شيكاغو
تعرض مراهق عربي أميركي للضرب المبرح على يد ثلاثة من عناصر الشرطة في إحدى ضواحي شيكاغو، مثيراً موجة احتجاجات ودعوى قضائية ضد الضباط المتورطين في الحادثة التي وقعت يوم 27 تموز (يوليو) الماضي.
ويوم الثلاثاء الماضي، أطلق سراح هادي أبو عاطلة (17 عاماً) من مركز احتجاز الأحداث في مقاطعة كوك، بعد تعافيه من الإصابات التي لحقت به قبل أسبوع، واتهامه رسمياً بحيازة سلاح ناري ومقاومة الاعتقال.
وكان في استقبال الضحية الفلسطيني الأصل، والداه وحشد من المحتجين ضد وحشية الشرطة الذين طالبوا بمحاسبة عناصر الشرطة الذين انهالوا بالضرب على المراهق العربي إثر محاولته الفرار منهم، حسبما أظهرت كاميرات الشرطة والمارة في قرية أوك لون المجاورة لمدينة بريدجفيو ذات الكثافة العربية الأميركية في ولاية إيلينوي.
وأظهر مقطع فيديو صوّره أحد المارة، المراهق وهو يتعرض للضرب المبرح ويتلقى اللكمات المتتالية من جانب رجال الشرطة الذين طرحوه أرضاً وكبلوا يديه خلف ظهره واستمروا في الاعتداء عليه.
وقال محامو أبو عاطلة، وهو طالب ثانوية في بريدجفيو. إنه تم نقل موكلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج، حيث تبين أنه يعاني من كسر في الأنف وكدمات في وجهه وظهره وذراعه اليمنى مع نزيف داخلي قرب دماغه وجبهته.
ووفقاً لمجلة «نيوزيويك» فإن مقطع الفيديو الذي تبلغ مدته دقيقة واحدة والذي تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر فيه ضابطين يقيدان هادي، الذي يبدو أنه لا يتحرك، بينما يُجبر على الاستلقاء على الأرض، ويتناوبان على ضربه مراراً وتكراراً. وقالت إنه يمكن رؤية الضباط يلكمونه 10 مرات على الأقل على ساقيه ووجهه. وفي منتصف الفيديو تقريباً.
ويمكن سماع المارة الذين يصورون الفيديو وهم يتساءلون عن سبب قيام الضباط بضرب «صبي صغير».
من جانبها، قالت دينا الناطور، والدة هادي، إن رجال الشرطة هاجموه وضربوه حتى الموت تقريباً، وأضافت: «لديه كسور في جميع أنحاء وجهه تقريباً، وهو في المستشفى الآن مع دعامة لرقبته».
فيما قال المحامي زيد عبدالله، محامي هادي، إن حالة موكله ليست جيدة في الوقت الحالي، وأضاف أنه يعاني من «ندوب عاطفية» لدرجة أنه لا يريد مشاهدة أي أحد سوى والدته ووالده».
وقالت سعدية بيرفيز، منسقة الاتصالات في «كير–شيكاغو»، إن أبو عاطلة لديه حتى الآن سجل نظيف وتدرب ليكون حلاقاً مثل والده. كما أشارت إلى أنه في أعقاب الحادث، نشر العديد من العرب في المنطقة على وسائل التواصل الاجتماعي أنهم يشعرون بعدم الأمان مع سلطات إنفاذ القانون المحلية.
من جانبها، قالت شرطة أوك لون إن أبوعاطلة كان مسلحاً بمسدس نصف آلي، موضحة أنه تم إيقاف سيارة بدون لوحة ترخيص أمامية، وقام الضباط باكتشاف رائحة مخدر الحشيش داخل السيارة،
وطلب عناصر الدورية من السائق أن يخرج من السيارة ويستلقي على الأرض، وامتثل لذلك بالفعل، لكن أبو عاطلة –الذي كان برفقته– حاول الهروب جرياً على الأقدام.
وعرضت الشرطة لقطات تظهر أبو عاطلة وهو يركض قبل أن يتصدى له الضباط، مشيرة إلى أن المشتبه به لم يستجب للضباط الذين أمروه بالتوقف، وعندما أمسك حقيبته وحاول فتحها، تعامل معه ضباط الشرطة بعنف لمنعه من إمساك المسدس.
وأكدت شرطة أوك لون في بيان أن رفض الاستماع إلى الأوامر الشفهية أدى إلى مواجهة جسدية مع ضابطين، وأوضحت أنها عثرت في وقت لاحق على مسدس شبه آلي بحوزة المراهق.
ولا تزال الحادثة قيد التحقيق من قبل شرطة ولاية إيلينوي وشرطة مقاطعة كوك.
دعوى قضائية
قال فرع مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) بشيكاغو في بيان له إنه يشعر بخيبة أمل وقلق بعد بيان شرطة أوك لون بشأن الواقعة التي استخدم فيها الضباط القوة المفرطة واعتدوا على هادي بالضرب الوحشي.
وأشارت «كير» إلى أن لقطات الفيديو أظهرت هادي وهو يتعرض للضرب الشديد بينما كان وجهه على الأرض ولا يتحرك، وذلك قبل أن تتقدم المنظمة الحقوقية بدعوى قضائية ضد ثلاثة ضباط في شرطة أوك لون وقائد الشرطة المحلية دانييل فيتوريو وبلدية أوك لون، بزعم انتهاك الحقوق الدستورية للمراهق الفلسطيني الأصل وانتهاك قانون ولاية إيلينوي.
ونفت «كير» مزاعم رئيس شرطة أوك لون، دانيال فيتوريو، بأن الصبي شكل تهديداً وشيكاً على حياة الضباط، مشيرة إلى أن الفيديو يظهر بوضوح أن القاصر الضعيف تم تقييده على الأرض من قبل أكثر من ضابط.
وقالت إنه تم تعديل مقطع فيديو تم مشاركته في المؤتمر الصحفي لإزالة صوت صرخات أبو عاطلة طلباً للمساعدة، والتي تم سماعها في مقطع فيديو آخر للحادث التقطه شاهد عيان.
وأكد بيان «كير» أن ضباط الشرطة ليسوا قضاة أو محلفين، ولا يمكنهم معاقبة مرتكبي الجرائم، ووظيفتهم هي احتجاز الأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم، والسماح لنظام العدالة بالتعامل معهم. وأضاف أن «القضية الرئيسية هنا تكمن في أن الضباط ظهروا وهم يضربون الصبي بوحشية بينما هو يواجه الأرض، وبغض النظر عن أي جريمة مشتبه بها، فبمجرد أن يلقى الصبي على الأرض، يجب أن يتم تقييده ووضعه في سيارة الفرقة. ولكن بدلاً من ذلك قرر الضباط تنفيذ العدالة بأيديهم وتركوا تحيزهم يؤثر سلباً على أدائهم المهني».
وفي السياق، نظمت «شبكة العمل العربي الأميركي» مسيرة خارج مركز احتجاز الأحداث تضامناً مع أبوعاطلة. وقال الأسقف تافيس غرانت، المدير الوطني لتحالف Rainbow PUSH: «المعاملة المتطرفة والمفرطة واللاإنسانية من قبل شرطة أوك لاون لن تمر دون حساب». وأضاف: «يجب فصل هؤلاء الضباط، ويجب إنهاء خدمتهم ويجب محاكمتهم إلى أقصى حد يسمح به القانون».
ومن جانبه، أعرب محمد سنكري، من شبكة العمل العربية الأميركية، عن «اشمئزازه لمشاهدة ثلاثة رجال بالغين يضربون قاصراً أمام الكاميرا بينما نسمع صراخه».
وأضاف «إنه أمر مرعب ومروع، ولا أستطيع أن أتخيل كيف كان الحال بالنسبة لعائلته وأصدقائه عند مشاهدة هذا الفيديو».
Leave a Reply