ديترويت
على غرار الحملة الانتخابية السابقة للرئيس جو بايدن، بادرت حملة نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى عقد اجتماع موسع مع قيادات عربية وإسلامية أميركية في منطقة ديترويت للبحث في سبل استعادة ثقة الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين بمرشحة الحزب الأزرق في سباق البيت الأبيض.
الاجتماع الذي التأم يوم الخميس 15 آب (أغسطس) الجاري، قبل أيام قليلة من انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي بمدينة شيكاغو، ضمّ كبار المسؤولين في حملة المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية، وفي مقدمتهم المديرة الوطنية للحملة جولي تشافيز رودريغيز، ووسيطة نائبة الرئيس للمجتمعات العربية والإسلامية الأميركية نسرينا بارغزي، بالإضافة إلى نائب محافظ مقاطعة وين أسعد طرفة وناشر صحيفة «صدى الوطن» أسامة السبلاني، إلى جانب مسؤولين ونشطاء آخرين طالبوا الإدارة الأميركية بفرض وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، كشرط لرأب الصدع بين المجتمع العربي الأميركي وبين قيادة الحزب الديمقراطي.
وأفاد طرفة لوسائل إعلام محلية بأن اللقاء مع كبار المسؤولين في حملة هاريس تضمن نقاشات «مثمرة» حول أهمية المشاركة المجتمعية، موضحاً بأن تلك الاجتماعات عكست «التزام فريق هاريس بضمان حصول المجتمع العربي الأميركي على مقعد ذي معنى حول الطاولة»، في حال وصول المرشحة الديمقراطية إلى سدة الرئاسة الأميركية.
وأضاف طرفة الذي أعلن في وقت سابق دعمه لهاريس في السباق الرئاسي بأن فريق هاريس يدرك أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به في المستقبل، «لكنهم ملتزمون ليس فقط بسماع أصواتنا، وإنما أيضاً بإشراكنا الفعّال في تشكيل المستقبل»، لافتاً إلى أن الحوار مع رودريغيز وبارغزي كان «ضرورياً لمواصلة التعاون»، وقال: «أنا على ثقة من أنه يمكننا معاً إحداث تأثير كبير».
لكن ناشر ورئيس تحرير «صدى الوطن» أسامة السبلاني كان أقل تفاؤلاً، حيث لفت إلى تراكم «الإحباط» في أوساط العرب والمسلمين الأميركيين بسبب تلكؤ الإدارة الأميركية، التي تشكل هاريس جزءاً منها، في فرض وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وكذلك رفضها لمطالب شرائح واسعة من المجتمع الأميركي بحظر توريد الأسلحة الأميركية إلى إسرائيل، ناهيك عن استمرار نهج التمييز ضد العرب والمسلمين الأميركيين عبر المنافذ الحدودية والوظائف الحكومية.
وأفاد السبلاني لصحيفة «ديترويت فري برس»، عقب الاجتماع، بالقول: «إحباطنا يتراكم بمرور الأيام، إننا نشعر بالإحباط لأننا لا نسمع الكثير من هاريس نفسها»، مضيفاً: «إننا لا نسمع سوى الكلام، سواء من المسؤولين في حملة هاريس أو المسؤولين في الحملة السابقة للرئيس جو بايدن، ولكن لا شيء ينجز فعلياً على أرض الواقع بينما تستمر إسرائيل في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ويتواصل التمييز هنا ضد مجتمعاتنا العربية والإسلامية».
وكان السبلاني قد حمّل وفداً رفيعاً في إدارة بايدن في شباط (فبراير) المنصرم ورقة مطالب تحث الرئيس الأميركي على العمل الجاد لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في الأراضي المحتلة، وفي جميع مناطق الصراع في الشرق الأوسط، وكذلك تقديم المساعدات الفورية لإغاثة الفلسطينيين، إلى جانب استئناف الدعم المالي لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) لدى الأمم المتحدة.
وعبّر السبلاني عن اشمئزاز المجتمع العربي والإسلامي بمنطقة ديترويت من دعم إدارة بايدن «الصفيق» للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مندداً بأداء الرئيس الديمقراطي وكامل طاقمه السياسي الذي لم يتوانَ عن تقديم الدعم المطلق لدولة الاحتلال، متجاهلاً حركات الاحتجاج الشعبية والطلابية الواسعة في كافة أنحاء أميركا ضد استمرار الحرب الوحشية في الأراضي المحتلة.
وذكّر السبلاني، رودريغيز التي شغلت سابقاً رئيسة مكتب بايدن للشؤون الحكومية الدولية، خداع الديمقراطيين المتواصل وأكاذيبهم المتكررة على الناخبين العرب الأميركيين، وقال لها: «لقد دعمنا في انتخابات العام 2020 العديد من المرشحين الديمقراطيين وعلى رأسهم الرئيس بايدن الذي وعد بأن يفسح لنا مكاناً حول الطاولة، ولكنه لم يحنث بوعوده فحسب، بل أخرجنا من كامل الغرفة».
كما لفت السبلاني إلى زيارة هاريس لديربورن خلال العام نفسه طلباً لدعم الناخبين العرب الأميركيين، حيث لبّت «صدى الوطن» رغبتها بإجراء حوار معها، وقد تم نشره باللغتين العربية والإنكليزية، مبلغاً رودريغيز بأن هاريس لم تفِ بوعودها هي الأخرى.
وقال السبلاني، إن البيت الأبيض أجهض جميع المحاولات التي كان من الممكن أن تسفر عن تعيين قاض عربي في محكمة ديترويت الفدرالية، التي تضم بين مقاعدها قضاة من جميع الأعراق والخلفيات ما عدا العرب الأميركيين. وأفاض بتفاصيل حول تقدم شخصيتين عربيتين إلى أحد المقاعد الشاغرة في المحكمة، غير أن البيت الأبيض تعامى عن كفاءاتهما ونظافة سجلاتهما، وفضّل ترشيح أحد المتقدمين اليهود للمنصب.
كذلك، صوب السبلاني على وعود السناتور الديمقراطي في مجلس الشيوخ الأميركي عن ميشيغن، غاري بيترز، بتخفيف مضايقات العرب والمسلمين في المطارات والمنافذ الحدودية، قائلاً إنها هي الأخرى «ذهبت أدراج الرياح»، بل أن المضايقات تفاقمت إلى درجة غير معقولة بالتزامن مع حرب غزة، حسب تعبيره.
وقال السبلاني لرودريغيز بأن وكالات إنفاذ القانون ماتزال تتعامل مع العرب والمسلمين الأميركيين كإرهابيين محتملين في المطارات وبقية المنافذ الحدودية. وقال: «بينما يتم التعامل معنا كإرهابيين محتملين، إلا أننا لم نسمع عن توجيه تهمة الإرهاب لأي من هؤلاء المتطرفين الذين هددوا باستهداف العرب ومصالحهم، أو ارتكبوا بالفعل جرائم سافرة ذهب ضحيتها طفل فلسطيني في ولاية إلينوي وإصابة ثلاثة طلبة عرب في ولاية فيرمونت، إلى جانب العديد من التهديدات الموثقة لمجتمعنا المحلي في منطقة ديترويت».
وقال السبلاني إنه وبرغم جميع خيبات الأمل السابقة، إلا أن العرب الأميركيين يعتبرون قضية الحرب على غزة هي الأهم، مؤكداً بأن مطالب العرب والمسلمين الأميركيين تتركز في الوقت الحالي على تنفيذ وقف فوري وعاجل لإطلاق النار في غزة، وإفساح المجالات والمساعدات الإنسانية لمئات آلاف المشردين لململة خسائرهم وتطبيب جراحهم العميقة.
وعلى المقلب الآخر، التقى المسؤولون في حملة هاريس مع فعاليات يهودية في منطقة ديترويت من بينهم السناتور الديمقراطي في مجلس شيوخ ميشيغن جيريمي موس (من ساوثفيلد) الذي أكد بأن الاجتماع مع ردوريغيز وبقية المسؤولين في حملة هاريس يعكس «أهمية اليهود الأميركيين بالنسبة لنائبة الرئيس كامالا هاريس ونائبها تيم والز ككتلة حاسمة لفوزهما في نوفمبر المقبل، وكذلك لشراكتهم في الإدارة المستقبلية».
ونوّه موس بأن حملة هاريس تلتزم بمكافحة معاداة السامية، سواء في الداخل الأميركي أو من أولئك الذين يهددون سلامة إسرائيل، وقال: يجب أن تكون أهدافنا المشتركة هي إطلاق سراح الرهائن (لدى حماس)، وتهدئة العنف، والعمل نحو السلام الدائم في الشرق الأوسط”، مضيفاً: «إنني أتطلع إلى المشاركة الهادفة المستمرة مع مجتمعنا هنا، وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق النصر في ميشيغن».
المحامي البارز جوردان آكر كان أيضاً ضمن الفعاليات اليهودية التي حضرت اللقاء مع المسؤولين في حملة المرشحة الديمقراطية، وقد أفاد لصحيفة «فري برس» بأن هاريس ستكون الرئيسة القادمة للولايات المتحدة. وقال: «لهذا السبب من المهم جداً أن تأتي حملتها إلى ميشيغن وتلتقي بنا اليوم لمناقشة مجمل القضايا المهمة للغاية على مستوى مجتمعنا، وعلى المستوى الوطني برمته».
هذا، ولم تتحدث حملة هاريس بشكل مباشر عن مضمون وأماكن عقد الاجتماعات مع الفعاليات العربية واليهودية، لكن المتحدث باسم الحملة عمار موسى أقرّ بعقدها وقال لـ«ديترويت فري برس» إن رودريغيز سافرت إلى ميشيغن كجزء من جهود حملة هاريس المستمرة للتواصل مع جميع المجتمعات في كافة أنحاء البلاد.
Leave a Reply