القاهرة – أصدر الرئيس المصري محمد مرسي الخميس الماضي مرسوماً يدعو لبدء إجراء الانتخابات البرلمانية في مصر في 27 من نيسان (أبريل) على أن تنتهي في تموز (يوليو). وقال المرسوم إن مجلس النواب الجديد سيجتمع في السادس من تموز، في خطوة اعتبرها المراقبون محاولةً من مرسي و«الإخوان» لإحكام قبضة التيار الإسلامي على الحكم لاسيما بعد «تصالح» الرئيس مع رجال أعمال محسوبين على نظام حسني مبارك، وتوجه المعارضة الى مقاطعة الإنتخابات بعد أن تم تجاهل مطالبها بتشكيل حكومة موسعة للإشراف على العملية الإنتقالية والتحضير لإنتخابات عادلة وشفافة.
الرئيس المصري محمد مرسي |
ويأمل مرسي وجماعة «الإخوان» أن يؤدي انتخاب المجلس النيابي إلى إتمام الانتقال السياسي المضطرب الذي شابه عنف دموي وتسبب في تعطيل جهود إحياء الاقتصاد الذي يعاني من أزمة عميقة.
لكن الانتخابات ستجرى وسط انقسام سياسي غير مسبوق بين الأحزاب الإسلامية التي كسبت كل الانتخابات التي أجريت بعد مبارك والأحزاب التي لا تنتمي للإسلام السياسي.
وفي ظل حالة الاستقطاب التي تشهدها مصر فإن الرهانات عالية بالنسبة لحزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين».
وكان الحزب قال إنه يسعى إلى الفوز بأغلبية مطلقة في الانتخابات وهي نتيجة إذا حدثت فسوف تتيح لمرسي لإحكام سيطرة «الإخوان» على مفاصل الدولة بعد احتوائها انتفاضة شعبية اندلعت بالذكرى الثانية لثورة «٢٥ يناير».
وستجرى الانتخابات، حسب مرسوم مرسي، على أربعة مراحل لضمان أن تكون تحت إشراف قضائي كامل كما ينص الدستور الجديد للبلاد الذي وضعه الإسلاميون حصراً وأقره الناخبون في كانون الأول (ديسمبر) وسط مقاطعة المعارضة.
ووضعت «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تقود المعارضة بمصر شروطا لحوار وطني دعا إليه مرسي وقالت إنها لن تخوض الانتخابات البرلمانية دون ضمانات لنزاهة الاقتراع ودون الاستجابة لمطالبها. وقال بيان أصدرته الجبهة «لا انتخابات قبل تحقيق مطالب الأمة (بينها تشكيل حكومة محايدة) وترسيخ ضمانات انتخابات نزيهة ومراقبة دولية وشعبية لها». وقالت المعارضة وعشرات المنظمات التي تراقب حقوق الإنسان إن الاستفتاء على الدستور شابته مخالفات ترقى لإبطاله وطالبت بإعادة الاقتراع لكن اللجنة القضائية التي أشرفت على الاستفتاء قالت إن تأثير المخالفات هامشي.
وفي سياق آخر، وبعد أيام من تصريحات احد رجال أعمال «الإخوان» البارزين حسن مالك من أنه طرح على نظام الرئيس محمد مرسي مبدأ «التصالح» مع رجال الأعمال التابعين أو المقربين من نظام مبارك، واسقاط أي تهم جنائية عنهم بل عودتهم لممارسة أعمالهم مجددا في مقابل تسويات مالية تقدر بالمليارات، خرجت حكومة هشام قنديل بقانون يطبق نصا ما دعا إليه مالك.
التعديل الذي أدخله مجلس الوزراء على قانون حوافز الاستثمار للتصالح مع رجال الأعمال يسقط الدعاوى القضائية ضدهم في حالة صدور حكم غيابي بالإدانة فقط، وهو أمر يفتح الباب أمام مجموعة كبيرة من رجال الأعمال الهاربين إلى الخارج من الاستفادة من ذلك القانون، وأبرزهم رجل الأعمال حسين سالم، ملك الغاز وصناعات البترول والصديق الشخصي لحسني مبارك والمتواجد حاليا في إسبانيا، بالإضافة إلى وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالي المتواجد في لندن منذ «ثورة 25 يناير»، ووزير الصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد المستقر في الإمارات عقب اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد مبارك بعدة أيام. وهؤلاء سيشكلون سنداً مالياً للبلاد ولطموحات «الإخوان» الإنتخابية لاسيما وأن طبقة رجال الأعمال تمتعت لسنوات طويلة بنفوذ واسع في البلاد في ظل مبارك ولها «ماكيناتها الإنتخابية» المعروفة.
التعديل القانوني جاء أيضا في اليوم التالي لاجتماع مرسي مع نحو 70 رجل أعمال اتفق فيه الطرفان على تشكيل لجنة تضم قانونيين يطرحون حلولاً مع رجال أعمال النظام السابق بشرط ضمان الحفاظ على حق الدولة. وأعرب مرسي حينها عن موافقته المسبقة على كل ما ستتخذه هذه اللجنة من قرارات.
وإذ كان «الإخوان» يسعون إلى التصالح بلهفة مع رجال أعمال مبارك، فيبدو أنه لا تزال لديهم خصومة مع رجال الأعمال الآخرين، حتى أن الرئيس مرسي في اجتماعه مع وفد رجال الأعمال في القصر الرئاسي، خرج كعادته عن البروتوكول وألمح إلى اتهام يطال رجل الأعمال الشهير سميح ساويرس بالتهرب الضريبي قائلا ان التصالح لن يشمل شخصاً باع شركاته بـ ٦٨ ملياراً بينما يرفض دفع الضرائب، وهو تلميح يبدو مسيئا لعائلة من عائلات رجال الأعمال الشهيرة، ويفتح الباب حول طبيعة المعلومات التي يمنحها مستشارو الرئيس له، كما يفتح قانون التصالح هذا الباب أيضا أمام تساؤلات حول طبيعة الدور الذي يلعبه قياديون في «الإخوان» في رسم التوجهات والخريطة الاقتصادية لمصر في الفترة المقبلة.
Leave a Reply