خليل رمَّال – «صدى الوطن»
أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الأميركي، أن مدينة تروي الواقعة فـي شرق مقاطعة أوكلاند أصبحت ثاني أكثر مدن ولاية ميشيغن احتضاناً للمهاجرين مقارنة بعدد السكان، متفوقة بذلك -ولأول مرة- على مدينة ديربورن التي حلت بالمركز الثالث، فـيما كانت الصدارة لمدينة هامترامك.
وتبلغ نسبة سكان تروي الذين ولدوا خارج الولايات المتحدة ٢٧.٧ بالمئة من إجمالي سكان المدينة البالغ عددهم حوالي ٨٣ ألف نسمة. وقد حققت نسبة المهاجرين زيادة بنسبة ٥.٣ بالمئة منذ العام ٢٠٠٩ مما جعل تروي تتفوق على العديد من المدن الأخرى فـي مترو ديترويت فـي اجتذابها للمهاجرين واللاجئين الجدد، حسب الدراسة المسحية التي أجرتها صحيفة «ديترويت نيوز».
والزيادة فـي عدد المهاجرين سُجلت فـي العديد من مدن مقاطعتي أوكلاند وماكومب مثل كلاسون وستيرلنغ هايتس وشيلبي تاونشيب- إلا أن تروي شهدت النمو الأكبر بسبب فرص العمل المتوفرة والعلاقات العائلية ودور العبادة وأحياء الأقليات النابضة بالحياة والمصالح التجارية والخدمات الاجتماعية التي تلبي احتياجاتهم وتبقيهم على صلةٍ بتراثهم.
مدن مترو ديترويت ذات أعلى نسبة من السكان المهاجرين. |
لكن مدينة هامترامك لا تزال تقود المنطقة من حيث عدد المهاجرين الذين يشكلون ٤٣.٦ بالمئة من إجمالي سكان المدينة. أما ديربورن فـيشكل سكانها المولودون فـي الخارج ٢٦.٥ بالمئة من السكان، فـيما حلت بالمرتبة الرابعة مدينة ستيرلنغ هايتس (ماكومب) بـ٢٥.٥ بالمئة ثم وست بلومفـيلد (أوكلاند) بـ٢٠.٢ بالمئة. وتجدر الإشارة الى أن ميشيغن تحتل المرتبة الخامسة عشرة على المستوى الوطني من حيث عدد السكان المولودين فـي الخارج حيث يعيش فـيها حوالي ٦٣٧ ألف مهاجر وفقاً لبيانات احصاء عام 2014، بزيادة ثمانية بالمئة عن العام 2010.
وتحتوي ديترويت على أكبر عدد من السكان المولودين فـي الخارج (حوالي ٣٦ ألف نسمة) لكن نسبتهم من إجمالي سكان المدينة تبقى متدنية جداً مقارنة بمعظم الضواحي، إذ تقدر بخمسة بالمئة فقط.
تنوع المهاجرين فـي تروي
تضم مدينة تروي جالية عربية قديمة نسبياً إضافة الى عائلات قدمت حديثاً الى الولايات المتحدة من بينها عائلة العالم اللاجئ السوري رفاعي حمو الذي دعاه الرئيس باراك أوباما لحضور خطاب «حال الاتحاد» يوم الثلاثاء الماضي.
عوني فاخوري (٦١ عاماً) وهو موظف متقاعد من شركة السيارات «كرايسلر»، انتقل إلى ميشيغن من مسقط رأسه الأردن عندما كان مراهقاً فـي عام ١٩٦٩، فاستقر أولاً فـي مدينة هايلاند بارك، حيث عاش أقارب آخرون هناك قبله. وبعد وفاة والده، انتقل فاخوري وخمسة أشقاء مع والدته إلى ستيرلنغ هايتس بناءً على نصيحة من أصدقاء مقرَّبين من لبنان سبقوه للعيش فـي تلك المدينة.
وفـي عام ١٩٨٥ تزوج زوجته سارة، وانتقلا إلى تروي، حيث رُزِقا بثلاثة أطفال.
«قصتي هي نفس قصة معظم المهاجرين» استهل فاخوري كلامه لصحيفة «ديترويت نيوز»، مشيراً إلى أن الأفراد «يسكنون (بدايةً) بقرب الاشخاص الذين يعرفونهم ويعملون فـي وظائفهم ثم ينتقلون لمكان آخر من أجل حياة أفضل» فـي إشارة الى المستوى المعيشي ومتوسط الدخل المرتفع الذي تتمتع به مدينة تروي.
ومن اللافت أن المهاجرين من سكان تروي يتحدرون من مختلف شعوب العالم، فالى جانب الجالية العربية هناك جاليات آسيوية كبيرة ومتنوعة إضافة الى جاليات من دول البلقان وتركيا وأوروبا الشرقية، لكن الفضل فـي الزيادة السكانية فـيها يعود بالمقام الأول إلى المهاجرين القادمين من الهند وألبانيا.
وتتميز المدينة بأنها مركز تجاري غني بالمتاجر الكورية والشرق أوسطية ومطاعم الشواء الكورية والسوشي الياباني وفـيها سوق بقالة فلبيني، وبالقرب من «سومرست مول» تقع «بقالة باتل براذرز» الهندية، إضافة الى العشرات من المصالح التجارية الأخرى فـي أنحاء المدينة.
وقد أدى التدفق السكاني هذا الى أحداث تغييرات فـي المجتمعات المحلية للتأقلم مع موجات النازحين مثل انشاء برامج وصفوف للغة الإنكليزية لغير الناطقين بها، وخلق وظائف ارتباط تهتم بالطلاب المولودين فـي الخارج وبرامج المكتبات العامة اللغوية الموجهة نحو السكان الجدد وبرامج التوعية العرقية والشركات المتخصصة التي تلبي حاجات مختلف الثقافات.
وتسعى تروي من أجل تسهيل العملية الانتقالية للوافدين الجدد من خلال البرنامج اللغوي «وقت التكلم» الذي يُقام صباح كل سبت فـي المكتبة العامة فـي المدينة. ويساعد برنامج المهاجرين على صقل مهاراتهم اللغوية الإنكليزية.
وفـي هذا الصدد أفصحت مديرة المكتبة، كاثلين روس، ان نحو ٣٠ شخصاً يحضرون بشكل منتظم الجلسات التي تستغرق ساعتين من الزمن والتي ابتدأت قبل نحو ٢٠ عاماً، ويُقدر ان الآلاف من المهاجرين اشتركوا فـي البرنامج.
وفـي هذا المضمار أكدت روث بينغستين، البالغة ٨٩ عاماً، والتي تطوعت كل يوم سبت فـي البرنامج على مدى السنوات الثلاث الماضية، ان الجلسة الأخيرة شملت مشاركين من مصر، المكسيك، الأردن، كوريا، اليابان، تركيا وإيطاليا.
وجهات مفضلة
وتبين المعطيات ان المهاجرين العراقيين هم الذين رفعوا فـي المقام الأول الزيادة السكانية فـي بلدة شيلبي وستيرلنغ هايتس فـي مقاطعة ماكومب المجاورة لمدينة تروي، وفقاً للإحصاء السكاني.
كما ان «الطفرة» فـي عدد سكان ديربورن هايتس، تُعزى لانتقال عائلات اليها من لبنان والعراق، فـي حين كانت أسباب الزيادة السكانية فـي مدينة كلاوسون تعود الى المهاجرين من السلفادور وبلدان أوروبا الشرقية.
وفـي مدينة اورتشارد لايك، ١٧.٦ بالمئة من سكانها مولودون فـي الخارج، ومعظمهم من العراق ونيجيريا والهند. أما فارمنغتون هيلز فتحتوي على نسبة أعلى منها تُقدَّر بـ١٨.٤ بالمئة وفـيها جالية عربية صغيرة الى جانب جالية هندية كبيرة، كما يشكل العراقيون أكبر نسبة من المهاجرين ستيرلنغ هايتس وماديسون هايتس ووست بلومفـيلد.
وقال كورت ميتزغر، وهو مختص ديموغرافـي ومدير مؤسسة «ديترويت داتا دريفن» الإحصائية إن «انجذاب المهاجرين يعود الى فضل الأسر الأخرى التي زرعت جذورها بنجاح فـي مجتمع معين»، وأضاف «إنّ الموجة الأولى من المهاجرين عادة تختار الموقع السكني».
وقال ميتزغر، الذي يرأس أيضاً بلدية بلزنت ريدج،
«يجد المهاجرون الأوائل الموقع الذي يرضيهم ثم يقومون بحث الأقارب والآخرين على أن يحذوا حذوهم، مما يولد الصلات الاجتماعية، ويؤسٍّس البنية التحتية الدينية والمتاجر العرقية والمطاعم التي يملكها المهاجرون. والتوطين بالقرب من أماكن العبادة فـي كثير من الأحيان فائق الأهمية» مشيراً الى «قول الإتحاد الكلداني بأن معظم الكلدان الأميركيين يعيشون على بُعد خمسة أميال من كنائسهم الحادية عشرة المنتشرة فـي مترو ديترويت – وهو الرقم الذي أصبح ضعف ما كان عليه قبل بضع سنوات»، بحسب ميتزغر.
Leave a Reply