“14 آذار” تستغرب انتشار الجيش عند الحدود مع سوريا
راوحت الأزمة الحكومية مكانها في ظل تشبث رئيسها نجيب ميقاتي بموقفه الرافض لعقد جلسات بعد المواجهة الأخيرة مع وزراء التيار الوطني الحر على خلفية التعيينات في الظاهر، في حين تؤشر جولاته المكوكية التي استهلها هذا الاسبوع بزيارة العاصمة الفرنسية باريس الى ان الغايات والأسباب الحقيقية لردة فعل ميقاتي في الجلسة الأخير لمجلس الوزراء تحمل في طيّاتها ما هو أبعد من مجرد خلاف في وجهات النظر حول شأن داخلي، من دون أن تنطلق عجلة مساعي الحل، بسبب توافق ضمني على عدم التصعيد من قبل جميع الأطراف نتيجة الظرف السوري، وهو ما اشار اليه صراحة امين عام “حزب الله” في خطابه الأخير.
هذا التوافق غير المعلن أفرز جمودا في الحراك السياسي بإنتظار عودة ميقاتي من فرنسا، علما أن الجنرال ميشال عون لم يعد يحصر النزاع الأخير مع رئيس الحكومة بل تعداه الى رئيس الجمهورية ميشال سليمان على خلفية مواقف الأخير المنحازة الى جانب ميقاتي، فبلغ حد اتهام سليمان بـ”التواطؤ” مع رئيس الوزراء متساءلا “لماّذا أصر الرئيس سليمان على أن يأخذ ثلاثة وزراء، هل هو “كومسيونجي” يقبض على التوقيع؟”.
واتهم العماد ميشال عون رئيس الحكومة بسوء استخدام السلطة وتجاوز الدستور ولا سيما المادة 65 منه التي توجب انعقاد مجلس الوزراء في اجتماعات دورية، واضعا رد فعل ميقاتي بتعليق جلسات الحكومة في سياق “محاولة الهيمنة على القرار المسيحي ومصادرته”.
غير ان اللافت في الأزمة الراهنة ان جميع الاطراف المعنية تدرك ان الحفاظ على الحكومة الحالية مطلب أمني وسياسي لأسباب ترتبط بالملف السوري أولا، وهذا ما يفسر عدم التصعيد واطمئنان الرئيس نبيه بري نسبياً الى مسار الامور، بإستثناء توقفه عند الهجوم الذي شنته كتلة “المستقبل” برئاسة فؤاد السنيورة على الجيش اللبناني باعتبارها، في بيان بعد اجتماعها الدوري، ان تحركات الجيش عند القرى اللبنانية على الحدود مع سوريا تبدو “وكأنها تستهدف هذه القرى بدلاً من توفير الطمأنينة لها”. هذا الإتهام لاقى اعتراضاً من قبل بري والعديد من الشخصيات، وإن كان واضحاً ان بيان “تيار المستقبل” ينبع من موقفه ازاء الاحداث في سوريا.
بدورها، أعربت قوى “14 آذار” عن اسفها “لما حصل في مناطق عكار قبل أيام، حيث جرت عملية عسكرية (للجيش اللبناني) اتخذت شكل الإنزال وإقامة الحواجز، بما في ذلك داخل الأحياء، الأمر الذي لا يشبه أبداً الانتشار الطبيعي الذي لطالما طالبت به”.
في هذه الأثناء، أكد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله ان الحزب “حريص على استمرار الحكومة وليس مطلوباً وساطة، فمعالجة الازمة مسؤولية الجميع”، معلنا ان “لا حكومة جديدة وهذه الحكومة ستستمر علما أنها ليست حكومة حزب الله”.
ورأى السيد، في كلمة ألقاها، الأسبوع الماضي، لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف وأسبوع الوحدة الإسلامية، ان “هذه الحكومة بمعزل عن توصيفها حتى الآن هي أساس استقرار البلد ويجب أن نجهد لتنجز شيئاً”، معتبراً أن “الوقت الآن ليس وقت إسقاط حكومات ولا وقت توتير سياسي في لبنان، وعلينا بتعاوننا وإخلاصنا وانفتاحنا ان نتجاوز هذه المرحلة الصعبة”.
وللمرة الأولى في تاريخ المقاومة، أعلن السيد أن “حزب الله” يتلقى الدعم المعنوي والسياسي والمادي “بكل أشكاله الممكنة والمتاحة من الجمهورية الاسلامية في إيران منذ عام 1982″؛ في خطوة تحمل دلالات غير عادية تحمل رسالات محلية واقليمية ودولية مختلفة.
وفي ما يخص رؤية المقاومة في الداخل، لفت نصرالله الى “اننا نعتقد ونؤمن ونسلّم أننا في بلد متعدد ومتنوع، وأنا عندما أكون مسلماً وإسلامياً على مستوى الانتماء الفكري والديني ومحمدياً، فهذا لا يعني أن لا خيار سياسياً لدي سوى إقامة الدولة الاسلامية، ولذلك نحن كحركة إسلامية في لبنان عندما نتحدث عن تعاون وطني بين المسلمين والمسيحيين وعن ضرورة بناء دولة وطنية في لبنان يشارك فيها الجميع ويتمثل فيها الجميع وتخدم مصالح الجميع وتحمي الجميع، نحن لا نتكلم سياسة بل ننطلق من أصولنا الدينية العقائدية الفقهية، وهذا ليس تكتيكاً سياسياً”.
وأضاف ان “بعض الناس، ومن أجل التحريض، ينطلقون من مواقف أخذت في الـ1982 والـ1983 أننا نريد إقامة جمهورية إسلامية، وهذا صحيح لقد خطبنا بذلك في بداية الثمانينيات”، لكنه ذكّر “القيادات المسيحية اليوم التي تتحدث بالتعايش والسلم الأهلي كيف كانوا يتحدثون يومها بالوطن المسيحي والتقسيم والفدرالية”.
Leave a Reply