نِك ماير – «صدى الوطن» – رغم خطر الإفلاس الذي واجهته عام 2015، سرعان ما شهدت مقاطعة وين سلسلة من التطورات الاقتصادية الهامة التي مكنتها من تجاوز الأزمة المالية خلال فترة قياسية، لتحقق فائضاً في صندوقها العام يزيد عن 146 مليون دولار، في 2018.
ومع تولي المحافظ وورن أفينز لمهام منصبه على رأس كبرى مقاطعات ميشيغن بدأ التعافي يدبّ في مدن وبلدات وين التي حققت في السنوات الأخيرة نمواً اقتصادياً لافتاً بإشراف فريق من الخبراء والمختصين الاقتصاديين والإداريين، كان في مقدمتهم مساعد أفينز ومدير دائرة التنمية الاقتصادية في المقاطعة، العربي الأميركي خليل رحال، الذي مُنح في 15 آب (أغسطس) الماضي، جائزة «جمعية المطورين الاقتصاديين بميشيغن» (ميدا)، تثميناً لجهوده في إعادة المقاطعة إلى الواجهة الاقتصادية والاستثمارية بولاية ميشيغن.
جائزة «ميدا»، التي تمنح «للقادة الاقتصاديين الذين يظهرون التزاماً بالتنمية الاقتصادية وتفانياً في إنماء مجتمعاتهم»، ليست الجائزة المرموقة الوحيدة التي حصدها رحال خلال مسيرته المهنية الحافلة بالإنجازات. ففي العام الماضي سمّته مجلة «كراين» المختصة بالمال والأعمال، ضمن قائمة أفضل 40 شخصية تحت سن الـ40 لعام 2018، كما سمته ضمن قائمة «50 اسماً حكومياً يجب أن يُعرفوا» في الولاية.
تحت إدارة رحال الذي أعاد هيكلة دائرة التنمية الاقتصادية فور تعيينه رئيساً لها في 2015، استطاعت مقاطعة وين تركيز جهودها على دعم الأعمال التجارية القائمة، وتأسيس فضاء عالمي المواصفات للاستثمار، إذ قاد المسؤول اللبناني الأصل جهوداً لبيع مصنع «مكلوث ستيل بلانت» في مدينة ترينتون، ليعيده بذلك إلى حيز الاستخدام الإنتاجي، وأشرف على مشروع لإحياء ثلاثة مصانع سابقة لشركة «فورد»، كما تولى صفقة بيع «نادي وورن فالي للغولف» لبلدية ديربورن هايتس بمبلغ ١.٨ مليون دولار، وهي صفقة وصفها رحال بأنها مفيدة لكل من المقاطعة والمدينة، على حد سواء.
رحال، وهو من سكان مدينة ديربورن، ومن خريجي ثانوية «فوردسون»، ومدعٍ عام سابق بمكتب الادعاء العام بمقاطعة وين، نجح أيضاً في إعادة الحياة إلى ناطحة سحاب «غارديان بيلدينغ» بوسط ديترويت، مع إعادة تشغيلها بنسبة 95 بالمئة، لتتحول إلى مرفق مثمر مالياً في قلب المدينة التي تشهد بدورها تعافياً اقتصادياً مشهوداً على المستوى الوطني.
ولم يكن اللاعب السابق في فريق كرة القدم الأميركية بـ«جامعة غراند فالي ستايت» على علم بترشيحه لجائزة «ميدا»، حتى تلقى رسالة بهذا الشأن، من مدير قسم تطوير الأعمال التجارية في المقاطعة، ديفيد شريبر، الذي وصف رحال بـ«القائد الاقتصادي»، الذي يعمل بلا كلل ولا ملل من أجل تطوير الاقتصاد في مقاطعة وين، لافتاً خلال حفل تسليم الجائزة إلى أن «وين أصبحت من جديد لاعباً في التنمية الاقتصادية، بطريقة تعاونية تركز على مجتمعاتها المتميزة».
وأضاف: «لا أحد يعمل بجد أكثر من خليل، وعمله يؤتي ثماره. إن مقاطعة وين اليوم مفتوحة أمام الأعمال، وهي شريك قوي بطريقة لم تكن من قبل، المستثمرون يلاحظون ذلك، وهذه أخبار جيدة للمقاطعة وللولاية».
من ناحيته، قال رحال خلال تسلمه للجائزة: «هذه الجائزة جاءت من زملائي في حقل التنمية الاقتصادية، لقد كانت الـ18 شهراً الماضية فترة مميزة جداً بالنسبة لي».
وأضاف: «كان علينا إعادة تفعيل دائرة التنمية الاقتصادية. في الوقت الذي تولى فيه أفينز مهام المحافظ عام 2015، توجب علينا إعادة هيكلة الدائرة بالكامل. كنا نواجه بعض الظروف المالية الصعبة، لكن اليوم لدينا دائرة جديدة تضم ثلاثة أقسام، لقد أعيد بناؤها بطريقة مكنتنا من إنجاز الكثير من المشاريع العظيمة».
وفي حديث مع «صدى الوطن»، أفاد رحال بأن لديه رؤية تتمثل بربط ديترويت مع المدن والمناطق المجاورة، لافتاً إلى أن السيارات هي الوسيلة الوحيدة حالياً للتنقل بين مناطق المقاطعة.
وأوضح قائلاً إن منتزه هاينز بارك –على سبيل المثال– تنتهي حدوده في ديربورن، و«أحد الأشياء التي تعاني منها المنطقة تتمثل بأنه لا توجد وسيلة للتنقل من جانبها الشرقي إلى جانبها الغربي، أو بالعكس، إلا عن طريق السيارات».
وأشار إلى أن لديه مشاريع مستقبلية لربط أجزاء المنطقة ببعضها البعض عبر السماح ببناء مطاعم ومتحف، وإنشاء مسارات جديدة للدراجات الهوائية، تربط ديترويت بمنتزه هاينز بارك، إضافة إلى مشاريع تطويرية أخرى تستفيد من الإرث الثقافي والاقتصادي للمنطقة، من ضمنها تطوير المصانع التاريخية التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع رائد صناعة السيارات هنري فورد والمخترع الفيزيائي توماس أديسون وآخرين.
وأشاد رحال بتوجيهات وإرشادات المحافظ أفينز الذي «يحرص على توجيه المسؤولين في إدارته على ربط مناطق وين ببعضها البعض، وعلى العمل بطرق ابتكارية وغير تقليدية».
ووصف رحال، المحافظ الذي عيّنه في 2015 مديراً لدائرة التنمية الاقتصادية في وين، بـ«المعلم الرائع»، وقال: «لقد كان قائداً رائعاً، تعلمت الكثير من إرشاداته. لقد منحني حرية القدرة على تنفيذ مشاريع بعضها كان مثيراً للجدل لأسباب وجيهة».
تجربة رحال الزاخرة بالنجاحات، توجته قائداً تنفيذياً لافتاً للأنظار، مثلما يتضح من سلسلة الجوائز التي حصدها، ومن إعجاب زملائه بأدائه، وكذلك من إشادة رئيسه، أفينز الذي وصف رحال بأنه «شخص ضروري لتقدم وين»، وقال: «فيما المقاطعة مستمرة بإعادة البناء، فإن وظيفة خليل تتمثل في حماية أسعار الممتلكات وتنمية القاعدة الضريبية، حتى تتمكن مجتمعاتنا البالغ عددها 43 مدينة وبلدة، من الازدهار».
وأضاف: «لقد قام بعمل رائع، سواء عبر وضعه الممتلكات على طريق الانتعاش، أو عبر تمكين المقاطعة من النمو كمركز لوجيستي عالمي المستوى»، مؤكداً «لقد كان (رحال) ضرورياً لتقدمنا».
من جانبه، قال العضو في مجلس مفوضي مقاطعة وين، حسان (سام) بيضون: «لا يمكنك التعبير بما يكفي عن نجاح رحال في إعادة ممتلكات المقاطعة إلى حيز الاستخدام الإنتاجي من أجل تحقيق الاستقرار المالي، وتحسين نوعية الحياة في المقاطعة»، مؤكداً: «إنه لمن المهم جداً، حماية وتعزيز قيمة ممتلكاتنا، ووضع مجتمعاتنا على طريق الازدهار».
المستثمر مايكل سمحات، رئيس شركة «كراون إنتربرايز» العقارية بمدينة وورن، أبدى إعجابه بالأداء القيادي المتوازن لرحال وحصافته في المفاوضات التي أفضت إلى شراء «كروان إنترابرايز» لمصنع «مكلوث» بـ4 ملايين دولار في 2017. وقال: «يحدث شد وجذب في المفاوضات.. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى قتل الصفقة بسهولة، وفي حين أن خليل مفاوض لا يتهاون في تحقيق المصالح الأفضل للمقاطعة، إلا أنه عادلٌ وموثوق، وهذا أمر ضروري، لكي تفضي المفاوضات المعقدة، مثل بيع «مكلوث»، إلى نتائج مثمرة».
وفيما يخص التحديات القادمة أمام دائرة التنمية الاقتصادية في المقاطعة، أكد رحال على أن إحداث تطويرات جديدة في وسائط النقل العام في المنطقة سيكون «المفتاح الأساسي لتعزيز النمو الاقتصادي في مقاطعة وين».
وأشار إلى أن العالم بات اليوم أكثر ترابطاً وتواصلاً، ولهذا فإنه سيعمل أيضاً على تعزيز الجهود الحكومية لكي تتبوأ ديترويت دوراً قيادياً في مجال الخدمات المعلوماتية واللوجستية، وقال: «العالم يتغير بسرعة كبيرة، وهنالك عدد قليل جداً من الخبراء في هذا المجال».
Leave a Reply