في ظاهرة هي الأولى من نوعها بتاريخ الولايات المتحدة ناهز عدد المرشحين المسلمين للانتخابات التمهيدية الأميركية هذا العام الـ90 مرشحاً بينهم 50 لازالوا يواصلون المنافسة لاحتلال مناصب تشريعية وتنفيذية رفيعة على المستوى الفدرالي وعلى مستوى الولايات.
انحسار عدد المرشحين إلى ما يقارب النصف تقريباً، يعود إلى انسحاب البعض من السباقات الانتخابية، وإقصاء البعض الآخر رغم بداياتهم المبشرة، مثل الديمقراطي آصف محمود، الذي نجح بجمع مليون دولار من التبرعات في حملته لمنصب مفوض التأمين في ولاية كاليفورنيا. وكذلك مثل رجل الأعمال طاهر جاويد الذي حل في المرتبة الثانية بتصفيات الحزب الديمقراطي على سباق الكونغرس الأميركي بولاية تكساس، على الرغم من حصوله على دعم زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، السناتور عن ولاية نيويورك تشاك شومر.
ورغم أن عدد المرشحين المسلمين في انتخابات 2016 لم يتجاوز العشرة، إلا أن محللين سياسيين ومراقبين إعلاميين يعزون العدد القياسي للمرشحين المسلمين لانتخابات 2018 إلى الخطاب المعادي للمسلمين الذي انتهجه الرئيس دونالد ترامب منذ إطلاق حملته الانتخابية، والذي تبدى بشكل واضح وفجّ بدعوته إلى «حظر سفر المسلمين»، وسط تأجيج لوتيرة الإسلاموفوبيا في أعقاب وصوله إلى البيت الأبيض.
وبحسب منظمة «جيت باك»، ما يزال هناك 9 مرشحين مسلمين يخوضون السباق للفوز بمقاعد في الكونغرس الأميركي، وهناك ما لا يقل عن 18 يخوضون حملاتهم للحصول على مناصب في المجالس التشريعية على مستوى الولايات، و10 آخرين يسعون لشغل مناصب تنفيذية في ولاياتهم، بينهم المرشح عبدول السيد الذي يخوض سباقاً انتخابياً محتدماً في ميشيغن ليصبح أول حاكم ولاية مسلم في تاريخ أميركا.
وبالنظر إلى توزّع المرشحين، يبدو أن ميشيغن التي تضم كثافة عربية وإسلامية متجذرة وفاعلة، تحظى بحصة الأسد بما لا يقل عن 9 مرشحين من العرب المسلمين الساعين للفوز بمناصب تشريعية وتنفيذية، وهم –إلى جانب السيد– كل من المرشحتين رشيدة طليب وفيروز سعد لمجلس النواب الأميركي، والمرشح لمجلس شيوخ الولاية إبراهام عياش، والمرشحين لمجلس نواب الولاية عبدالله حمود وسعد المسمري وأسماء الحسن، إضافة إلى المرشحين لمجلس مفوضي مقاطعة وين، آل هيدوس وحسان (سام) بيضون.
كما تشهد العديد من الولايات الأميركية الأخرى حضوراً لافتاً لمرشحين مسلمين. ففي ولاية ماساتشوستس تخوض الإفريقية الأميركية طاهرة أمة الودود سباقاً محتدماً على مقعد الدائرة الأولى لمجلس النواب الأميركي بمواجهة النائب المخضرم ريتشارد نيل.
وفي ولاية مينيسوتا، يتنافس في الانتخابات التمهيدية المقررة في 14 آب (أغسطس) المقبل خمسة مرشحين ديمقراطيين، بينهم مسلمان صوماليان، للفوز بمقعد أول عضو مسلم في الكونغرس الأميركي، النائب كيث أليسون، الذي قرر الترشح لمنصب المدعي العام بالولاية. والمرشحان هما عضو مجلس نواب مينيسوتا إلهان عمر والناشط جمال عبد الله.
وتأتي موجة المرشحين المسلمين غير المسبوقة وسط ارتفاع حاد لوتيرة الإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة وعموم البلدان الغربية. إذ لم يُقابل ترشّح المسلمين بالورود رغم انفتاح الديمقراطيين والتقدميين على انخراطهم في العملية السياسية، حيث أن أكثر من 90 بالمئة من المرشحين المسلمين ينتمون إلى الحزب الأزرق.
وعلى الرغم من التحديات والمصاعب التي تعرض لها المرشحون المسلمون من خلال الاعتداءات والتحرشات بهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن معظمهم قرر متابعة الحملة الانتخابية رافعين شعار تحدي الإسلاموفوبيا.
وعلى سبيل المثال، فإن المرشحة المسلمة للكونغرس الأميركي عن ولاية أريزونا، ديدرا عبود –ورغم كونها مرشحة جمهورية– لم تنجُ من مضايقات الجماعات اليمينية المتشددة التي تظاهر بعض أفرادها بالسلاح قرب فعاليات انتخابية كانت تحضرها، كما تلقت وابلاً من الهجمات المعادية للإسلام عبر موقع «فيسبوك» في تموز (يوليو) الماضي، ما دفع السناتور الجمهوري المنتهية ولايته جيف فلايك، والذي تتطلع المرشحة المسلمة لخلافته، إلى الدفاع عنها على موقع «تويتر».
كذلك، أبلغت المرشحة لمنصب رئاسة بلدية مدينة روتشستر بولاية مينيسوتا ريجينا مصطفى، السلطات عن تعرضها لتهديدات معادية للمسلمين، عبر المواقع الاجتماعية.
كما تعرض المرشح الجمهوري للكونغرس الأميركي عن مدينة سان دييغو بولاية كاليفورنيا عمر قدرات في العديد من المناسبات إلى تساؤلات من أعضاء حزبه حول عقيدته الدينية.
وفي هذا الإطار، قد يصح المثل القائل: «رب ضارة نافعة»، فعلى الرغم من الآثار الضاغطة للإسلاموفوبيا على العرب والمسلمين في الولايات المتحدة، إلا أن تلك الضغوط لم تنجح في إخافتهم وإقصائهم عن المحافل السياسية والثقافية والاقتصادية. بل على العكس.. قوت إرادتهم ورفعت سقف طموحاتهم، للتأكيد على أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب الأميركي من جهة، وعلى رفضهم الاستسلام والانزواء أمام الخطابات المعادية لهم، من جهة أخرى!
تجدر الإشارة إلى أن الانتخابات التمهيدية في ولاية ميشيغن ستجري في 7 آب (أغسطس) المقبل، وبهذه المناسبة نهيب بأبناء الجالية الكرام أن يتوجهوا بكثافة إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم، فالمشاركة الانتخابية هي الطريقة الوحيدة للحفاظ على الحقوق المدنية والدستورية في وطننا الجديد!
Leave a Reply