسلمةب، وتخللها تدنيس القرآن الكريم بلحم الخنزير، فضلاً عن محاولة إحراقه.
واتهمت غابارد في كلمتها أيضاً امجلس العلاقات الأميركية الإسلاميةب (كير) بالسعي لاستخدام الأنظمة القانونية والسياسية الأميركية لفرض االشريعة الإسلاميةب.
وقالت: اهذا يحدث بالفعل في بعض الأماكن هنا داخل حدودناب، مثل هيوستن بولاية تكساس، مضيفة اإنهم يعملون على تطبيق هذه المبادئ الإسلامية في حكوماتهم المحلية، وهي مبادئ تُفرض على الناس باستخدام القوانين أو العنفب.
وصوّبت غابارد على منظمة اكيرب، وهي أكبر منظمة للدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين وتنتشر فروعها في معظم الولايات الأميركية، قائلة: افي وقت سابق من هذا العام، عُقد مؤتمر يمثل منظمات مثل كير… دعا إلى استخدام الأنظمة القانونية والسياسية الأميركية لتطبيق الشريعة الإسلاميةب.
كما استنكرت النائبة الديمقراطية السابقة عن هاواي، إعلان مدينة باترسون بولاية نيوجيرزي، نفسها كــاأول مدينة مسلمة في أميركاب، واضعة ذلك في إطار جهود اأسلمة أميركاب.
ردود فعل
أثارت خطاب غابارد، مزيجاً من المخاوف والاستياء في المجتمعات والأوساط الحقوقية الإسلامية التي عبّرت عن استيائها مما اعتبرته اتوصيفاً غير دقيقب لأحوال ومعتقدات المسلمين الأميركيين، فيما طالبت اكيرب، المسؤولة الاستخباراتية بالاعتذار العلني أو الاستقالة.
وقال بيان صدر عن المنظمة الحقوقية، الاثنين الماضي، ابصفتها مديرة الاستخبارات الوطنية، فإن تولسي غابارد مسؤولة عن جمع وتحليل وتقديم معلومات واقعية لصناع القرار حتى يتمكنوا من حماية الشعب الأميركيب، مستدركاً بالتأكيد على أن اآخر شخص يصلح لأن يشغل هذا المنصب الحساس وغير السياسي هو الشخص المتعصب الذي يؤمن بنظريات المؤامرة وينشر الكراهيةب.
وشكك البيان بتصريحات غابارد ومؤهلاتها لشغل المنصب الاستخباراتي، وقال: القد كانت تصريحات تولسي غابارد ضد المجتمعات الإسلامية الأميركية ولمبادئ الإسلامية واهية، وهي غير مؤهلة لشغل هذا المنصبب، مضيفاً اإذا كانت غابارد تعتقد حقاً أن المسلمين الأميركيين على وشك فرض الشريعة الإسلامية في باترسون في نيوجيرزي فهي منفصلة تماماً عن الواقع ولا يجوز لها تولي منصب مديرة الاستخبارات الوطنيةب.
وأوضح البيان: اأما إذا كانت السيدة غابارد قد روجت لهذه النظريات المعادية للمسلمين وهي تعلم أنها كاذبة، فإن عدم أمانتها يجعلها غير مؤهلة أيضاً للإشراف على جمع المعلومات الاستخباراتية في بلادناب، مطالباً باستقالتها أو الاعتذار عن تصريحاتها.
ولفت البيان إلى أن غابارد تمتلك اللأسف تاريخاً طويلاً من إظهار العداء الصريح للإسلام والمسلمين تحت ستار معارضة الإسلامويةب، ولهذا السبب التقت مع (الرئيس السوري السابق) بشار الأسد و(رئيس الوزراء الهندي الحالي) ناريندرا مودي، واهما رجلان استخدما فزاعة المسلمين لتبرير التمييز والعنف ضد شعبهمب، وفقاً لـاكيرب التي تم تصنيفها مؤخراً كمنظمة إرهابية في ولايتي تكساس وفلوريدا.
وفي الإطار، عبّر رئيس بلدية باترسون أندريه صباغ عن رفضه لتصريحات غابارد، ودعاها إلى الاعتذار وزيارة المدينة للتعرف عليها بنفسها، وقال: اباترسون مدينة ترحب بالجميع، وباترسون لم تتخلّ أبداً عن أصدقائها، وعلى تولسي غابارد أن تعلم أن باترسون مكان أفضل لأن المسلمين يعتبرون مدينتنا موطنهمب.






Leave a Reply