جيل ستاين: أميركا شريكة كاملة في جرائم الإبادة الجماعية في غزة
ديربورن هايتس - في فعالية احتجاجية أقيمت بـ«دار الحكمة الإسلامية» في مدينة ديربورن هايتس ضد جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، دعت مرشحة حزب الخضر للرئاسة الأميركية جيل ستاين، الخميس الماضي، إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، مشيدة بالشجاعة الأخلاقية التي تميز بها المجتمع العربي الأميركي بمنطقة ديترويت في مساندة الحقوق الإنسانية للفلسطينيين خلال الشهور الخمسة الأخيرة.
وندّدت الطبيبة التي تتحدر من أصول يهودية بدعم البيت الأبيض والكونغرس الأميركي للحرب الوحشية التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة رداً على عملية «طوفان الأقصى» في السابع من شهر تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم، موضحة بأن الولايات المتحدة تمدّ إسرائيل بحوالي 80 بالمئة من ترسانتها العسكرية «إما عن طريق المنح أو عبر صفقات البيع التي تشمل عديد الأسلحة التقليدية والقنابل والصواريخ المتطورة، وبما يعادل 3.5 مليار دولار سنوياً».
وأعربت المرشحة الرئاسية في الانتخابات الأميركية لعام 2024 عن استيائها العارم من تواطؤ الكابتيول الأميركي مع إدارة الرئيس جو بايدن الداعمة لدولة الاحتلال، وقالت «إن الأميركيين هم شركاء كاملون في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي المستمرة في غزة منذ أكثر من خمسة شهور»، منوهة بأن الكونغرس يعدّ العدة في الوقت الحالي لتقديم 17 ملياراً إضافياً لكي تواصل إسرائيل حربها ضد الفلسطينيين.
زعيمة حزب الخضر التي خاضت سباق الرئاسة الأميركية في عامي 2012 و2016، استدركت بالقول: «إن الأموال والمساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل لا تتوخى مواصلة الحرب في قطاع غزة وحسب، وإنما تستخدم أيضاً لتوسيع رقعة الحرب في الشرق الأوسط، ما ينذر بمزيد من الكوارث والمآسي الإنسانية في المستقبل»، واصفة ما يحدث على المسرح السياسي في أميركا، بـ«الجنون».
إضافة لذلك، شجبت ستاين التدخل العسكري الأميركي في كل من العراق وسوريا واليمن، مبديةً تخوّفها من أن يسهم ذلك في تأجيج الصراع المسلح وتهديد الاستقرار في بلدان الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران التي تقيم تحالفاً عسكرياً واستراتيجياً مع روسيا «النووية»، ويُنذر بالتالي باحتمال الانزلاق إلى حرب نووية لا تُحمد عقباها، على حد تعبيرها.
ستاين التي بدأت حياتها السياسية في الحزب الديمقراطي قبل الانتقال إلى حزب الخضر، حذرت من أن أية حرب نووية في المستقبل ستسفر عما يسمى بـ«الشتاء النووي»، الذي لن تقتصر تداعياته الكارثية على الأطراف المتصارعة وإنما على جميع البشر. وقالت: «لهذا السبب نحن مهتمون للغاية بما يجري في تلك المنطقة، كما ندعو ونحث على التخلص من الترسانات النووية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، وإسرائيل التي تمتلك قنابل نووية بشكل غير شرعي».
وأضافت ستاين: «هذه الحرب خطيرة جداً بالنسبة لنا جميعاً»، فضلاً عن أنها تزيد من أعباء دافعي الضرائب الأميركيين، حيث أن «آلة الحرب الأميركية تكلفنا أكثر من تريليون دولار سنوياً»، بالإضافة إلى ما يربو على 500 مليون دولار أخرى لتمويل الوكالات والبرامج الأمنية التي تسعى إلى تطويق آثار الحروب والنزاعات المسلحة.
وأوضحت ستاين بأن هذه التكاليف «مجتمعة» تزيد بأكثر من النصف على الميزانية التي يقرّها الكونغرس الأميركي، في الوقت الذي يكافح فيه معظم الأميركيين للاحتفاظ بـ«سقوف فوق رؤوسهم»، وقالت «إن هذا الوضع غير مقبول على الإطلاق، فمعظم طلبتنا يعانون، ومعلمونا لا يتلقون أجوراً كافية، ويوماً بعد يوم تزداد الهوة بين الأغنياء وعموم الشعب الأميركي».
وأشارت ستاين، المتخرجة من كلية الطب بـ«جامعة هارفرد»، إلى أن 87 مليون أميركي يفتقدون للضمان الصحي كلياً أو جزئياً، إلى جانب ما يزيد على 100 مليون عالقين في الديون الطبية.
السباق الرئاسي
فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية التي تخوضها للمرة الثالثة، أعربت ستاين عن تخوفها المزدوج من مرشحي الرئاسة، الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بادين، وقالت: «إنني لا أحب ترامب الذي يسعى دائماً إلى شيطنة مجتمعات المهاجرين في الولايات المتحدة، كما أنني لا أحب بايدن الشريك في جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة»، لافتة إلى حساسيتها الفائقة من جرائم التطهير العرقي لكونها سليلة أسرة يهودية هاجرت من أوروبا الشرقية إلى الولايات المتحدة هرباً من الهولوكست النازي في أواسط القرن الماضي.
وقالت ستاين: «إن جرائم الإبادة لا يجب أن تحدث لأي كان، وعندما أشاهد ما يجري في غزة، فإن ذلك يصعقني، ولا يمكنني أن أجد الكلمات الكافية لوصف تلك الجرائم»، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تسببت بمقتل أكثر من مليون شخص خلال غزوها للعراق في عام 2003، إضافة إلى حوالي 5 ملايين آخرين خلال عملياتها المصممة لملاحقة الإرهابيين في 85 بلداً حول العالم.
وبحسب ستاين، فقد قامت الولايات المتحدة خلال الثلاثين عاماً الأخيرة بـ70 عملية عسكرية وتدخلت 250 مرة ضد عديد الأنظمة السياسية حول العالم، وقالت: «إن العالم لن يتسامح معنا، وقد حان الوقت للانتقال من عالم أحادي القطب إلى عالم متعدد الأقطاب».
وفي ختام كلمتها، أشادت ستاين بالحراك الشعبي الأميركي المعارض للحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، حيث نزل ملايين الأميركيين إلى الشوارع للمطالبة بوقف الحرب وتجميد المساعدات الأميركية للدولة العبرية، بمن في ذلك عشرات آلاف الطلبة في معظم الجامعات الأميركية، الذين أكدوا بوضوح وصلابة على أن الحرب في الأراضي المحتلة، «يجب أن تتوقف فوراً».
وتطرقت ستاين إلى حملة التصويت بـ«غير ملتزم» خلال الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية أواخر الشهر الماضي، وقالت: «لقد حان الوقت للانتقال من خيار «غير ملتزم» إلى خيار «ملتزم» والتصويت لمرشحي حزب الخضر في مجمل الانتخابات المحلية والوطنية، من أجل وقف الجرائم والحروب في جميع أنحاء العالم».
وكان الناشط الاجتماعي وسام شرف الدين قد استهل الفعالية التضامنية مع غزة بالتأكيد على أن مشاركة ستاين لا تندرج ضمن الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة الأميركية، بقدر ما هي فرصة للتعبير عن مواقفهم ورؤاهم السياسية في مجمل القضايا التي تهم الشعب الأميركي، لافتاً إلى أن المنظمين قاموا بتوجيه الدعوة عبر البريد الإلكتروني لجميع المرشحين الرئاسيين للبيت الأبيض في عام 2024.
وشجب شرف الدين الذي أشرف على تنظيم زيارة ستاين إلى منطقة ديترويت، مواقف السياسيين الأميركيين المتواطئين مع الحرب الإسرائيلية ضد المدنيين العزّل في القطاع المنكوب، والتي أسفرت عن استشهاد ما يقدر بنحو 40 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، فضلاً عن الدمار الهائل في المرافق العامة والبنى التحتية.
من جانبه، اعتبر إمام «دار الحكمة الإسلامية»، الشيخ محمد علي إلهي، إن قدوم ستاين ذات الأصول اليهودية إلى منطقة ديربورن هو دليل إضافي على أن الصراع في الأراضي المحتلة ليس نزاعاً دينياً بين اليهود والمسلمين، وإنما هو صراع بين الحق والباطل، وبين العدل والظلم، وقال: «إن جرائم الإبادة والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين، هي أيضاً جرائم ضد اليهود أنفسهم، لأنها تحاول اختطاف اليهودية ووضعها في مواجهة الإسلام».
وأشاد إلهي بمواقف ستاين التي أطلقت صرختها في وقت مبكر للمطالبة بوقف فوري ودائم للحرب في غزة، ووصفها بـ«القائدة العظيمة التي تواصل رحلة عظيمة، ألا وهي رحلة الدفاع عن العدالة والحقوق ومقاومة القمع والاستبداد والاحتلال والغطرسة»، وقال: «إن ستاين هي مثال مشرف يجعلنا نشعر بالفخر لوجود قادة من أمثالها في أميركا».
Leave a Reply