كارسون، ديربورن – خاص “صدى الوطن”
خرجت المرشحة الجمهورية لعضوية مجلس الشيوخ الأميركي (فرع “حفلة الشاي”) عن ولاية نيفادا شارون آنغل، عن الحد الأدنى للمنطق الخطابي الانتخابي، وقررت الاستخفاف بعقول ناخبي الولاية عندما “أخبرتهم” أن مدينة ديربورن ومدنا أميركية أخرى وقعت تحت حكم “الشريعة الإسلامية” بفضل واقع ارهابي مقاتل يسعى الى اخضاع بعض المدن الأميركية للشريعة الإسلامية!
وجاءت ملاحظات المرشحة آنغل خلال تجمع إنتخابي لمؤيدي “حفلة الشاي” وهي جماعات تقف على يمين الحزب الجمهوري وتسعى إلى إيصال مرشحين عنها في انتخابات الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.
ورداً على سؤال لأحد المؤيدين، خلال اللقاء الذي حصلت وكالة “أسوشتيد برس” على تسجيل لوقائعه نقلاً عن محطة “ميسكيت” المحلية في نيفادا التي تحمل إسم المنتجع الذي احتضن الحفلة، حيث سألها: “أسمع دائما عن مسلمين يريدون السيطرة على الولايات المتحدة.. في أحد البرامج التلفزيونية البارحة، شاهدت أنهم (المسلمون) يسيطرون على مدينة في ميشيغن وأن سكان المدينة يريدون إخراجهم منها. لذا اريد أن اسمع منك رأيك حول هذا الأمر”. وأجابت آنغل: “إننا نتحدث عن وضع إرهابي مقاتل، أعتقد أنه غير منتشر على نطاق واسع، لكنه كاف لفرض الحاجة الى مواجهته، ونحن نقوم بمواجهته”.
أضافت آنغل “هذه هي أفكاري: أولا، ديربورن (ميشيغن)، وفرانكفورد (تكساس) هما مدينتان على الأرض الأميركية وتخضعان للقانون الدستوري، وليس لقانون الشريعة، ولا أعرف كيف حصل ذلك في الولايات المتحدة، لكن يبدو لي أن ثمة شيئا غلط في أساسه بالسماح لنظام أجنبي بأن يحظى بموقع أية بلدية أو حكومة في ولاياتنا المتحدة الأميركية”.
وفي حين تتميز مدينة ديربورن بجالية عربية أميركية مزدهرة، لم يكن واضحا لماذا أفردت آنجل أيضا فرانكفورد (تكساس) وهي بلدة سابقة جرى ضمها الى مدينة دالاس في العام 1975. وردا على السؤال ذاته عقدت آنغل مقارنة بين هجمات “11 أيلول” الإرهابية و”الهولوكست” النازية. وقالت إن مالكي العقار الذين يقفون وراء مشروع بناء “المركز الثقافي الإسلامي” بالقرب من موقع الهجمات في منهاتن في نيويورك يجب عليهم نقله الى مكان آخر احتراما للضحايا الذين قضوا في الهجمات.
واستطردت آنغل لتقول “إن الكنيسة الكاثوليكية امتلكت عقارا بالقرب من معسكر الاعتقال النازي (أوشفيتز) وكانوا ينوون بناء كنيسة بالقرب من موقع المعسكر النازي السابق لكنهم تخلوا عن ذلك وقالوا إننا سنسمح للشعب اليهودي بإقامة نصب تذكاري قرب الموقع لأنهم فقدوا فيه أرواحا. لقد تحلوا بمسؤولية الإحساس تجاه ما حصل هناك والأمر ذاته ينطبق على موقع هجمات “11 أيلول” (غرواند زيرو) فنحن لدينا مسؤولية لأن نشعر بالخسارة الوطنية، وبخسارة العائلات وبالضحايا الذين سقطوا هناك”.
وبدا أن آنغل كانت تشير الى الدير الروماني الكاثوليكي بالقرب من موقع أوشفيتز الذي أبيد فيه يهود على أيدي النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وبأن البابا يوحنا بولس الثاني أمر بنقل مشروع بناء الدير في العام 1993 استجابة لاحتجاجات يهودية.
من جانبهم تحاشى آخرون، ومن بينهم “عصبة الدفاع اليهودية” وهي أقوى منظمة حقوق يهودية في أميركا، الحديث عن الدير الكاثوليكي، في الوقت الذي عبروا عن معارضتهم لبناء “المركز الثقافي الإسلامي”.
غير أن “عصبة الدفاع اليهودية” شددت دائما على أن هجمات “11 ايلول” و”الهولوكست” قضيتان منفصلتان، وحادثتان لا وجه للمقارنة بينهما. وتجنبت حملة المرشحة آنجل الإجابة عن أسئلة حول تصريجاتها الغريبة. وقال الناطق باسم الحملة جارود آيجن في رسالة بريد الكتروني: “إنني متأكدة تماما أنها (آنجل) أوضحت بأنه كان ثمة “حوادث” في الأخبار، لكن لا شيء على نطاق واسع، وبأن لدينا حرية المعتقد الديني في هذه البلاد”.
من جهته وصف الناطق باسم “مجلس العلاقات الإسلامية-الأميركية” (كير) ابراهيم هوبر تصريحات آنجل بـ”الغريبة” وقال “تبدو (التصريحات) نموذجا عن التعصب غير المتسق. ومن الواضح جدا بأن لديها شيئا ضد الإسلام والمسلمين لكنها مشوشة وغير متسقة الى حد لا يمكنك معرفة ما تتبناه”. أضاف هوبر “إن الإجابة الملائمة كان يمكن أن تكون: الأميركيون المسلمون هم مواطنون كأي مواطنين آخرين، وهم أحرار في ممارسة معتقداتهم، عوضا عن الظهور بمظهر الموافق أن المسلمين يسعون الى السيطرة على أميركا”.
أورايلي يعلق
من ناحيته علق رئيس بلدية ديربورن جاك أورايلي على تصريحات آنجل في مقابلة مع محطة “سي أن أن” واصفا تلك التصريحات بـ”المعيبة”. وقال “إن مجموعات “حفلة الشاي” اشاعت خطأ بأن مدينة ديربورن وقعت تحت حكم الشريعة الإسلامية بعدما تم توقيف أعضاء من مجموعة مناهضة للإسلام في مهرجان تراثي عربي في حزيران الماضي، وبسبب أن متطوعا مسيحيا اشتكى من المضايقة على خلفية هذا التوقيف”.
وأوضح أورايلي أن المرشحة آنجل “أخذت هذه الحادثة وبنت عليها دون تمحيص وأقدمت على خبثنة مدينة ديربورن وأنا أعتبر الأمر برمته يدل على انعدام المسؤولية كليا لديها”. أضاف أورايلي “اذا أرادت الحضور الى ديربورن، فأنا سأصطحبها في جولة في أرجاء المدينة وأبين لها أننا نتبع الدستور الأميركي تماما مثل أي شخص آخر”.
وكانت المرشحة آنجل وهي معمدانية جنوبية قد أطلقت على نفسها لقب “السياسية المرتكزة الى قاعدة إيمانية”. ومن مواقفها، اعتراضها على الإجهاض في كل الظروف، بما فيها الحمل الناتج عن الاغتصاب. ولا تؤمن آنجل بأن الدستور يفرض الفصل بين الكنيسة والدولة.
وتخوض آنجل سباقا انتخابيا محموما ضد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد. وأظهر أحدث استطلاع تعادلا بين آنجل وريد في التنافس البارز الذي يخوضانه للحصول على أحد مقعدي ولاية نيفادا.
وفي حملته قال ريد أن تصريحات آنجل تساعد في إظهارها خارجة عن سياق المزاج الأميركي العام.
وقالت الناطقة باسم الحملة الانتخابية للسناتور ريد كيلي سينل “إن حقيقة أن شارون آنجيل تؤمن بأن مدنا أميركية قد تمت السيطرة عليها بواسطة منظمات إرهابية مقاتلة تحكم مواطنينا وفق “قانون الشريعة” تظهر نقصا مرعبا في الاتصال بالواقع واستعدادا للانخراط في نظريات المؤامرة والتي تبرهن أنها متطرفة الى أبعد الحدود وخطرة على تمثيل سكان نيفادا في مجلس الشيوخ الأميركي”.
Leave a Reply